الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ النَّدْبُ، وَلَا النِّيَاحَةُ، وَلَا شَقُّ الثِّيَابِ، وَلَا لَطْمُ الْخُدُودِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
ــ
820 - مسألة: (ولا يَجُوزُ النَّدْبُ، ولا النِّياحَةُ، ولا شَقُّ الثِّيابِ، ولَطْمُ الخُدُودِ، وما أشْبَهَ ذلك)
النَّدْبُ هو تَعْدادُ مَحاسِنِ
المَيِّتِ، وما يَلْقَوْنَ بعدَه، بلَفْظِ النُّدْبَةِ، كقَوْلِهم: وارَجُلاهُ، واجَبَلاهُ، وانْقِطَاعُ ظَهْراهُ. فهذا وأشْباهُه مِن النَّوْحِ، وشَقِّ الجُيُوبِ، ولَطْمِ الخُدُودِ، والدُّعاءِ بالوَيْلِ والثُّبُورِ ونَحْوِه لا يَجُوزُ. وقال بعضُ أصحابِنا: هو مَكْرُوهٌ. ونَقَل حَرْبٌ عن أحمدَ كَلامًا يَحْتَمِلُ إباحَةَ النَّوْحِ والنَّدْبِ.
واخْتارَه الخَلَّالُ وصاحِبُه؛ لأنَّ واثِلَةَ بنَ الأسْقَعِ، وأبا وائِلٍ، كانا يَسْتَمِعان النَّوْحَ ويَبْكِيان (1). وقال أحمدُ: إذا ذَكَرَتِ المرأةُ مثلَ ما حُكِىَ عن فاطمةَ، في مثلِ الدُّعاءِ لا يكونُ مثلَ النَّوْحِ. يَعْنِى لا بَأْسَ به. ورُوِىَ
(1) أخرج أثر أبى وائل ابن أبى شيبة، في: باب من رخص في استماع النوح، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 391.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن فاطمةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: يا أبَتاهُ، مِن رَبِّه ما أدْناهُ، إلى جِبْرِيلَ أنْعاهُ، يا أبَتاهُ، أجاب رَبّاً دَعاهُ (1). ورُوِىَ عن علىٍّ، عن فاطمةَ، رَضِىَ اللهُ عنهما، أنَّها أخَذَت قَبْضَةً مِن تُرابِ قَبْرِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فوَضَعَتْها على عَيْنِها، ثم قالت:
ماذا على مُشْتَمِّ تُرْبَةِ أحْمَدٍ
…
أن لا يَشَمَّ مَدَى الزَّمانِ غَوالِيا
صُبَّتْ عَلَىَّ مَصائِبٌ لو أنَّها
…
صُبَّتْ على الأيّامِ عُدْنَ لَيالِيا
ووَجْهُ الأُولَى أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عنها في حديثِ جابِرٍ الذى ذَكَرْناه (2)، وقال الله تعالى:{وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} (3). قال أحمدُ: هو النَّوْحُ. ولَعَن رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّائِحَةَ والمُسْتَمِعَةَ (4). وقالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: أخَذَ علينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عندَ البَيْعَةِ أن لا نَنُوحَ. مُتَّفَقٌ
(1) أخرجه البخاري، في: باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب المغازى. صحيح البخاري 6/ 18. وابن ماجه، في: باب ذكر وفاته ودفنه، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 522.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 279.
(3)
سورة الممتحنة 12.
(4)
أخرجه أبو داود، في: باب في النوح، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 172. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 65.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه (1). وعن أبي موسى، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم بَرِئَ مِن الحالِقَةِ والصَّالِقَةِ والشّاقَّةِ. الصّالِقَةُ؛ التي تَرْفَعُ صَوْتَها. وعن ابنِ مسعودٍ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ (2) الْخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» . مُتَّفَقٌ عليهما (3). ولأنَّ ذلك يُشْبِهُ التَّظَلُّمَ والاسْتِغَاثَةَ والتَّسَخُّطَ بقَضاءِ اللهِ، ولأنَّ شَقَّ الجُيُوبِ إفْسادُ المالِ [لغيرِ حاجَةٍ](4).
(1) أخرجه البخارى، في: باب ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن ذلك، من كتاب الجنائز، وفى: باب تفسر سورة الممتحنة، وفى: باب بيعة النساء، من كتاب الأحكام. صحيح البخاري 2/ 106، 6/ 187، 9/ 99. ومسلم، في: باب التشديد في النياحة، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 645، 646. كما أخرجه النسائى، في: باب بيعة النساء، من كتاب البيعة. المجتبى 7/ 134. والإمام أحمد.، في: المسند 5/ 84، 85، 6/ 408.
