الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُقَدَّمُ إِلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُهُمْ، وَيُجْعَلُ وَسَطُ الْمَرْأَةِ حِذَاءَ رَأْسِ الرَّجُلِ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُسَوَّى بَيْنَ رُءُوسِهِمْ.
ــ
التِّرْمِذِىُّ (1): هذا حديثٌ حسنٌ. وعن سَمُرَةَ، قال: صَلَّيْتُ وَراءَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم على امرأةٍ ماتت في نِفاسِها، فقام وَسَطَهَا. مُتَّفَقٌ عليه (2). والمرأةُ تُخالِفُ الرجلَ في مَوْقِفِ الصلاةِ، فجاز أن تُخالِفَه ههُنا، وقِيامُ الِإمامِ عندَ وَسَطِها أسْتَرُ لها، فكان أوْلَى.
772 - مسألة: (ويُقَدَّمُ إلى الِإمامِ أفْضلُهُم، ويُجْعَلُ وَسَطُ المرأةِ حِذاءَ رَأسِ الرجلِ. وقال القاضى: يُسَوَّى بينَ رُءُوسِهم)
إذا كانَتِ
(1) في: باب ما جاء أين يقوم الِإمام من الرجل والمرأة، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 251، 252.كما أخرجه أبو داود مطولا، في: باب أين يقوم الإمام من الميت إذا صلى عليه، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 186. وابن ماجه، في: باب ما جاء في أين يقوم الِإمام إذا صلى على الجنازة، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 479. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 118.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 106.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجَنائِزُ نَوْعًا واحِدًا، قُدِّمَ أفْضَلُهم إلى الِإمامِ، لأنَّ الأفْضَلَ يَلى الِإمامَ في صَفِّ المَكْتُوبَةِ، فكذلك هاهُنا. وقد دَلَّ على الأصْلِ قَوْلُه عليه السلام:«لِيَلنِى مِنْكُمْ أولُو الْأحْلَامِ وَالنُّهَى» (1). فإن تَسَاوَوْا في الفَضْلِ، قُدِّمَ الأكبَرُ فَالأكْبَرُ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ المَيْمُونِى. فإن تَساوَوا قُدِّمَ السَّابِقُ. وقال القاضى: يُقَدَّمُ السابِقُ وإن كان صَبِيًّا، ولا تُقَدَّمُ المرأةُ وإن كانَتْ سابِقَةً، لمَوْضِعِ الذُّكُورِيَّةِ. فإن تَساوَوْا قَدَّمَ الِإمامُ مَن شاء، فإن تَشاحُّوا أُقْرِعَ بينَهم.
فصل: فإن كانُوا أنْواعًا، كرِجالٍ وصِبْيانٍ وخَناثَى ونِساءٍ، قُدِّمَ الرِّجالُ، بغيرِ خِلافٍ في المَذْهَبِ، إلَّا ما حَكَيْنا مِن قَوْلِ القاضى، إذا سَبَق الصَّبِىُّ. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العِلْمِ. ثم يُقَدَّمُ بعدَهم الصِّبْيانُ. هذا المَنْصُوصُ عن أحمدَ، في رِوايَةِ الجَماعَةِ. وهو مَذْهَبُ أبى حنيفةَ،
(1) تقدم تخريجه في 4/ 442، 443.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشافعىُّ. وقال الخِرَقِىُّ: يُقَدَّمُ النِّساءُ على الصِّبْيانِ، لأنَّ المرأةَ شَخْصٌ مُكَلَّفٌ، فهى أحْوَجُ إلى الشَّفاعَةِ. وروَى عَمّارٌ مَوْلَى الحارِثِ بنِ نَوْفَلٍ، أنَه شَهِد جِنازَةَ امِّ كُلْثُوم وابْنِها، فجُعِلَ الغُلامُ مِمَّا يَلِى القِبْلَةَ، فأنْكَرْتُ ذلك، وفى القَوْمِ ابنُ عباسٍ، وأبو سعيدٍ، وأبو قَتادَةَ، وأبو هُرَيْرَةَ، فقالُوا: هذه السُّنَّةُ (1). ولَنا، أنَّهم يُقَدَّمُون عليهِنَّ في الصَّفِّ في الصلاةِ المَكْتُوبَةِ إذا اجْتَمَعُوا، فكذلك عندَ اجْتِماعِ الجَنائِزِ، كالرِّجالِ. فأمَّا حديثُ عَمّارٍ، فالصَّحِيحُ فيه أنَّه جَعَلَها مِمّا يَلى القِبْلَةَ، وجَعَل ابْنَها مِمّا يَليه. كذلك رَواه سعيدٌ، وعَمَّارٌ مَوْلَى بَنِى سَلَمَةَ، عن عَمّارٍ مَوْلَى بَنِى هاشِمٍ. وأخْرَجَه كذلك أبو داودَ، والنَّسائِىُّ، وغيرُهما (2). ولَفْظُه قال: شَهِدْتُ جِنازَةَ صَبِىٍّ وامرأةٍ، فقُدِّمَ الصَّبِىُّ مِمَّا
