الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَىُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ، نَفَعَهُ ذَلِكَ.
ــ
«مَنْ زَارَ قَبْرَ وَالِدَيْهِ أوْ أحَدِهِمَا، فَقَرَأ عِنْدَهُ أوْ عِنْدَهُمَا يسَ، غُفِرَ لَهُ» (1). ورُوِىَ عنه، عليه السلام، أنَّه قال:«مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَرَأ سُورَةَ يسَ، خُفِّفَ عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ لَهُ بِعَدَدِ مَنْ فِيهَا حَسَنَاتٌ» (2).
813 - مسألة: (وأىُّ قُرْبَةٍ فَعَلَها وجَعَل ثَوابَها للمَيِّتِ المُسْلِمِ، نَفَعَه ذلك)
أمّا الدُّعاءُ، والاسْتِغْفارُ، والصَّدَقَةُ، وقَضاءُ الدَّيْنِ، وأداءُ
(1) أخرجه ابن عدى، في: الكامل في الضعفاء 5/ 180. وأورده ابن الجوزى في: الموضوعات 3/ 239.
وعزاه السيوطى الى ابن النجار في تاريخه. الدر النثور 5/ 257.
(2)
عزاه القرطبى إلى الثعلبى في تفسيره. تفسير القرطبى 15/ 3.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الواجِباتِ، فلا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، إذا كانتِ الواجِباتُ مِمّا يَدْخُلُه النِّيابَةُ، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (1) وقال سبحانه: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (2). ودُعاءُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم لأبى سَلَمَةَ حينَ مات (3)، وللمَيِّتِ الذى صَلَّى عليه (4)، ولذى البِجادَيْن (5) حينَ
(1) سورة الحشر 10.
(2)
سورة محمد 19.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 18.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 151.
(5)
في م: «النجادين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
دَفَنَه (1). وشَرَع اللهُ تعالى ذلك لكلِّ مَن صَلَّى على مَيِّتٍ. وسَأل رجلٌ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ: يارسولَ اللهِ، إنَّ أُمِّى ماتَتْ، أَيَنْفَعُها إن تَصَدَّقْتُ عنها؟ قال:«نَعَمْ» . رَواه أبو داودَ (2). وجاءَتِ امرأةٌ النبىَّ صلى الله عليه وسلم
فقالَتْ: يارسولَ اللهِ، إنَّ فَرِيضَةَ اللهِ في الحَجِّ أدْرَكَتْ أبى شَيْخًا كَبِيرًا، لا يَسْتَطِيعُ أن يَثْبُتَ على الرّاحِلَةِ، أفَأحُجُّ عنه؟ قال:
(1) تقدم تخريجه في صفحة 251.
(2)
في: باب ما جاء في من مات من غير وصية يُتصدَّق بها، من كتاب الوصايا. سنن أبى داود 2/ 106. كما أخرجه البخارى، في: باب إذا قال أرضى أو بستانى صدقة عن أمى فهو جائز وإن لم يبين لمن ذلك، وباب ما يستحب لمن يتوفى فجأة أن يتصدقوا عنه، وباب الإشهاد في الوقف والصدقة، وباب إذا وقف أرضا ولم يبين الحدود فهو جائز، من كتاب الوصايا. صحيح البخارى 4/ 9، 10، 13. ومسلم، في: باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه، من كتاب الزكاة، وفى: باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت، من كتاب الوصية. صحيح مسلم 2/ 696، 3/ 1254. والترمذى، في: باب ما جاء في الصدقة عن الميت، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 175. والنسائى، في: باب إذا مات الفجأة هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه؟، وباب فضل الصدقة عن الميت، من كتاب الوصايا. المجتبى 6/ 209، 210، 211. والإمام مالك، في: باب صدقة الحى عن الميت، من كتاب الأقضية. الموطأ 2/ 760. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 370، 5/ 285.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«أرَأيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أبِيكِ دَيْنٌ أكُنْتِ قَاضِيَتَهُ» . قالَتْ: نعم. قال: «فَدَيْنُ اللهِ أحَقُّ أنْ يُقْضَى» (1). وقال في الذى سَألَه، إنَّ أُمِّى ماتَتْ وعليها صَوْمُ شَهْرٍ، أفَأصُومُ عنها؟ قال:«نَعَمْ» (2). وكلُّها أحادِيثُ صِحاحٌ، وفيها دَلالَةٌ على انْتِفَاعِ المَيِّتِ بسائِرِ القُرَبِ، لأنَّ الصومَ،
(1) جمع المصنف في هذا السياق ألفاظ حديثين:
الأول دون تشبيه الحج بالدين، والثانى بمعناه ولكن السائل رجل.
وقد أخرج الأول، البخارى، في: باب وجوب الحج وفضله، من كتاب الحج، وفى: باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة، وباب حج المرأة عن الرجل، من كتاب المحصر وجزاء الصيد، وفى: باب حجة الوداع، من كتاب المغازى، وفى: باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا. . . .} إلخ، من كتاب الاستئذان. صحيح البخارى 2/ 163، 3/ 23، 5/ 322، 8/ 63. ومسلم، في: باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما أو للموت، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 973، 974. وأبو داود، في: باب الرجل يحج عن غيره، من كتاب الحج. سنن أبى داود 1/ 420. والترمذى، في: باب ما جاء في الحج عن الشيخ الكبير والميت، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 157. والنسائى، في: باب الحج عن الميت الذى لم يحج، وباب الحج عن الحى الذى لا يستمسك على الرحل، وباب حج المرأة عن الرجل، من كتاب الحج، وفى: باب الحكم بالتشبيه والتمثيل، من كتاب القضاة. المجتبى 5/ 87، 88، 90، 8/ 200، 201. وابن ماجه، في: باب الحج عن الحى إذا لم يستطع، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 970. والدارمى، في: باب في الحج عن الحى، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 39، 40. والإمام مالك، في: باب الحج عمن يحج عنه، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 359. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 212، 213، 219، 251، 329، 346.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب من مات وعليه صوم، من كتاب الصوم. صحيح البخارى 3/ 46.