(2)
في م: «لطم» .
(3)
الأول أخرجه البخارى، في: باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى 2/ 103. ومسلم، في: باب تحريم ضرب الخدود. . . . إلخ، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 100، 101. كما أخرجه أبو داود، في: باب في النوح، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 173. والنسائى، في: باب شق الجيوب، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 18. وابن ماجه، في: باب ما جاء في النهى عن ضرب الخدود وشق الجيوب، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 505. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 396، 397، 404، 416.
والثانى أخرجه البخارى، في: باب ليس منا من شق الجيوب، وباب ليس منا من ضرب الخدود، وباب ما ينهى عن الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة، من كتاب الجنائز، وفى: باب ما ينهى من دعوة الجاهلية، من كتاب المناقب. صحيح البخاري 2/ 103، 104، 4/ 223. ومسلم، في: باب تحريم ضرب الخدود. . . .، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 99. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في النهى عن ضرب الخدود. . . .، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 220. والنسائى
في: باب دعوى الجاهلية، وفي: باب ضرب الخدود، وباب شق الجيوب، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 17، 18. وابن ماجه، في: باب ما جاء في النهى عن ضرب الخدود. . . .، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 505. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 386، 432، 442، 456.
(4)
في م: «بغير الحاجة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَنْبَغِى للمُصابِ أن يَسْتَعِينَ باللهِ، ويَتَعَزَّى بعَزائِه، ويَمْتَثِلَ أمْرَه في الاسْتِعانَةِ بالصَّبْرِ والصلاةِ، ويَسْتَنْجِزَ ما وَعَدَ اللهُ الصّابِرينَ، قال اللهُ تعالى:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} الآيَتَيْن (1). ويَسْتَرْجِعَ ويَقُولَ: اللَّهُمَّ أْجُرْنِى في مُصِيبتى، واخْلُفْ لى خَيْراً منها؛ لقَوْل أُمِّ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ إِنَّا لِلهِ وَإَّنا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِى فِى مُصِيبَتِى، وَاخْلُفْ لِى خَيْراً مِنْهَا، إلَّا آجَرَهُ اللهُ فِى مُصِيبَتِهِ، وَأخْلَفَ لَهُ خَيْراً مِنْهَا» . قُلْتُ: فلَمّا مات أبو سَلَمَةَ،
قُلْتُ كما أمَرَنِى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأخْلَفَ اللهُ لى خَيْراً منه، رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. رَواه مسلمٌ (2). ولْيَحْذَرْ أن يَتَكَلَّمَ بشئٍ يُحْبِطُ أجْرَه ويُسْخِطُ
(1) سورة البقرة 155 - 157.
(2)
في: باب ما يقال عند المصيبة، فن كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 633. كما أخرجه الإمام مالك، في: باب جامع الحسبة في المصيبة، من كتاب الجنائز. الموطأ 1/ 236 مختصراً. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 309.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَبَّه، ممَّا يُشْبِهُ التَّظَلُّمَ والاسْتِغاثَةَ، فإنَّ اللهَ عَدْلٌ لا يَجُورُ، له ما أخَذَ، وله ما أعْطَى، ولا. يَدْعُو على نَفْسِه، فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال، لَمّا مات أبو سَلَمَةَ:«لَا تَدْعُوا عَلَى أنْفُسِكُم؛ فَإنَّ الْمَلَاِئكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» (1). ويَحْتَسِبُ ثَوابَ اللهِ تعالى ويَحْمَدُه؛ لِما روَى أبو موسى، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلَاِئِكَتِهِ:
قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِى؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِى؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ،
وَاسْتَرْجَعَ. فَيَقُولُ: ابْنُوا لِعَبْدِى بَيْتاً فِى الْجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ» (2). حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
فصل: وقد صَحَّ عن النبىَّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ فِى قَبْرِهِ بِمَا يُنَاحُ عَلَيْهِ» . وفى لَفْظٍ: «إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ» .
مُتَّفَقٌ عليهما (3). واخْتَلَفَ أهلُ العلمِ في مَعْنَى الحَدِيثِ، فحَمَله قَوْمٌ على
(1) تقدم تخريجه في صفحة 18.
(2)
أخرجه. الترمذى، في: باب فضل المصيبة إذا احتسب، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 237. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 415.
(3)
الأول متفق عليه من رواية عمر، أخرجه البخاري، في: باب ما يكره من النياحة على الميت، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى 2/ 102. ومسلم، في: باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه، من كتاب الجنائز.
