الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، ثُمَّ فِى كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِى كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ.
ــ
855 - مسألة: (فإذا زادَتْ)
على عِشْرِين ومِائَةٍ (واحِدَةً ففيها ثَلاثُ بَناتِ لَبُونٍ، ثم في كلِّ أرْبَعِين بِنْتُ لَبُونٍ، وفي كلِّ خَمْسِين حِقَّةٌ) إذا زادَتِ الإِبِلُ على عِشْرِين ومائَةٍ واحِدَةً ففيها ثَلاثُ بَناتِ لَبُونٍ، كما ذُكِرَ، في أظْهَرِ الرِّوايَتَيْن. وهذا مَذْهَبُ الأوْزاعِىِّ، والشافعىِّ، وإسْحاقَ. وفيه رِوايَةٌ ثانِيَةٌ، لا يَتَغَيَّرُ الفَرْضُ إلى ثَلاِثين ومائَةٍ، فيَكُونُ فيها حِقَّة وبِنْتا لَبُونٍ. وهذا مَذْهَبُ محمدِ بنِ إسْحاقَ، وأبي عُبَيْدٍ. وإحْدَى الرِّوايَتَيْن عن مالكٍ؛ لأنَ الفَرْضَ لا يَتَغَيَّرُ بزِيادَةِ الواحِدَةِ؛ بدَلِيلِ سائِرِ الفُرُوضِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«فَإذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ ومِائَةٍ؛ فَفِى كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ» (1). والواحِدَةُ زِيادَةٌ، وقد جاء مُصَرَّحًا به في حديثِ الصَّدَقاتِ الذى كَتَبَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكان عندَ آلِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ. رَواه أبو داودَ، والتِّرْمذِيُّ (2)، وقال: هو حَدِيثٌ حَسَنٌ. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: هو أحْسَنُ شئٍ رُوِىَ في أحادِيثِ الصَّدَقاتِ. فإنَّ فيه: «فَإذَا كَانَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً، فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ» . وهذا صَريِحٌ لا يَجُوزُ العُدُولُ عنه، ولأنَّ سائِرَ ما جَعَلَه النبىُّ صلى الله عليه وسلم غايَةً للفَرْضِ، إذا زاد عليه واحِدَةً تَغَيَّرَ الفَرْضُ، كذا هذا. قَوْلُهم: إنَّ الفَرْضَ لا يَتَغَيَّرُ بزِيادَةِ الواحِدَةِ، قُلْنا: هذا ما تَغَيَّرَ بالواحِدَةِ وَحْدَها، بل تَغَيَّرَ بها مع ما قَبْلَها، فهى كالواحِدَةِ الزّائِدَةِ على التِّسْعِين، والسِّتِّين، وغيرِها. وقال ابْنُ مسعودٍ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: إذا زادَتِ الإِبِلُ على عِشرِينِ ومِائَةٍ اسْتُؤْنِفَتِ الفَرِيضَةُ، في كلِّ خَمْسٍ شاةٌ، إلى خمْسٍ وأرْبَعِين ومِائَةٍ، فيَكُونُ فيها حِقَّتانِ وبِنْتُ مَخاضٍ، إلى خَمْسِين ومائَةٍ؛
(1) تقدم تخريجه في صفحة 395.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود 1/ 361. والترمذى، في: باب ما جاء في زكاة الإِبل والغنم، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 106 - 109. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب صدقة الإِبل، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 573، 574. والدارمى، في: باب في زكاة الغنم، وباب في زكاة الإبل، من كتاب الزكاة. سنن الدارمى 1/ 381 - 383. والإمام أحمد، في المسند 2/ 15.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ففيها ثَلاثُ حِقاقٍ، وتُسْتَأْنَفُ الفَرِيضَةُ في كلِّ خَمْسٍ شاةٌ؛ لِما رُوِىَ أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كَتَب لعَمْرِو بنِ حَزْمٍ كِتابًا، ذَكَر فيه الصَّدَقاتِ والدِّيَاتِ (1)، وذَكَر فيه مِثْلَ هذا. ولَنا، أنَّ في حَدِيثَىِ الصَّدَقاتِ الذى كَتَبَه أبو بكرٍ لأَنَسٍ، والذى كان عندَ آلِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ مِثْلَ مَذْهَبِنا، وهما صَحِيحان. وأمّا كِتابُ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ، فقد اخْتُلِفَ في صِفَتِه، فرَواه الأثْرَمُ في «سُنَنِه» مِثْلَ مَذْهَبِنا. والأخْذُ بذلك أوْلَى، لمُوافَقَتِه الأحادِيثَ الصَّحِيحَةَ مع مُوافَقَتِه القِياسَ، فإنَّ المالَ إذا وَجَب فيه مِن جِنْسِه لم يَجِبْ مِن غيرِ جنْسِه، كسائِرِ بَهِيمَةِ الأنْعامِ، وإنَّما وَجَبَتْ في الابتِداءِ مِن غيرِ جِنْسِه؛ لأَنَّه ما احْتَمَلَ المُواساةَ مِن جِنْسِه، فعَدَلْنا إلى غيرِ الجِنْسِ ضَرُورَةً، وقد زال بكَثْرَةِ المالِ وزِيادَتِه؛ ولأنَّه عِنْدَهم يَنْتَقِلُ مِن بِنْتِ مَخاضٍ إلى حِقَّةٍ، بزِيادَةِ خَمْسٍ مِن الإِبِلِ، وهى زِيادَةٌ يَسِيرَةٌ لا تَقتَضِى الانْتِقالَ إلى حِقَّةٍ، فإنّا لم نَنْتَقِلْ في مَحَلِّ الوِفاقِ مِن بِنْتِ مَخاضٍ إلى حِقَّةٍ، إلَّا بزِيادَةِ إحْدَى وعِشْرِين. فإن زادَتْ على عِشْرِين ومِائَةٍ جُزْءًا مِن بَعِيرٍ، لم يَتَغَيَّرِ الفَرْضُ إجْماعًا؛ لأنَّ في بعضِ الرِّواياتِ: «فَإذَا زَادَتْ
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: باب الصدقات، من كتاب الزكاة. المصنف 4/ 4، 5. وأخرجه مختصرًا كل من: الدارمى، في: باب زكاة الغنم، وباب زكاة الإِبل، من كتاب الزكاة. . . . سنن الدارمى 1/ 381، 383. والدارقطني، في: باب زكاة الإِبل والغنم، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطني 2/ 117.