الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَفِى الْعَسَلِ الْعُشْرُ، سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْ مَوَاتٍ أَوْ مِنْ مِلْكِهِ.
ــ
(فصل: وفى العَسَلِ العُشْرُ، سَواءٌ أخَذَه مِن مَواتٍ أو مِن مِلْكِه.
وَنِصَابُهُ عَشَرَةُ أفْرَاقٍ، كُلُّ فَرَقٍ سِتُّونَ رَطْلًا.
ــ
ونِصابُه عَشَرَةُ أفْراقٍ، كلُّ فَرَقٍ سِتُون رَطْلًا) قال الأثْرَمُ: سُئِل أبو عبدِ اللَّهِ: أنت تَذْهَبُ إلى أنَّ في العَسَلِ زكاةً؟ قال: نعم، أذْهَبُ إلى أنَّ في العَسَلِ زكاةً، العُشْرَ، قد أخَذَ عُمَرُ منهم الزكاةَ. قلتُ: ذلك على أنَّهم تَطَوَّعُوا به؟ قال: لا بل أخَذَه (1) منهم. ويُرْوَى ذلك عن عُمَرَ بنِ عبدِ العزِيزِ، ومَكْحُولٍ، والزُّهْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، وإسحاقَ. وقال
(1) في م: «أخذ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مالكٌ، والشافعىُّ، وابنُ أبى لَيْلَى، والحسنُ بنُ صالِحٍ، وابنُ المُنْذِرِ: لا زكاةَ فيه؛ لأنَّه مائِعٌ خارِجٌ مِن حَيَوانٍ، أشْبَهَ اللَّبَنَ. قال ابنُ المُنْذِرِ: ليس في وُجُوبِ الصَّدَقَةِ في العَسَلِ حَدِيث يَثْبُتُ ولا إجْماعٌ، فلا زكاةَ فيه. وقال أبو حنيفةَ: إن كان في أرْضِ العُشْرِ ففيه الزكاةُ، وإلَّا فلا زكاةَ فيه. ووَجْهُ الأوَّلِ ما روَى عَمْرُو بنُ شعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدِّهِ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يُؤخَذُ (1) في زَمانِه مِن قِرَبِ العَسَلِ، مِن كلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ مِن أوْسَطِها. رَواه أبو عُبَيْدٍ، والأثْرَمُ، وابنُ ماجه (2). وعن سُلَيْمانَ بنِ موسى، أنَّ أبا سَيّارَةَ المُتعِىَّ (3)، قال: قلتُ يا رسولَ اللَّهِ: إنَّ لى نَحْلًا. قال: «أدِّ الْعُشْرَ» . قال: فاحْمِ إذًا جَبَلَها. فحماه له. رَواه أبو عُبَيْدٍ، وابنُ ماجه (4). وروَى الأثْرَمُ، عن ابن أبى ذُبابٍ (5)، عن أبيه، عن جَدِّهِ، أنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أمَرَه في العَسَلِ بالعُشْرِ.
(1) في م: «يأخذ» .
(2)
أخرجه أبو عبيد، في: الأموال 497. وابن ماجه، في باب زكاة العسل، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 584.
كما أخرجه أبو داود، في: باب زكاة العسل، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 371.
(3)
نسبة إلى متع، بطن من فهم، فيما يظن السمعانى؛ وهو أبو سيارة عامر بن هلال. اللباب 3/ 94. وضبط ابن حجر «متع» بضم اليم وفتح المثناة الفوقية، وذكر الاختلاف في اسمه. الإصابة 7/ 196.
(4)
أخرجه أبو عبيد، في: الأموال 497. وابن ماجه، في: باب زكاة الحل، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 584.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 236.
(5)
في النسخ: «ذبابة» . والتصويب من ترجمة عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن الحارث بن سعد بن أبى ذباب، في تهذيب التهذيب 5/ 292.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أمّا اللَّبَنُ، فإنَّ الزكاةَ وَجَبَتْ في أصْلِه، وهو السّائِمَةُ، بخِلافِ العَسَلِ. وقولُ أبى حنيفةَ يَنْبَنِى على أنَّ العُشْرَ والخَراجَ لا يَجْتَمِعان، وقد ذَكَرْناه. ونِصابُه عَشَرَةُ أفْراقٍ. وهذا قولُ الزُّهْرِىِّ. وقال أبو يُوسُف، ومحمدٌ: خَمْسَةُ أوْسَاقٍ، لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ» (1). وقال أبو حنيفةَ: تَجِبُ في قَلِيلِه وكَثِيرِه، بِناءً على أصْلِه في الحُبُوبِ والثِّمارِ. ووَجْهُ الأوَّل ما رُوِىَ عن عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّ ناسًا سَألُوه، فقالُوا: إنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطَع لنا وادِيًا باليَمَنِ، فيه خَلَايا مِن نَحْلٍ، وإنّا نَجِدُ ناسًا يَسْرِقونَها. فقال عُمَرُ: إن أدَّيْتُم صَدَقَتَها، مِن كلِّ عَشرَةِ أفْراقٍ فَرَقًا، حَمَيْناها لكم. رَواه الجُوزَجانِىُّ (2). وهذا تَقْدِيرٌ مِن عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فيَجِبُ المَصِيرُ إليه. إذا ثَبَت هذا، فقد اخْتَلَفَ المَذْهَبُ في قَدْرِ الفَرَقِ، فرُوِىَ عن أحمدَ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 310.
