الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُكَبِّرُ أرْبَعَ تَكْبِيراتٍ، يَقْرأُ في الأولَى الْفَاتِحَةَ، ويُصَلِّى عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم في الثَّانِيَةِ ،
ــ
773 - مسألة: (ثم يُكَبِّرُ أرْبَعَ تَكْبِيراتٍ، يَقْرأُ في الأُولَى الفاتِحَةَ، ويُصَلِّى على النبىِّ صلى الله عليه وسلم في الثانِيَةِ)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ التَّكْبِيرَ على الجنازَةِ أرْبَعٌ، لا يَجُوزُ النَّقْصُ منها، ولا تُسَنُّ الزِّيادَةُ عليها؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ على النَّجاشِىِّ أرْبَعًا. مُتَّفَقٌ عليه (1). فيُكَبِّرُ الأولَى، ثم يَسْتَعِيذُ، في الصَّحِيحِ مِن المَذْهَبِ. وقال القاضى: يُخَرَّجُ على رِوايَتَيْن، كالاسْتِفْتاحِ.
ويَقْرَأُ الحَمْدَ، يَبْتَدِئُها بـ «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» ، كسائِرِ الصَّلَواتِ. ولا يُسَنُّ الاسْتِفْتاحُ، في المَشْهُورِ عنه. قال أبو داودَ:
سَمِعْتُ أحمدَ يُسْألُ عن الرجلِ يَسْتَفْتِحُ الصلاةَ على الجِنازَةِ بـ «سُبْحانَكَ
(1) أخرجه البخارى، في: باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه، وباب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد، وباب التكبير على الجنازة أربعا، من كتاب الجنائز، وفى: باب موت النجاشى، من كتاب مناقب الأنصار. صحيح البخارى 2/ 92، 111، 112، 5/ 65. ومسلم، في: باب في التكبير على الجنازة، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 656، 657. كما أخرجه أبو داود، في: باب في الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 189. والنسائى، في: باب الصفوف على الجنازة، وباب عدد التكبير على الجنازة، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 56، 59. وابن ماجه، في: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللَّهُمَّ وبحَمْدِك»؟ قال: ما سَمِعْتُ. قال ابنُ المُنْذِرِ: كان الثَّوْرِىُّ يَسْتَحِبُّ أن يَسْتَفْتِحَ في صلاةِ الجِنازَةِ، ولم نَجِدْه في كُتُبِ سائِرِ أهلِ العِلْمِ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ مثلُ قَوْلِ الثَّوْرِىِّ؛ لأنَّ الاسْتِعاذَةَ فيها مَشْروعَةٌ، فسُنَّ فيها الاسْتِفْتاحُ، كسائِرِ الصَّلَواتِ. ولَنا، أنَّ صلاةَ الجِنازَةِ شُرِع فيها التَّخْفِيفُ، ولهذا لا يُقْرَأُ فيها بعدَ الفاتِحَةِ بشئٍ، وليس فيها ركُوعٌ ولا سُجودٌ. فأمَّا التَّعَوّذُ فهو سُنَّةٌ للقراءَةِ مُطْلَقًا في الصلاةِ وغيرِها؛ لقَوْلِ الله تِعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (1). ولأصحابِ الشافعىِّ في الاسْتِعاذَةِ والاسْتِفْتاحِ وَجْهان.
فصل: وقِراءَةُ الفاتِحَةِ واجِبَةٌ في صلاةِ الجِنازَةِ. رُوِىَ ذلك عن ابنِ عباس. وهو قولُ الشافعىِّ، وإسحاقَ. وقال الثَّوْرِىُّ، والأوْزاعِىُّ،
= باب ما جاء في الصلاة على النجاشى، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 490. والإمام مالك، في: باب التكبير على الجنائز، من كتاب الجنائز. الموطأ 1/ 226، 227. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 281، 438، 439.