صحيح مسلم-2/ 639. كما أخرجه النسائى، في: باب النياحة على الميت، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 14. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 26، 36، 50، 51. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ظاهِرِه، وقالُوا: يَتَصَرَّفُ اللهُ سبحانه في خَلْقِه بما يَشَاءُ. وأيَّدُوا ذلك بما روَى أبوِ موسى، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ بَاكِيهِمْ فَيَقُولُ: وَاجَبَلَاهُ، وَاسَيِّدَاهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، إلَّا وَكَّلَ اللهُ بهِ مَلَكَيْنِ يَلْهَزَانِهِ (1): أهَكَذَا كُنْتَ؟» (2). حديثٌ حسنٌ. وروَى النُّعْمانُ بنُ بَشِيرٍ، قال: أُغْمِىَ على عبدِ اللهِ بنِ رَواحَةَ، فجَعَلَتْ أُخْتُه عَمْرَةُ تَبْكِى؛ واجَبَلاهُ، واكَذا، واكَذا. تُعَدِّدُ عليه. فقالَ حينَ أفاقَ: ما قُلْتِ شيئاً إلَّا قِيلَ لى (3): أنت كذاك؟ فلمّا مات لم تَبْكِ عليه. أخْرَجَه البُخارِىُّ (4) وأنْكَرَتْ عائشةُ، رَضِىَ اللهُ عنها، حَمْلَه على ظاهِرِه، ووافَقَها ابنُ عباسٍ، فقالَتْ: يَرْحَمُ اللهُ عُمَرَ، واللهِ ما حَدَّثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ
= والثانى تقدم تخريجه في صفحة 262.
(1)
لهز، كلكز: ضربه بجُمع كفه في صدره.
وفي الأصل: «يكرهانه» . وفى هامش الأصل، صوابه: يلهزانه أو يلكزانه.
(2)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في كراهية البكاء على الميت، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 225. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الميت يعذب بما نيح عليه، من أبواب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 508. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 414.
(3)
سقط من: م.
(4)
في: باب غزوة مؤتة من أرض الشام، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 5/ 183.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ». ولكنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ اللهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَاباً بِبُكَاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ» . وقالَتْ: حَسْبُكم القُرْآنُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (1). وذَكَر ذلك ابنُ عباسٍ لابنِ عُمَرَ، حينَ روَى حَدِيثَه، فما قال شيئاً. رَواه مسلمٌ (2). وحَمَلَه قَوْمٌ علىْ مَن كان النَّوْحُ سُنَّتَه، ولم يَنْهَ عنه أهْلَه، لقَوْلِ اللهِ تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (3). وقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه» (4). وحَمَلَه آخَرُون على مَن
(1) سورة الأنعام 164، وسورة الإسراء 15، وسورة فاطر 18.
(2)
في: باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 641، 642. كما أخرجه البخارى، في: باب قول النبى صلى الله عليه وسلم يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه، من كتاب الجنائز. صحيح البخاري 2/ 101. والنسائى، في: باب النياحة على الميت، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 15، 16. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 41، 42.
(3)
سورة التحريم 6.
(4)
أخرجه البخارى، في: باب الجمعة في القرى والمدن، من كتاب الجمعة، وفى: باب العبد راع في مال سيده ولا يعمل إلا بإذنه، من كتاب الاستقراض، وفى: باب كراهية التطاول على الرقيق. . . .، وباب العبد راع في مال سيده، من كتاب العتق، وفى: باب تأويل قول الله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} ، من كتاب الوصايا، وفى: باب قوا أنفسكم وأهليكم نارا، وباب المرأة راعية في بيت زوجها، من كتاب النكاح، وفى: باب قول الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ، من كتاب الأحكام.
صحيح البخارى 2/ 6، 100، 3/ 157، 196، 197، 4/ 6، 7/ 34، 41، 9/ 77. ومسلم، في: باب فضيلة الإمام العادل. . . .، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم 3/ 1459. وأبو داود، في: باب ما يلزم الإمام من حق الرعية، من كتاب الإمارة. سنن أد داود 2/ 117. والترمذى، في: باب ما جاء في الإمام العادل، من أبواب الجهاد. عارضة الأحوذى 7/ 198. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 5، 54، 55، 108، 111، 121.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أوْصَى بذلك في حَياتِه، كقَوْلِ طَرَفَةَ (1):
إذا مُتُّ فانْعِينِى بما أنا أهْلُهُ
…
وشُقِّى عَلَىَّ الجَيْبَ يا ابْنَةَ مَعْبدِ
وقال آخَرُ:
مَنْ كان مِن أُمَّهاتِى بَاكِياً أبَداً
…
فاليَوْمَ إنِّي أرَانِى اليَوْمَ مَقْبُوضَا
ولابُدَّ مِنِ حَمْلِ البُكاءِ في هذا الحَدِيثِ على البُكاءِ الذى معه نَدْبٌ ونِياحَةٌ، ونحْوُ هذا؛ بدَلِيلِ ما قَدَّمْنا مِن الأحاديثِ.