(2)
وأخرجه عبد الرزاق، في: باب صدقة العسل، من كتاب الزكاة. المصنف 4/ 63.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما يَدُلُّ على أنَّه سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا بالعِراقِىِّ (1). فإنَّه قال، في رِوايَةِ أبى داودَ: قال الزُّهْرِىُّ: في عَشَرَةِ أفْراقٍ فَرَقٌ، والفَرَقُ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا، فيكونُ نِصابُه مائةً وسِتِّين رَطْلًا بالعِراقِىِّ. وقال ابنُ حامِدٍ: الفَرْقُ سِتُّون رَطْلًا، فيكونُ النِّصابُ سِتَّمائةِ رَطْلٍ. وكذلك ذَكَرَه القاضى في «المُجَرَّدِ» ، فإنَّه يُرْوَى عن الخَلِيلِ بنِ أحمدَ (2)، قال: الفَرْقُ، بإسْكانِ الرّاءِ؛ مِكْيالٌ ضَخْمٌ مِن مَكايِيلِ أهلِ العِراقِ. وحُكِىَ عن القاضى، أنَّ الفَرْقَ سِتَّةٌ وثَلاثُون رَطْلًا. وقِيلَ: هو مائةٌ وعِشْرُون رَطْلًا. قال شيخُنا (3): ويَحْتَمِلُ أن يكونَ نِصابُه ألْفَ رَطْلٍ؛ لحديثِ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، أنَّه كان يُؤْخَذُ (4) مِن كلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ مِن أوْسَطِها. والقِرْبَة مائةُ رَطْلٍ بالعِراقِىِّ، بدَلِيلِ قِرَبِ القُلَّتَيْن. ووَجْهُ الأوَّلِ قولُ عُمَرَ: مِن كلِّ عَشَرَةِ أفْرَاق فَرَقًا. والفَرَقُ بتَحْرِيكِ الرّاءِ؛ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا. قال أبو عُبَيْدٍ (5): لا خِلافَ بينَ النّاسِ أعْلَمُه، في أنَّ
(1) سقط من: م.
(2)
الخليل بن أحمد بن عبد الرحمن الفراهيدى، أبو عبد الرحمن، الإمام، صاحب العربية، ومنشئ علم
العروض، أحد الأعلام الكبار، وصاحب كتاب «العين» . توفى سنة بضع وستين ومائة. سير أعلام النبلاء 7/ 429 - 431.
(3)
في: المغنى 4/ 184.
(4)
في م: «يأخذ» .
(5)
في: الأموال 520.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الفَرَقَ ثَلاثَةُ آصُعٍ. وقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم لكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ: «أطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَرَقًا مِنْ طَعَامٍ» (1). فقد بَيَّنَ أنَّه ثَلَاثَةُ آصُعٍ. وقالت عائشةُ: كنتُ أغْتَسِلُ أنا ورسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن إنَاءٍ، هو الفَرَقُ (2). هذا المَشْهُورُ، فيَنْصَرِفُ الإِطْلاقُ إليه. والفَرْقُ الذى هو مِكْيالٌ ضَخْمٌ لا يَصِحُّ حَمْلُه عليه، لوُجُوهٍ؛ أحدُها أنَّه غيرُ مَشْهُورٍ في كلامِهم، فلا يُحْمَلُ عليه المُطْلَقُ مِن كلامِهم. قال ثَعْلَبٌ: قُلْ فَرَقٌ ولا تَقُلْ فَرْقٌ. الثانى أنَّ عُمَرَ قال: مِن كلِّ عَشَرَةِ أفْراقٍ فَرَقًا. والأفْراقُ جَمْعُ فَرَقٍ، بفَتْحِ الرّاءِ، وجَمْعُ الفَرْقِ، بإسْكانِ الرّاء، فُرُوقٌ، لأنَّ ما كان على وَزْنِ فَعْل
(1) أخرجه البخارى، في: باب قول اللَّه تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى} ، وباب قوله تعالى:{أَوْ صَدَقَةٍ. . .} ، وباب النسك شاةٌ، من كتاب المحصر وجزاء الصيد، وفى: باب غزوة الحديبية، من كتاب المغازى، وفى: باب قول المريض إني وجع. . .، من كتاب المرضى، وفى أول كتاب كفارات الأيمان. صحيح البخارى 3/ 12، 13، 14، 5/ 164، 7/ 155، 8/ 179. ومسلم، في: باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 859 - 862. وأبو داود، في: باب الفدية، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 2/ 430، 431. والترمذى، في: باب ما جاء في المحرم يحلق رأسه في إحرامه، ما عليه، من أبواب الحج، وفى: باب تفسير سورة البقرة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 4/ 177، 11/ 97، 98. والنسائى، في: باب في المحرم يؤذيه القمل في رأسه، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 153، 154. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 241 - 244.
(2)
تقدم تخريجه في 2/ 148.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ساكِنَ العَيْنِ غيرَ مُعْتَلٍّ، فجَمْعُه في القِلَّةِ أفْعُلٍ،، وفى الكَثْرَةِ فِعالٌ أو فُعُولٌ. والثالثُ، أنَّ الفَرْقَ الذى هو ضَخْمٌ مِن مَكاييلِ أهلِ العِراقِ، لا يُحْمَلُ عليه كَلامُ عُمَرَ، وإنَّما يُحْمَلُ كلامُ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، على مَكايِيلِ أهلِ الحِجازِ؛ لأنَّه بها ومِن أهْلِها، ويُؤَكِّدُ ذلك تَفْسيرُ الزُّهْرِىِّ له في نِصابِ العَسَلِ بما قُلنا، والإِمامُ أحمدُ ذَكَرَه في مَعْرِضِ الاحْتِجاجِ به، فيَدُلّ على أنَّه ذهَب إليه. واللَّهُ أعلمُ.