ومسلم، في: باب قضاء الصيام عن الميت، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 804. والترمذى، في: باب ما جاء في المتصدق يرث صدقته، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 173. وابن ماجه، في: باب من مات وعليه صيام من نذر، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 559. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 227، 5/ 349، 359.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والحَجَّ، والدُّعاءَ، والاسْتِغْفَارَ، كلُّها عِباداتٌ بَدَنِيَّةٌ، وقد أوْصَلَ اللهُ نَفْعَها إلى المَيِّتِ، فكذلك ما سِواها، مع ما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثِ في ثَوابِ مَن قَرَأ يسَ، وتَخْفِيفِ اللهِ عز وجل عن أهلِ المَقابِرِ بقِراءَتِه. ولأنَّه عَمَلُ بِرٍّ وطاعَةٍ، فوَصَلَ نَفْعُه وثَوابُه، كالصَّدَقَةِ، والصيامِ، والحَجَّ الواجِبِ. وقال الشافعىُّ: ما عَدَا الواجِباتِ، والصَّدَقَةَ، والدُّعاءَ، والاسْتِغْفَارَ، لا يُفْعَلُ عن المَيِّتِ، ولا يَصِلُ ثَوابُه إليه؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (1). وقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «إذَا مَاتَ
ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ؛ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ، أوْ ولَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (2). ولأن نَفْعَه لا يَتَعَدَّى فاعِلَه، فلا يَتَعَدَّاه ثَوابُه. وقال بعضُهم: إذا قُرِئ القُرْآنُ عندَ المَيِّتِ، أو أُهْدِىَ إليه ثَوابُه، كان الثَّوابُ لقارِئِه، ويَكُونُ المَيِّتُ كأنَّه حاضِرُها، فتُرْجَى له الرَّحْمَةُ. ولَنا، ما ذَكَرْناه، وأنَّه إجْماعُ المُسْلِمِين؛ فإنَّهم في كلِّ عَصْرٍ
(1) سورة النجم 39.
(2)
أخرجه مسلم، في: باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، من كتاب الوصية. صحيح مسلم 3/ 1255. وأبو داود، في: باب فيما جاء في الصدقة عن الميت، من كتاب الوصايا. سنن أبى داود 2/ 106. والترمذى، في: باب في الوقف، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى 6/ 144. والنسائى، في: باب فضل الصدقة عن الميت، من كتاب الوصايا، المجتبى 6/ 210. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 372.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومِصْرٍ يَجْتَمِعُون ويَقْرَءُون القُرْآنَ، ويُهْدُون ثَوابَه إلى مَوْتاهم مِن غيرِ نَكِيرٍ. ولأنَّ الحَدِيثَ صَحَّ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أهلِهِ عَلَيْهِ» (1). واللهُ أكْرَمُ مِن أْن يُوصِلَ عُقُوبَةَ المَعْصِيَةِ إليه، ويَحْجُبَ عنه المَثُوبَةَ. والآيةُ مَخْصُوصَةٌ بما سَلَّمُوه، فيُقاسُ عليه ما اخْتَلَفْنَا فيه؛ لكَوْنِه في مَعْناه. ولا حُجَّةَ لهم في الخَبَرِ الذى احْتَجُّوا به؛ لأنَّه إنَّمَا دَلَّ
على انْقِطاعِ عَمَلِه، وليس هذا مِن عَمَلِه فلا دَلالَةَ فيه عليه، ولو دَلَّ عليه كان مَخْصُوصًا بما سَلَّمُوه، فيَتَعَدَّى إلى ما مَنَعُوه، وما ذَكَرُوه مِن المَعْنَى غيرُ صَحِيحٍ، فإنَّ تَعَدِّىَ الثَّوابِ ليس بفَرْعٍ لتَعَدِّى النَّفْعِ، ثم هو باطِلٌ بالصومِ والدُّعاءِ والحَجِّ، وليس له أصْلٌ يُعْتَبَرُ به. واللهُ أعلمُ.
(1) متفق عليه من رواية ابن عمر، وهو عند مسلم من رواية عمر. أخرجه البخارى، في: باب قول النبى صلى الله عليه وسلم يعذب الميت. . . . إلخ، وباب البكاء عند المريض، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى 2/ 101، 106. ومسلم، في: باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 638 - 641. وأبو داود، في: باب في النوح، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 172. والترمذى، في: باب ما جاء في كراهية البكاء على الميت، وباب ما جاء في الرخصة في البكاء على الميت، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 222، 225. والنسائى، في: باب النهى عن البكاء على الميت، وباب النياحة على الميت، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 13، 15، 16. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 36، 38، 41، 42، 45، 47، 54، 2/ 31، 38، 61، 134، 6/ 281.