فصل: ويُكْرَهُ النَّعْىُ، وهو أن يَبْعَثَ مُنادِياً يُنَادِى في النَّاسِ: إنَّ فُلاناً مات. ليَشْهَدُوا (2) جِنازَتَه؛ لِما روَى حُذَيْفَةُ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عن النَّعْىِ. قال التِّرْمِذِىُّ (3): هذا حديثٌ حسنٌ. واسْتَحَبَّ جَماعَةٌ مِن أهلِ العلمِ أن لا يُعْلَمَ الناسُ بجَنائِزِهم؛ منهم ابنُ مسعودٍ،
(1) ديوانه بشرح الأعلم 46.
(2)
في م: «لتشهد» .
(3)
في: باب ما جاء في كراهية النعى، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 207.كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في النهى عن النعى، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 474. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 385، 406.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعَلْقَمَةُ، والرَّبِيعُ بنُ خُثَيْمٍ، وعَمْرُو بنُ شُرَحْبِيلَ (1)، قال: إذا أنا مُتُّ فلا أُنْعَى. وقال كَثِيرٌ مِن أهلِ العلمِ: لا بَأْسَ مِن أن يُعْلَمَ بالرجلِ إخْوانُه ومَعارِفُه وذوو الفَضْلِ، من غيرِ نِداءٍ. قال إبراهيمُ النَّخَعِىُّ: لا بَأْسَ أن يُعْلِمَ الرجلُ إخْوانَه وأصْحابَه، إنَّما كانُوا يَكْرَهُون أن يُطافَ في المَجالِسِ: أنْعِى فُلاناً. كفِعْلِ أهلِ الجاهِليَّةِ (2). ومِمَّن رَخَّصَ في هذا؛ أبو هُرَيْرَةَ، وابنُ عُمَرَ، وابنُ سِيرِينَ. فرُوِىَ عن ابنِ عُمَرَ، أنَّه لَمّا نُعِىَ له رافِعُ بنُ خَدِيجٍ، قال: كيف تُرِيدُون أن تَصْنَعُوا به؟ قالُوا: نَحْبِسُه حتى نُرْسِلَ إلى قُباءَ، وإلى قُرَياتٍ (3) حَوْلَ المَدِينَةِ، ليَشْهَدُوا جِنازَتَه. قال: نِعْمَ ما رَأيْتُم (4). وقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم في الذى دُفِن لَيْلاً: «ألَا آذَنْتُمُونِى» (5). وقد صَحَّ أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نَعَى النَّجاشِىَّ، في اليَوْمِ الذى مات فيه. مُتَّفَقٌ عليه (6). ولأنَّ في كَثْرَةِ المُصَلِّين عليه أجْراً لهم،
(1) أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمدانى الكوفى، تابعى ثقة، توفى سنة ثلاث وستين. تهذيب التهذيب 8/ 47.
(2)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب النعى على الميت، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 390.
(3)
في م: «من قد بات» .
(4)
أخرج البيهقى نحوه، في: باب من كره النعى والإيذان والقدر الذى لا يكره منه، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى 4/ 74.
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 178.
(6)
تقدم تخريجه في صفحة 145.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ونَفْعاً للميِّتِ، فإنَّه يَحْصُلُ لكلِّ مُصَلٍّ منهم قِيراطٌ مِن الأجْرِ. وروَى الإِمامُ أحمدُ (1)، بإسْنادِه، عن أبى المَلِيحِ، أنَّه صَلَّى على جِنازَةٍ، فالْتَفَتَ فقالَ: اسْتَوُوا، ولْتَحْسُنْ شَفَاعَتُكُمْ، ألا وإنَّه حَدَّثَنِى عبدُ اللهِ بنُ سَلِيطٍ، عن إحْدَى أُمَّهاتِ المؤمنين، وهى مَيْمُونَةُ، وكان أخاها مِن الرَّضاعَةِ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّى عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ النَّاسِ إلَّا
شُفِّعُوا فِيهِ». فسَألْتُ أبَا المَلِيحِ عن الأُمَّةِ؟ فقالَ: أرْبَعُونَ.
آخِرُ الصلاةِ. والحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمِين.
(1) في: المسند 6/ 331، 334. وانظر ما تقدم في صفحة 163.