(1) انظر ما يأتى في تخريج الحديث عند أبى داود والنسائى.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب إذا حضر جنائز رجال ونساء من يقدم، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 186. والنسائى، في: باب اجتماع جنازة صبى وامرأة، من كتاب الجنائز، ونحوه عن نافع، في: باب اجتماع جنائز الرجال والنساء، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 57، 58.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَلِى القَوْمَ، ووُضِعَتِ المرأةُ وراءَه. وفى القومِ أبو سعيدٍ الخُدْرِىُّ، وابنُ عباسٍ، وأبو قَتادَةَ، وأبو هُرَيْرَةَ، فقُلْنا لهم، فقالُوا: السُّنَّةُ. أمّا الحديث الأوَّلُ فغيرُ صَحِيحٍ، فإنَّ زَيْدَ بنَ عُمَرَ هو ابنُ أُمِّ كُلْثُومٍ، الذى صُلِّىَ عليه معها، وكان رجلًا له أوْلادٌ كذلك قال الزُّبَيْرُ بْنُ بَكّارٍ. ولأنَّ زَيْدًا ضُرِب في حَرْبٍ كانت بينَ بَنِى عَدِىٍّ، في خِلافَةِ بعضِ بَنِى امَيَّةَ، فصُرِعَ وحُمِل، فمات. ومثلُ هذا لا يَكُونُ إلَّا رجلًا.
فصل: ولا نعْلَمُ خِلافًا في تَقْدِيمِ الخُنْثَى على المرأةِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يَكُونَ رجلًا، وأدْنَى أحْوالِه مُساواتُه لها. ويُقَدَّمُ الحُرُّ على العَبْدِ؛ لشَرَفِه وتَقْدِيمِه عليه في الِإمامَةِ. وكذلك في تَقْدِيمِ الكَبيرِ على الصَّغِيرِ لذلك.
وقد روَى الخَلَّالُ، بإسْنادِه، عن علىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، في جِنازَةِ حُرٍّ وعَبْدٍ، ورجلٍ وامْرَأةٍ، وصَغِيرٍ وكَبِيرٍ، يُجْعَلُ الرجُلُ مِمّا يلِى الإمامَ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمرأةُ أمامَ ذلك، والكَبِيرُ ممّا يَلى الِإمامَ، والصَّغِيرُ أمامَ ذلك، والحُرُّ مِمَّا يَلى الِإمامَ، والمَمْلُوكُ أمامَ ذلك. فإنِ اجْتَمَعَ حُرٌّ صَغِيرٌ وعَبْدٌ كَبِيرٌ، فقال أحمدُ، في رِوايَةِ الحسنِ بنِ محمدٍ (1): يُقَدَّمُ الحُرُّ وإن كان غُلامًا.
ونَقَل أبو الحارِثِ: يُقَدَّمُ الأكْبَرُ. قال شيخُنا (2): وهو أصَحُّ إن شاء اللهُ تعالى، لأنَّه يُقَدَّمُ في الصَّفِّ في الصلاةِ. وقَوْلُ علىٍّ مُتَعارِضٌ؛ فإنَّه قد قال: يُقَدَّمُ الكَبِيرُ على الصَّغِيرِ، كقَوْلِه: يُقَدَّمُ الحُرُّ على العَبْدِ.
فصل: وإذا اجْتَمَعَ رجلٌ وامرأةٌ فصُلِّىَ عليهما جَمِيعًا، جُعِل رَأْسُ الرجلِ حِذاءَ وَسَطِ المرأةِ، في إحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عن أحمدَ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ؛ ليَكُونَ مَوْقِفُ الِإمامِ عندَ رَأسِ الرَّجُلِ، ووَسَطِ المرأةِ.
(1) الحسن بن محمد الأنماطى البغدادى، نقل عن الإمام أحمد مسائل صالحة. طبقات الحنابلة 1/ 138.
(2)
في: المغنى 3/ 511.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والرِّوايَةُ الثَّانِيَةُ، يُسَوَّى بينَ رُءُوسِهم. اخْتارَها القاضى. وهو قولُ إبراهيمَ، وأهلِ مَكَّةَ، وأبى حنيفةَ، ويُرْوَى ذلك عن ابنِ عُمَرَ (1). وروَى سعيدٌ، بإسْنادِه، عن الشَّعْبِىِّ، أنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بنتَ علىٍّ، وابْنَها زيدَ بنَ عُمَرَ تُوُفيا جَمِيعًا.، فأُخْرِجَتْ جِنازَتاهما، فصَلَّى عليهما أميرُ المَدِينَةِ، فسَوَّى بينَ رُءُوسِهما وأرْجُلِهما حينَ صَلَّى عليهما (2).
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: باب أين توضع المرأة من الرجل، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 467.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 141.