الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، إِلَّا الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ امْرَأَتِهِ.
ــ
764 - مسألة: (فإن لم يَكُنْ لهْ مالٌ، فعلَى مَن تَلْزَمُه نَفَقَتُه، إلَّا الزَّوْجَ لا يَلْزَمُه كَفَنُ امرأتِه)
إذا لم يَكُنْ للمَيِّتِ مالٌ، فكَفَنُه على مَن تَلْزَمُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَؤُونَتُه في الحَياةِ، وكذلك دَفْنُه، وما لا بُدَّ للمَيِّتِ منه؛ لأنَّ ذلك يَلْزَمُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حالَ الحياةِ، فكذلك بعدَ المَوْتِ، إلَّا الزَّوْجَ لا يَلْزَمُه كَفَنُ امرأتِه. وهذا قولُ الشَّعْبِىِّ، وأبي حنيفةَ، وبعضِ أصحابِ الشافعىِّ. وقال بَعْضهم: يَجِبُ على الزَّوْجِ. واخْتُلِفَ فيه عن مالكٍ. واحْتَجُّوا بأنَّ كُسْوَتَها واجِبَةٌ عليه في الحَياةِ، فوَجَبَ عليه كَفَنُها، كسَيِّدِ العَبْدِ. ولَنا، أنَّ النَّفَقَةَ والكُسْوَةَ وَجَبَتْ في النكاحِ للتَّمْكِينِ مِن الاسْتِمْتاعِ، ولهذا تَسْقُطُ بالنُّشُوزِ والبَيْنُونَةِ، وقِد انْقَطَعَ ذلك بالمَوْتِ، فأشْبَهَ ما لو انْقَطَعَ بالفُرْقَةِ في الحَياةِ، ولأنَّها بانتْ منه في المَوْتِ، فأشْبَهَتِ الأجْنَبِيَّةَ، وفارَقَتِ المَمْلُوكَ، فإنَّ نَفَقَتَه تَجِبُ بحَقِّ المِلْكِ لا بالانْتِفاعِ، ولهذا تَجِبُ نَفَقَةُ الآبِقِ وفِطْرَتُه، والوَلَدُ تَجِبُ نَفَقَتُه بالقَرابَةِ، ولا تَبْطُلُ بالمَوْتِ؛ بدَلِيل أنَّ السَّيِّدَ والوالِدَ أحَقُّ بدَفْنِه وتَوَلِّيه. إذا تَقَرَّرَ هذا فإن لم يَكُنْ لها مالٌ، فعلى مَن تَلْزَمُه نَفَقَتُها مِن الأقارِبِ، فإن لم يَكُنْ ففى بَيْتِ المالِ، كمَن لا زَوْجَ لها.
فصل: ويُسْتَحَبُّ تَحْسِينُ الكَفَنِ؛ لِما روَى مسلمٌ (1)، أنَّ النبىَّ
(1) في: باب في تحسين كفن الميت، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 651.كما أخرجه أبو داود، في: باب في الكفن، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 176. والترمذى، في: باب منه، من أبواب الجنائز.
عارضة الأحوذى 4/ 217. والنسائى، في: باب الأمر بتحسين الكفن، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 28.
وابن ماجه، في: باب ما جاء فيما يستحب من الكفن، من كتاب الجنائز 1/ 473. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 295، 329، 349، 372.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم ذَكَر رَجُلًا مِن أصحابِه، قُبِض فكُفِّنَ في كَفَن غيرِ طائِلٍ، فقال:«إذَا كَفَّنَ أحَدُكُمْ أخَاهُ، فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» . فإن تَشَاحَّ الوَرَثَةُ، جُعِل بحَسَبِ حالِ الحياةِ، إن كان مُوسِرًا، كان حَسَنًا رَفِيعًا، على نحْوِ ما كان يَلْبَسُ في حال الحياةِ، وإن كان دُونَ ذلك، فعلى حَسَبِ حالِه، وليس لثَمَنِه حَدٌّ، لأَنَّ ذلك يَخْتَلِفُ باخْتِلافِ البُلْدانِ والأوْقاتِ، ولأنَّ التَّحْدِيدَ إنَّما يَكُونُ بنَصٍّ أو إجْماعٍ، ولم يُوجَدْ واحِدٌ منهما. وقال الخِرَقِيُّ: إذا تَشاحَّ الوَرَثَةُ في الكَفَنِ، جُعِل بثَلاثِينَ، وإن كان مُوسِرًا فبخَمْسِين.
وهذا مَحْمُولٌ على وَجْهِ التَّقْرِيبِ، ولعَلَّ الجَيِّدَ في زَمَنِه والمُتَوَسِّطَ كان يَحْصُلُ بهذا القَدْرِ. وقد رُوِى عن ابنِ مسعودٍ، أنَّه أوْصَى أن يُكَفَّنَ بنَحْوٍ مِن ثَلاثِين درْهَمًا (1).
فصل: والمُسْتَحَبُّ أن يُكَفَّنَ في جَدِيدٍ، إلَّا أن يُوصِىَ المَيِّتُ بغيرِه، فتُمْتَثَلَ وَصِيَّتُه،؛ رُوِىَ عن الصِّدِّيقِ، رَضِىَ الله عنه، أنَّه قال: كَفِّنُونِى في ثَوْبَىَّ هَذَيْن، فإنَّ الحَىَّ أحْوَجُ إلى الجَدِيدِ مِن المَيِّتِ، وإنَّما هما للمُهْلَةِ (2) والتُّرابِ. رَواه البخارىُّ بمَعْناه (3). وذَهَب ابنُ عَقِيل إلى أنَّ
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: باب ذكر الكفن والفساطيط، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 433.
(2)
في م: «اللهلة» والمهلة بتثليث الميم: هى الصديد والقيح الذى يذوب فيسيل من الجسد.
(3)
في: باب موت يوم الاثنين، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى 2/ 127. كما أخرجه الإمام مالك، في: باب ما جاء في كفن الميت، من كتاب الجنائز. الموطأ 1/ 224.