الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- وفيها: قال المروذي: سمعت أبا عبد الله، وذكر المريسي، فقال: كان أبوه يهوديا، أي شيء تراه يكون؟ (1)
- وفيها: قال قتيبة: بشر المريسي كافر. (2)
- وفيها: قال أبو عبد الله: كان بشر يحضر مجلس أبي يوسف، فيصيح، ويستغيث، فقال له أبو يوسف مرة: لا تنتهي أو تفسد خشبة، ثم قال أبو عبد الله: ما كان صاحب حجج، بل صاحب خطب. (3)
- وفي السنة لعبد الله: عن يحيى بن أيوب قال: كنت أسمع الناس يتكلمون في المريسي فكرهت أن أقدم عليه حتى أسمع كلامه لأقول فيه بعلم، فأتيته فإذا هو يكثر الصلاة على عيسى بن مريم عليه السلام، فقلت له: إنك تكثر الصلاة على عيسى فأهل ذاك هو ولا أراك تصلي على نبينا ونبينا أفضل منه فقال: ذاك كان مشغولا بالمرآة والمشط والنساء. (4)
موقف السلف من المأمون (218 ه
ـ)
إحداثه التكبير دبر الصلوات:
- وفي البداية والنهاية يقول الحافظ ابن كثير: وفيها أي سنة ست
(1) السير (10/ 201).
(2)
السير (10/ 202).
(3)
السير (10/ 201 - 202).
(4)
السنة لعبد الله (39).
عشرة ومائتين كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد يأمره أن يأمر الناس بالتكبير عقب الصلوات الخمس، فكان أول ما بدئ بذلك في مجامع بغداد والرصافة يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة خلت من رمضان، وذلك أنهم كانوا إذا قضوا الصلاة قام الناس قياما فكبروا ثلاث تكبيرات، ثم استمروا على ذلك في بقية الصلوات وهذه بدعة أحدثها المأمون أيضا بلا مستند وبلا دليل ولا معتمد، فإن هذا لم يفعله أحد قبله، ولكن ثبت في الصحيح عن ابن عباس أن رفع الصوت بالذكر كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينصرف الناس من المكتوبة (1) وقد استحب هذا طائفة من العلماء كابن حزم وغيره، وقال ابن بطال: المذاهب الأربعة على عدم استحبابه. قال النووي: وقد روي عن الشافعي أنه قال: إنما كان ذلك ليعلم الناس أن الذكر بعد الصلوات مشروع، فلما علم ذلك لم يبق للجهر معنى وهذا كما روي عن ابن عباس أنه كان يجهر في الفاتحة في الصلاة، في صلاة الجنازة ليعلم الناس أنها سنة (2)، ولهذا نظائر والله أعلم. وأما هذه التي أمر بها المأمون فإنها بدعة محدثة لم يعمل بها أحد من السلف. (3)
" التعليق:
وهذه البدعة التي ابتدعها المأمون تطورت وتفرعت عنها أذكار وأوراد
(1) البخاري (2/ 412/841) ومسلم (1/ 410/583) وأبو داود (1/ 609/1003) والنسائي (3/ 76 - 77/ 1334) عن ابن عباس.
(2)
البخاري (3/ 261/1335) وأبو داود (3/ 537 - 538/ 3198) والترمذي (3/ 346/1027) والنسائي (4/ 377 - 378/ 1986 - 1987) عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: "صليت خلف ابن عباس" فذكره.
(3)
البداية والنهاية (10/ 282 - 283).
وأحزاب في مساجد العالم الإسلامي، إلا من عصم من ذلك. فإذا كان هؤلاء الأئمة الذين نقل الحافظ ابن كثير أقوالهم يرون هذه التي أحدث المأمون بدعة ضلالة، فما بالك لو وقفوا على ما عليه أهل هذا الزمان من رفع الأصوات في المساجد بالصيغ الجماعية التي هي أشبه ما يكون بفعل النصارى في كنائسهم والله المستعان.
تشيعه وتجهمه:
- جاء في السير: قيل: إن المأمون استخرج كتب الفلاسفة واليونان من جزيرة قبرس، وقدم دمشق مرتين. (1)
- قال إبراهيم نفطويه: حكى داود بن علي، عن يحيى بن أكثم قال: كنت عند المأمون وعنده قواد خراسان، وقد دعا إلى القول بخلق القرآن، فقال لهم: ما تقولون في القرآن؟ فقالوا: كان شيوخنا يقولون: ما كان فيه من ذكر الحمير والجمال والبقر فهو مخلوق، فأما إذ قال أمير المؤمنين هو مخلوق، فنحن نقول: كله مخلوق. فقلت للمأمون: أتفرح بموافقة هؤلاء؟. (2)
- قال نفطويه: بعث المأمون مناديا، فنادى في الناس ببراءة الذمة ممن ترحم على معاوية، أو ذكره بخير. وكان كلامه في القرآن سنة اثنتي عشر ومئتين، فأنكر الناس ذلك، واضطربوا، ولم ينل مقصوده، ففتر إلى وقت. (3)
(1) السير (10/ 278).