(1)
سورة النحل 98.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومالكٌ، وأبو حنيفةَ: لا يَقْرَأُ فيها بشئٍ؛ لأنَّ ابنَ مسعودٍ قال: إنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يُوَقِّتْ فيها قَوْلًا ولا قِراءَةً. ولأنَّ ما لا رُكُوعَ فيه لا قِراءَةَ فيه، كسُجُودِ التِّلاوَةِ. ولَنا، ما رَوَتْ أُمُّ شَرِيكٍ، قالت: أمَرَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن نَقْرَأَ على الجنازَةِ بفاتِحَةِ الكِتابِ. رَواه ابنُ ماجه (1). وعن جابِر، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ على الجِنازَةِ أرْبعًا، وقَرَأ بفاتِحَةِ الكِتاب بعدَ التَّكْبِيرَةِ الأولَى. رُواه الشافعىُّ في «مُسْنَدِهِ» (2). ثم هو داخِلٌ في عُمُومِ قَوْلِه عليه السلام:«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ (3) يَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآنِ» (4).
ولأنَّها صلاةٌ يَجِبُ فيها القِيامُ، فوَجَبَتْ فيها القِراءَةُ، كسائِرِ الصَّلَواتِ.
وحديثُ ابنِ مسعودٍ، إن صَحَّ، فإنَّمَا قال: لم يُوَقِّتْ. أى لم يُقَدِّرْ.
ولا يَدُلّ هذا على نَفْىِ أصْلِ القِراءَةِ، وقد روَى عنه ابنُ المُنْذِرِ، أنَّه قَرِأَ على جِنازَةٍ بفاتِحَةِ الكِتابِ. ثم لا يُعارِضُ ما رَويْنَاه؛ لأنَّه نَفْىٌ مُقَدَّمٌ عليه الِإثْباتُ، وفارَقَ سُجُودَ التِّلاوَةِ، فإنَّه لا قِيامَ فيه، والقِراءَةُ مَحَلُّها القِيامُ. ويُسْتَحَبُّ إسْرارُ القِراءَةِ والدُّعاءِ والصلاةِ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم
(1) في: باب ما جاء في القراءة على الجنازة، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 479.
(2)
في: كتاب صلاة الجنائز وأحكامها. ترتيب المسند 1/ 209.
(3)
في م: «لا» .
(4)
تقدم تخريجه في 3/ 440.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيها. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، ولا يَقْرأُ بعدَ الفاتِحَةِ شيئًا. وقد رُوِىَ عن ابن عباس، أنَّه جَهَر بفاتِحَةِ الكِتابِ في صلاةِ الجِنَازَةِ (1)، قال أحمدُ: إنَّما جَهَر ليُعَلِّمَهم.
فصل: ويُكَبِّرُ الثَّانِيَةَ، ويُصَلِّى على النبىِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِما رُوِىَ عن ابنِ عباس، أنَّه صَلَّى على جِنازَةٍ بمَكَّةَ فَكَبَّرَ، ثم قَرَأ وجَهَر، وصَلَّى على النبى صلى الله عليه وسلم، ثم دَعا لصاحِبِها (2) فأحْسَنَ، ثم انْصَرَفَ، وقال: هكذا يَنْبَغِى أن تَكُونَ الصلاةُ. على الجِنازَةِ (3). وعن أبى أُمامَةَ بنِ سَهْلٍ، أنَّه أخْبَرَه رجلٌ مِن أصحابِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ مِن السُّنَّةِ في الصلاةِ على الجِنازَةِ أن يُكَبِّرَ الإمامُ، ثم يَقْرَأَ بفاتِحَةِ الكِتابِ بعدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى، يَقْرَأَ في نَفْسِه، ثم يُصَلِّىَ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم، ويُخْلِصَ الدُّعاءَ للجِنازَةِ في التَّكْبِيراتِ، لا يَقْرأُ في شئٍ مِنهُنَّ، ثم يُسَلِّمَ سِرًّا في نَفْسِه، رَواه الشافعىُّ في «مُسْنَدِه» (4). وصِفَةُ الصلاةِ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم كصِفَةِ الصلاةِ عليه في
(1) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب من قال يقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب، من كتاب الجنائز المصنف 3/ 298.
(2)
في النسخ: «لصاحبه» . والمثبت من المغنى.
(3)
أخرجه البيهقى، في: باب الدعاء في صلاة الجنازة، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى 4/ 42.
(4)
في: كتاب صلاة الجنائز وأحكامها. ترتيب المسند 1/ 210، 211.