الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: من أمثلة هذه القواعد ومسائلها:
إذا كان لرجلين على رجل ألف درهم، فلو استأجر منه أحدهما داراً بحصّة من الدّين وسكنها، فهو بمنزلة قبض نصف الدّين، وإقراره باستيفاء نصيبه، فلشريكه أن يأخذه بنصفها؛ (لأنّ المنافع مال في حكم العقد).
ومنها: من غصب عبداً وآجره، فأجرته للّذي أجره؛ لأنّه في ضمانه، ولأنّه بعقده صيّر ما ليس بمال مالاً - ولكن ينبغي أن يتصدّق به؛ لأنّه حصل بكسب خبيث، وإن دفعه إلى المولى قهو للمولى. وعند غير الحنفيّة الأجرة للمولى على كلّ حال.
ومنها: إذا قال صاحب الأرض للعامل: اعمل ببذري في أرضي بنفسك وبقرك وأُجَرائك، فما خرج فهو كلّه لي. جاز والعامل معين؛ لأنّ صاحب الأرض استعان به في العمل حيث لم يشترط له بمقابلته شيئاً. وليس للعامل شيء؛ لأنّه رضي أن يعمل بدون مقابل.
وأمّا إن قال صاحب الأرض: على أنّ الخارج كلّه لك، فهو جائز أيضاً، وصاحب الأرض معير لأرضه، مقرض لبذره؛ لأنّه شرط للعامل جميع الخارج، وكانت الأرض معارة؛ لأنّ منفعة الأرض متقوّمة بنفسها، فلا تتقوّم إلا بتسمية البدل بمقابلتها ولم يوجد.
ومنها: إذا اتّفق ربّ الأرض والعامل على عقد مزارعة بنسبة بينهما، - وكان البذر على صاحب الأرض - فبعد أن كرب العامل الأرض - أي حرثها - وحفر مجاري مائها وأعدّها للزّراعة، بدا لربّ
الأرض أن لا يزرعها، كان له ذلك؛ لأنّه قد يتضرّر بالمضي على العقد من حيث إتلاف البذر بإلقائه في الأرض، ولا يعلم أيحصل الخارج أم لا، ثم لا شيء للعامل؛ لأنّ المنافع لا تتقوّم إلا بالتّسمية، والمسمّى للعامل بإزاء عمله بعض الخارج، ولم يحصل الخارج.
ولكن من باب مراقبة الله تعالى وحتى لا يضيع على العامل تعبه وجهده يطالب ربّ الأرض بأن يعطى العامل أجر مثله، لأنّه إنّما عمل ليزرع فيحصل له الخارج، فإذا أخذ ربّ الأرض الأرض بعد إقامة هذه الأعمال كان غارّاً للعامل ملحقاً الضّرر به والغرور والضّرر مدفوعان.