(2)
السير (10/ 281).
(3)
السير (10/ 281).
- قيل: إن المأمون لتشيعه أمر بالنداء بإباحة المتعة -متعة النساء - فدخل عليه يحيى بن أكثم، فذكر له حديث علي رضي الله عنه بتحريمها (1)، فلما علم بصحة الحديث، رجع إلى الحق، وأمر بالنداء بتحريمها. (2)
- أما مسألة القرآن، فما رجع عنها، وصمم على امتحان العلماء في سنة ثماني عشرة، وشدد عليهم، فأخذه الله. (3)
- وكان المأمون يجل أهل الكلام، ويتناظرون في مجلسه. (4)
- وفي سنة اثنتي عشر: سار محمد بن حميد الطوسي لمحاربة بابك، وأظهر المأمون تفضيل علي على الشيخين، وأن القرآن مخلوق. (5)
- وبالغ في محنة القرآن، وحبس إمام الدمشقيين أبا مسهر، بعد أن وضعه في النطع للقتل، فتلفظ مكرها. (6)
- وكتب المأمون إلى نائبه على العراق إسحاق بن إبراهيم الخزاعي كتابا يمتحن العلماء، يقول فيه: وقد عرفنا أن الجمهور الأعظم والسواد من حشو الرعية وسفلة العامة، ممن لا نظر لهم ولا روية، أهل جهالة وعمى عن أن يعرفوا الله كنه معرفته، ويقدروه قدره، ويفرقوا بينه وبين خلقه، فساووا بين
(1) أحمد (1/ 79) والبخاري (7/ 611/4216) ومسلم (2/ 1027/1407) والترمذي (3/ 429/1121) والنسائي (6/ 435/3366) وابن ماجه (1/ 630/1961) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(2)
السير (10/ 283).
(3)
السير (10/ 283).
(4)
السير (10/ 285).
(5)
السير (10/ 286).
(6)
السير (10/ 287).
الله وبين خلقه، وأطبقوا على أن القرآن قديم، لم يخترعه الله، وقد قال:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا} (1) فكل ما جعله فقد خلقه، كما قال:{وجعل الظلمات والنور} (2)، وقال:{نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ} (3)، فأخبر أنه قصص لأمور أحدثه بعدها. وقال:{أُحْكِمَتْ آياته ثُمَّ فُصِّلَتْ} (4) والله محكم له، فهو خالقه ومبدعه. إلى أن قال: فمال قوم من أهل السمت الكاذب والتخشع لغير الله إلى موافقتهم، فرأى أمير المؤمنين أنهم شر الأمة ولعمر أمير المؤمنين، إن أكذب الناس من كذب على الله ووحيه، ولم يعرف الله حق معرفته. فاجمع القضاة، وامتحنهم، فيما يقولون، وأعلمهم أني غير مستعين في عمل ولا واثق بمن لا يوثق بدينه فإن وافقوا فمرهم بنص من بحضرتهم من الشهود، ومسألتهم عن علمهم في القرآن، ورد شهادة من لم يقر أنه مخلوق. (5)
- وكتب المأمون أيضا في أشخاص سبعة، محمد بن سعد، وابن معين، وأبي خيثمة، وأبي مسلم المستملي، وإسماعيل بن داود، وأحمد الدورقي، فامتحنوا فأجابوا -قال ابن معين: جبنا خوفا من السيف- وكتب بإحضار من امتنع منهم: أحمد بن حنبل، وبشر بن الوليد، وأبي حسان الزيادي،
(1) الزخرف الآية (3).
(2)
الأنعام الآية (1).
(3)
طه الآية (99).
(4)
هود الآية (1).
(5)
السير (10/ 287).
