الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو يوسف القاضي (1)(182 هـ)
يعقوب بن إبراهيم الإمام المجتهد العلامة المحدث أبو يوسف القاضي. حدث عن هشام بن عروة، ويحيى بن سعيد الأنصاري وعطاء بن السائب وغيرهم. وحدث عنه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وعلي بن الجعد وغيرهم. قال أحمد بن حنبل: أول ما كتبت الحديث اختلفت إلى أبي يوسف وكان أميل إلى المحدثين من أبي حنيفة ومحمد.
وقال ابن معين: ما رأيت في أصحاب الرأي أثبت في الحديث ولا أحفظ، ولا أصح رواية من أبي يوسف. وقال فيه أيضا أبو يوسف صاحب حديث، صاحب سنة. وقال: كنت أطلب العلم وأنا مقل فجاء أبي فقال: يا بني لا تمدنَّ رجلك مع أبي حنيفة فأنت محتاج فآثرت طاعة أبي. فأعطاني أبو حنيفة مائة درهم، وقال الزم الحلقة فإذا نفدت هذه فأعلمني، ثم بعد أيام أعطاني مائة، صاحبَ أبا حنيفة سبع عشرة سنة، مات سنة اثنتين وثمانين ومائة.
موقفه من المبتدعة:
- جاء في السير قال يحيى بن يحيى التميمي سمعت أبا يوسف عند وفاته يقول: كل ما أفتيت به فقد رجعت عنه إلا ما وافق الكتاب والسنة، وفي
(1) تذكرة الحفاظ (1/ 292 - 294) والسير (8/ 535 - 539) وتاريخ ابن معين (2/ 680) والفهرست لابن النديم (286) ووفيات الأعيان (6/ 378 - 390) وتاريخ بغداد (1/ 242 - 262) وميزان الاعتدال (4/ 447) وشذرات الذهب (1/ 298 - 301) والانتقاء (172).
لفظ: إلا ما في القرآن واجتمع عليه المسلمون. (1)
- قال شيخ الإسلام: وذكروا عن أبي يوسف أنه قال: مذهب أهل الجماعة عندنا، وما أدركنا عليه جماعة أهل الفقه ممن لم يأخذ من البدع والأهواء، أن لا يشتم أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يذكر فيهم عيبا، ولا يذكر ما شجر بينهم فيحرف القلوب عنهم، وأن لا يشك بأنهم مؤمنون؛ وأن لا يكفر أحدا من أهل القبلة ممن يقر بالإسلام ويؤمن بالقرآن، ولا يخرجه من الإيمان بمعصية إن كانت فيه؛ ولا يقول بقول أهل القدر، ولا يخاصم في الدين، فإنها من أعظم البدع. فهذا قول أهل السنة والجماعة، ولا ينبغي لأحد أن يقول في هذا كيف ولم؟ ولا ينبغي أن يخبر السائل عن هذا إلا بالنهي له عن المسألة وترك المجالسة والمشي معه إن عاد. ولا ينبغي لأحد من أهل السنة والجماعة أن يخالط أحدا من أهل الأهواء حتى يصاحبه ويكون خاصته، مخافة أن يستزله أو يستزل غيره بصحبة هذا.
قال: والخصومة في الدين بدعة، وما ينقض أهل الأهواء بعضهم على بعض بدعة محدثة، لو كانت فضلا لسبق إليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم، فهم كانوا عليها أقوى ولها أبصر. وقال الله تعالى:{فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} (2)، ولم يأمره بالجدال، ولو شاء لأنزل حججا وقال له قل كذا وكذا. وقال أبو يوسف: دعوا قول أصحاب
(1) السير (8/ 537).
(2)
آل عمران الآية (20).
الخصومات وأهل البدع في الأهواء من المرجئة، والرافضة والزيدية، والمشبهة، والشيعة، والخوارج، والقدرية، والمعتزلة، والجهمية. (1)
- وفيها: قال مالك لأبي يوسف لما سأله عن الصاع والمد، وأمر أهل المدينة بإحضار صيعانهم، وذكروا له أن إسنادها عن أسلافهم- أترى هؤلاء يا أبا يوسف يكذبون؟ قال: لا والله ما يكذبون، فأنا حررت هذه الصيعان فوجدتها خمسة أرطال وثلثا بأرطالكم يا أهل العراق. فقال: رجعت إلى قولك يا أبا عبد الله، ولو رأى صاحبي ما رأيت لرجع كما رجعت. وسأله عن صدقة الخضراوات فقال: هذه مباقيل أهل المدينة لم يؤخذ منها صدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر ولا عمر رضي الله عنهما، يعني: وهي تنبت فيها الخضراوات. وسأله عن الأحباس فقال: هذا حبس فلان، وهذا حبس فلان، يذكر لبيان الصحابة، فقال أبو يوسف في كل منهما: قد رجعت يا أبا عبد الله، ولو رأى صاحبي ما رأيت لرجع كما رجعت. (2)
- وقال أيضا: ومن المأثور أن الرشيد احتجم فاستفتى مالكا فأفتاه بأنه لا وضوء عليه، فصلى خلفه أبو يوسف، ومذهب أبي حنيفة وأحمد أن خروج النجاسة من غير السبيلين ينقض الوضوء، ومذهب مالك والشافعي أنه لا ينقض الوضوء، فقيل لأبي يوسف: أتصلي خلفه؟. فقال: سبحان الله. أمير المؤمنين. فإن ترك الصلاة خلف الأئمة لمثل ذلك من شعائر أهل البدع
(1) مجموع الفتاوى (16/ 475 - 476).
(2)
الفتاوى (20/ 306 - 307).