الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا قال: اشتر لي فرساً، أو سيّارة، ولم يحدّد النّوع، ولا اللون، ولا أي صفة من الصّفات مقيّدة، ولم يكن له عادة معروفة في اقتناء الخيل أو السّيّارات، فأيُّما فرس اشتراه الوكيل، أو أي سيّارة ابتاعها فهي تلزم الموكِّل، ويجبر على قبولها؛ لأنّه أطلق كلامه، ولم يقيّده بالنّصّ على القيد. ولم يقم دليل على التّقييد بصفة مخصوصة.
ومنها: قال: إذا سألك سائل فأعطه، فأيّما سائل سأله ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبيراً، فأعطاه برئت منه الذّمّة، وأدّى ما هو مطلوب منه.
ومنها: إذا قال ربّ المال للمضارب: اعمل برأيك. فدفع المضارب المال إلى آخر مضاربة على أكثر من نصيبه يجوز (1). لأنّه قال له: اعمل برأيك، ولم يقيّد بقيد.
ومن الأمثلة التي وقع فيها الخلاف:
إذا وكَّله بشراء جارية وسمّى جنسها وسنّها وثمنها، فاشتراها له عوراء أو عمياء أو مقطوعة اليدين أو الرّجلين أو إحداهما أو مقعدة، فهي جائزة على الآمر عند أبي حنيفة رحمه الله. إذا اشتراها بمثل القيمة، أو بما يتغابن به الناس، وعند صاحبيه لا تلزم الآمر ولا تجوز عليه بهذه الصّفات، ويكون الوكيل مشترياً لنفسه؛ لأنّهما يعتبران
(1) شرح الشيخ أحمد الزرقا رحمه الله ص 265 وفيه تفصيل مفيد فلينظر هناك.
العرف، وشراء ما فيها هذه العيوب غير متعارف بين الناس؛ لأنّه يفوت منفعتها.
ومنها: إذا وكّل رجلاً أن يهب هذا الثّوب لفلان، على عوض يقبضه منه - ولم يسمّ مقدار العوض - ففعل ذلك غير أنّ العوض أقلّ من قيمة الثّوب الموهوب. فهو جائز في قول أبي حنيفة بناء على أصله في اعتبار إطلاق اللفظ، ولا يجوز على قولهما إلا أن يكون العوض مثل الموهوب أو دونه بما يتغابن الناس في مثله، بناء على أصلهما في تقييد مطلق اللفظ باعتبار العادة.