الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثّانية عشرة بعد الخمسمئة [المقدّرات - المحقّقات]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
المقدّرات لا تنافي المحقّقات (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
المقدّرات: جمع مقدّرة، وهي صفة لموصوف محذوف تقديره: الأحكام المقدّرة - أي الأحكام التي قدّرها الشّرع وبيَّن كنهها وغاياتها ومقاديرها. أي فرض لها أحكاماً معيّنة.
وأصل مادة مقدّرة: قُدِّر يُقدَّر تقديراً، أي بلغت بالشّيء كنهه ونهايته (2)، فما قُدِّر من الأحكام الشّرعيّة لا ينافي الأحكام المتيقّنة المحقّقة؛ لأنّه من باب إعطاء المعدوم حكم الموجود؛ لتصحّ الأحكام وما يبنى عليها.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا اشترى شخص أمَة شراء صحيحاً، أبيح وطؤها للمشتري بالإجماع؛ لأنّها أصبحت مِلكه، لكن إن اطّلع على عيب فيها يوجب الرّدّ، فإنّ الرّدّ بالعيب نقض للعقد من أصله - في قول - فترتفع الإباحة المترتّبة على العقد الصّحيح، مع أنّها واقعة بالإجماع. وكذلك
(1) الفروق جـ ص 71.
(2)
معجم مقاييس اللغة مادة "قدر".
العقد واقع أيضاً، ورفع الواقع محال عقلاً، والمحال عقلاً لا يردّ الشّرع بوقوعه، فيتعيّن أن يكون هذا الارتفاع تقديراً لا تحقيقاً، أي فرضاً لا واقعاً، فيحكم صاحب الشّرع بأنّ العقد الموجود والإباحة الموجودة المترتّبة عليه وجميع آثاره في حكم العدم - وإن كانت موجودة - ولا تنافي بين ثبوت الشّيء حقيقة وعدمه حكماً.
ومنها: تقدير ملك القتيل الدّيّة قبل موته بالزّمن الفرد - أي في آخر لحظات حياته - ليصحّ الإرث. لأنّ ورثته إنّما يرثون ما كان مملوكاً له حال حياته، لا بعد موته، لأنّ الميّت لا يملك بعد موته.
ومنها: صوم التّطوّع يصحّ بنيَّة من الزّوال، وتنعطف هذه النّيّة تقديراً إلى الفجر. مع أنّ الواقع عدم النّيّة من الزّوال إلى الفجر.