الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِى الْعَشْرِ شَاتَانِ، وَفِى خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِى الْعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَهِىَ الَّتِى لَهَا سَنَةٌ، فَإِنْ عَدِمَهَا أَجْزأَهُ ابْنُ لَبُونٍ، وَهُوَ
ــ
851 - مسألة: (وفِى العَشْرِ شاتان، وفى خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلاثُ شِياهٍ، وفِى العِشْرِين أرْبَعُ شِياهٍ)
وهذا كلُّه مُجْمَعٌ عليه، وثابِتٌ بسُنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم التى رَوَيْناها وغيرِها.
852 - مسألة: (فإذا بَلَغَتْ خَمْسًا وعِشْرِين ففيها بِنْتُ مَخاضٍ، وهى التى لَها سَنَةٌ)
متى بَلَغَتِ الإِبِلُ خَمْسًا وعِشْرِين، ففيها بِنْتُ مَخاضٍ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، إلَّا أنَّه يُحْكَى عن علىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، في خَمْسٍ وعِشْرِين خَمْسُ شِياهٍ. قال ابنُ المُنْذِرِ: ولا يَصِحُّ ذلك عنه. وحَكاه إجْماعًا. وابْنَةُ المَخاضِ؛ التى لها سَنَةٌ، وقد دَخَلَتْ في الثّانِية، سُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّ أُمَّها قد حَمَلَتْ، والماخِضُ الحامِلُ، وليس كَوْنُ أُمِّها ماخِضًا شَرْطًا، وإنَّما ذُكِرَ تَعْرِيفًا لها بغالِبِ حالِها، كتَعْرِيفِه الرَّبِيبَةَ بالحِجْرِ. وكذلك بِنْتُ اللَّبُونِ وبِنْتُ المَخاضِ أدْنَى سِنٍّ تُؤْخَذُ في الزكاةِ، ولا تَجِبُ إلَّا في خَمْسٍ وعِشْرِين إلى خَمْسٍ وثَلاثِين خاصَّةً؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثِ.
853 - مسألة: (فإن عَدِمَها أجْزَأه ابْنُ لَبُونٍ، وهو الذى له
الَّذِى لَهُ سَنَتَانِ، فَإِنْ عَدِمَهُ أَيْضًا لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ.
ــ
سَنَتان، فإن عَدِمَه لَزِمَه بِنْتُ مَخاضٍ) إذا لم يَكُنْ في إبِلِه بِنْتُ مَخاضٍ أجْزَأه ابنُ لَبُونٍ، ولا يُجْزِئُه مع وُجُودِها؛ لأنَّ في حَدِيثِ أنَسٍ:«فَإذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وعِشْرِينَ، فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاض إلَى أنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَفِيهَا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ» . رَواه أبو داودَ (1). وهذا مُجْمَعٌ عليه أيضًا. فإنِ اشْتَرَى ابْنَةَ مَخاضٍ وأخْرَجَها جاز؛ لأنَّها الأصْلُ، وإن أراد إخْراجَ ابنِ لَبُونٍ بعدَ شِرائِها لم يَجُزْ، لأنَّه صار في إبِلِه بِنْتُ مَخاضٍ، وإن لم يَكُنْ في إبِلِه ابنُ لَبُونٍ وأرادَ الشِّراءَ، لَزِمَه شِراءُ بِنْتِ مَخاضٍ. وهذا قولُ مالكٍ. وقال الشافعىُّ: يُجْزِئُه شِراءُ ابنِ لَبُونٍ؛ لظاهِرِ الخَبَرِ. ولَنا، أنَّهما اسْتَوَيا في العَدَمِ، فلَزِمَتْه ابْنَةُ مَخاضٍ،
(1) تقدم تخريجه في صفحة 395.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كما لو اسْتَوَيا في الوُجُودِ، والحَدِيثُ مَحْمُولٌ على حالِ وُجُودِه؛ لأنَّ ذلك للرِّفْقِ به، إغْناءً له عن الشِّراءِ، ومِع عَدَمِه لا يَسْتَغْنِى عن الشِّراءِ. على أنَّ في بَعْضِ ألْفاظِ الحَدِيثِ:«فمَنْ لَمْ يكُنْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ، فإنَّه يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ» . فشَرَطَ في قَبُولِه وُجُودَه وعَدَمَها، وهذا في حديثِ أبى بكرٍ، وفي بعضِ الألْفاظِ أيضًا:«وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا ابْنُ لَبُونٍ» . وهذا تَقْيِيدٌ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ المُطْلَقِ عليه. وإن لم يَجِدْ إلَّا ابنةَ مَخاضٍ مَعِيبَةً، فله الانْتِقالُ إلى ابنِ لَبُونٍ؛ لقوْلِه في الخَبَرِ:«فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا» . ولأنَّ وُجُودَها كعَدَمِها، لكَوْنِها لا يَجُوزُ إخْراجُها، فأشْبَهَ الذى لا يَجِدُ إلَّا ماءً لا يَجُوزُ الوُضُوءُ به في انْتِقالِه إلى البَدَلِ، وإن وَجَد ابْنَةَ مَخاضٍ أعْلى مِن صِفَةِ الواجِبِ، لم يُجْزِئْه ابنُ لَبُونٍ؛ لوُجُودِ بِنْتِ مَخاضٍ على وَجْهِها، ويُخَيَّرُ بينَ إخْراجِها وبينَ شِراءِ بِنْتِ مَخاضٍ على صِفَةِ الواجِبِ. وقال أبو بكرٍ: يَجِبُ عليه إخْراجُها بِناءً على قَوْلِه: إنَّه يُخْرِجُ عن المِراضِ صَحِيحَةً. حكاهُ عنه ابنُ عَقِيلٍ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ الزكاةَ وَجَبَتْ علي وَجْهِ المُساواةِ، وكانتْ مِن جِنْس المُخْرَجِ عنه، كَزَكاةِ الحُبُوبِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يُجْبَرُ نَقْصُ الذُّكُورِيَّةِ بزِيادَةِ سِنٍّ في غيرِ هذا المَوْضِعِ، فلا يُجْزِئُه أن يُخْرِجَ عن بِنْتِ لَبُونٍ حِقًّا، ولا عن الحِقَّةِ جَذَعًا، مع وُجُودِهما ولا عَدَمِهما. وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ: يَجُوزُ ذلك عندَ العَدَمِ، كابنِ لَبُونٍ عن بِنْتِ مَخاضٍ. ولَنا، أنَّه لا نَصَّ فيهما، ولا يَصِحُّ قِياسُهما على ابنِ لَبُونٍ مَكانَ بِنْتِ مَخاضٍ؛ لأنَّ زِيادَةَ سِنِّ ابنِ لَبُونٍ على بِنْتِ مَخاضٍ يَمْتَنِعُ بها مِن صِغارِ السِّباعِ، ويَرْعَى الشَّجَرَ بنَفسِه، ويَرِدُ المَاءَ، ولا يُوجَدُ هذا في الحِقِّ مع بِنْتِ لَبُونٍ، لأنَّهما يَشْتَرِكان في هذا، فلم يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدُ زِيادَةِ السِّنِّ، فلم يُقابِلِ الأُنُوثِيَّةَ، ولأنَّ تَخْصِيصَهُ في الحديثِ بالذِّكْرِ دُونَ غيرِه يَدُلُّ على اخْتِصاصِه بالحُكْمِ، بدَلِيلِ الخِطابِ.