الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدتان الرّابعة والخامسة والتّسعون بعد الأربعمائة [المفهوم]
أولاً: ألفاظ ورود القاعدة:
المفهوم لا يكون حجّة في الاستحقاق (1).
وفي لفظ: مفهوم النّص ليس بحُجّة (2).
ثانياً: معنى هاتين القاعدتين ومدلولهما:
مفهوم النّص: المراد به عند الأصوليين والفقهاء، مفهوم المخالفة.
ومعنى مفهوم المخالفة: ما يفهم عن اللفظ في يسير محلّ النّطق، أو أنّ الحكم المسكوت عنه يخالف حكم المنطوق به. ويسمى دليل الخطاب أيضاً (3).
فمفهوم المخالفة لا يكون حجّة ولا دليلاً للاستحقاق، ولا يعتدّ به في الأحكام عند الحنفيّة، وإن كان غيرهم يعتبره.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
في قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (4) فمفهومه أن مَن لم يشهد الشّهر لا يجب عليه صومه.
(1) المبسوط جـ 22 ص 25.
(2)
نفس المصدر جـ 5 ص 202.
(3)
الإيضاح ص 22.
(4)
الآية 185 من سورة البقرة.
ومنها: قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (1) فمفهومه أنّه لا يجوز الزّواج من الأمَة غير المؤمنة، وهذا عند غير الحنفيّة، وأمّا عند الحنفيّة فلا يأخذون بهذا المفهوم.
ومنها: وجوب النّفقة للمعتدّة من طلاق بائن وهي غير حامل مع السّكنى عند الحنفيّة ورواية عن أحمد بن حنبل رحمه الله. خلافاً للشّافعيّة والمالكيّة (2) الذين يرون أن لا نفقة لها إلا إذا كانت حاملاً استدلالاً بالمفهوم من قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (3). فأخذوا من ذلك عدم استحقاق النّفقة للبائن غير الحامل المعتدّة، ولها السّكنى فقط (4). والوجه الرّاجح عند أحمد رحمه الله أنّه لا نفقة لها ولا سكنى (5).
ومنها: إذا قال المضارب: إنّ لربّ المال ثلث الرّبح. ولم يسمّ المضارب لنفسه شيئاً، قالوا: هذه مضاربة فاسدة في القياس؛ لأنّهما لم
(1) الآية 25 من سورة النساء.
(2)
ينظر عقد الجواهر الثمينة جـ 2 ص 310.
(3)
الآية 6 من سورة الطّلاق.
(4)
ينظر روضة الطالبين جـ 6 ص 475 - 476.
(5)
ينظر المقنع مع الحاشية جـ 3 ص 308 - 309.
يبيّنا ما هو المحتاج إليه وهو نصيب المضارب من الرّبح. ولأنّه ليس من ضرورة اشتراط الثّلث لربّ المال اشتراط ما بقي للمضارب، فإنّ ذلك من المفهوم. والمفهوم لا يكون حجّة في الاستحقاق؛ لاحتمال أن يكون مراده اشتراط بعض الرّبح لعامل آخر يعمل معه.
لكن قالوا: هذه مضاربة جائزة استحساناً؛ لأنّ عقد المضاربة عقد شركة في الرّبح، فإذا بيّن نصيب أحدهما كان ذلك بياناً في حقّ الآخر.
ودليل الاستحسان قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} (1).
(1) الآية 11 من سورة النساء.