والقواريري، وسجادة، وعلي بن الجعد، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وعلي بن أبي مقاتل، وذيال بن الهيثم، وقتيبة بن سعيد، وسعدويه، في عدة، فتلكأ طائفة، وصمم أحمد وابن نوح، فقيدا، وبعث بهما، فلما بلغا الرقة، تلقاهم موت المأمون، وكان مرض بأرض الثغر، فلما احتضر، طلب ابنه العباس ليقدم، فوافاه بآخر رمق، وقد نفذت الكتب إلى البلدان، فيها: من المأمون وأخيه أبي إسحاق الخليفة من بعده. فقيل: وقع ذلك بغير أمر المأمون، وقيل: بل بأمره. وأشهد على نفسه عند الموت أن عبد الله بن هارون أشهد عليه أن الله وحده لا شريك له، وأنه خالق، وما سواه مخلوق، ولا يخلو القرآن من أن يكون شيئا له مثل، والله لا مثل له، والبعث حق، وإني مذنب، أرجو وأخاف، وليصل علي أقربكم، وليكبر خمسا، فرحم الله عبدا اتعظ وفكر فيما حتم الله على جميع خلقه من الفناء، فالحمد لله الذي توحد بالبقاء، ثم لينظر امرؤ ما كنت فيه من عز الخلافة، هل أغنى عني شيئا إذ نزل أمر الله بي؟ لا والله، لكن أضعف به على الحساب، فيا ليتني لم أك شيئا، يا أخي، ادن مني، واتعظ بما ترى، وخذ بسيرة أخيك في القرآن، واعمل في الخلافة إذ طوقكها الله عمل المريد لله، الخائف من عقابه، ولا تغتر، فكأن قد نزل بك الموت، ولا تغفل أمر الرعية، الرعية الرعية فإن الملك بهم، الله الله فيهم وفي غيرهم يا أبا إسحاق عليك عهد الله، لتقومن بحقه في عباده، ولتؤثرن طاعته على معصيته، فقال: اللهم نعم. هؤلاء بنو عمك من ذرية علي رضي الله عنه، أحسن صحبتهم، وتجاوز عن مسيئهم.
ثم مات في رجب في ثاني عشرة، سنة ثمان عشرة ومئتين، وله ثمان وأربعون سنة، توفي بالبذنذون،
فنقله ابنه العباس. ودفنه بطرسوس في دار خاقان خادم أبيه. (1)
- وفي البداية والنهاية قال الحافظ ابن كثير: وفي ربيع الأول سنة ثنتي عشرة ومائتين أظهر المأمون في الناس بدعتين فظيعتين، إحداهما أطم من الأخرى، وهي القول بخلق القرآن، والثانية تفضيل علي بن أبي طالب على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخطأ في كل منهما خطئا كبيرا فاحشا وأثم إثما عظيما. (2)
- وقال أبو العباس أحمد بن تيمية في مجموع الفتاوى: وفي دولة أبي العباس المأمون، ظهر الخرمية ونحوهم من المنافقين، وعرب من كتب الأوائل المجلوبة من بلاد الروم ما انتشر بسببه مقالات الصابئين وراسل ملوك المشركين من الهند ونحوهم حتى صار بينه وبينهم مودة.
فلما ظهر ما ظهر من الكفر والنفاق في المسلمين، وقوي ما قوي من حال المشركين وأهل الكتاب، كان من أثر ذلك ما ظهر من استيلاء الجهمية والرافضة وغيرهم من أهل الضلال، وتقريب الصابئة ونحوهم من المتفلسفة، وذلك بنوع رأي يحسبه صاحبه عقلا وعدلا، وإنما هو جهل وظلم، إذ التسوية بين المؤمن والمنافق والمسلم والكافر أعظم الظلم، وطلب الهدى عند أهل الضلال أعظم الجهل، فتولد من ذلك محنة الجهمية حتى امتحنت الأمة بنفي الصفات والتكذيب بكلام الله ورؤيته، وجرى من محنة الإمام أحمد
(1) السير (10/ 288).
(2)
البداية والنهاية (10/ 278 - 279).
وغيره ما جرى مما يطول وصفه. (1)
- وفي تذكرة الحفاظ للحافظ الذهبي: وبعد كلامه على الطبقة السادسة من تقسيمه رحمه الله قال: وكان في زمان هؤلاء خلائق من أصحاب الحديث ومن أئمة المقرئين، كورش واليزيدي والكسائي وإسماعيل ابن عبيد الله المكي القسط وخلق من الفقهاء كفقيه العراق محمد بن الحسن وفقيه مصر عبد الرحمن بن القاسم وخلق من مشائخ القوم كشقيق البلخي وصالح المري الواعظ، والفضيل المذكور والدولة لهارون الرشيد والبرامكة، ثم بعدهم اضطربت الأمور وضعف أمر الدولة بخلافة الأمين رحمه الله، فلما قتل واستخلف المأمون على رأس المائتين نجم التشيع وأبدى صفحته، وبزغ فجر الكلام وعربت حكمة الأوائل ومنطق اليونان، وعمل رصد الكواكب، ونشأ للناس علم جديد مرد مهلك لا يلائم علم النبوة، ولا يوافق توحيد المؤمنين، قد كانت الأمة منه في عافية، وقويت شوكة الرافضة والمعتزلة وحمل المأمون المسلمين على القول بخلق القرآن ودعاهم إليه، فامتحن العلماء، فلا حول ولا قوة إلا بالله، إن من البلاء أن تعرف ما كنت تنكر وتنكر ما كنت تعرف، وتقدم عقول الفلاسفة ويعزل منقول أتباع الرسل ويمارى في القرآن ويتبرم بالسنن والآثار، وتقع في الحيرة، فالفرار قبل حلول الدمار، وإياك ومضلات الأهواء ومجاراة العقول ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم. (2)
(1) مجموع الفتاوى (4/ 21).
(2)
تذكرة الحفاظ (1/ 328 - 329).