الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.
ــ
يَعْقُوبُ بنُ شَيْبَةَ (1)، وقال: هو صالِحُ الإِسْنادِ. وحَدِيثُهم يُحْمَلُ على الإِباحَةِ والاسْتِحْبابِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُنْزَعُ عنه ما لم يَكُنْ مِن عَامَّةِ لِباسِ النَّاسِ، مِن الجُلُودِ والفِراءِ والحَدِيدِ. قال أحمدُ: لا يُتْرَكُ عليه فَرْوٌ، ولا خُفٌّ، ولا جِلْدٌ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ. وقال مالكٌ: لا يُنْزَعُ عنه فَرْوٌ ولا خُفٌّ ولا مَحْشُوٌّ، لعُمُوم الخَبَرِ وهو قولُه:«ادْفِنُوهُمْ فِى ثِيَابِهِمْ» . وما رَوَيْناه أخَصُّ، فكانَ أولَى.
757 - مسألة: (ولا يُصَلَّى عليه، في أصَحِّ الرِّوايتَيْن)
وهذا قولُ مالكٍ، والشافعىِّ، وإسحاقَ. وعن أحمدَ، رِوايَةٌ أُخْرَى، أنَّه يُصَلَّى عليه. اخْتارَهَا الخَلَّالُ. وهو قولُ الثَّوْرِىِّ، وأبى حنيفةَ. إلَّا أنَّ كلامَ أحمدَ، رحمه الله، في هذه الرِّوايَةِ يُشِيرُ إلى أنَّ الصلاةَ عليه مُسْتَحَبَّةٌ غيرُ واجِبَةٍ، وقد صَرَّحَ بذلك في رِوايَةِ المَرُّوذِىِّ، فقال: الصلاةُ عليه
(1) وأخرجه البيهقى، في: باب الدليل على جواز التكفين في ثوب واحد، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى 3/ 401. وعبد الرزاق، في: باب الكفن، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 427.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أجْوَدُ، وإن لم يُصَلُّوا عليه أجْزَأ (1). وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: يُصَلَّى عليه، وأهلُ الحِجازِ لا يُصَلُّونَ عليه، وما تَضُرَّه الصَّلاةُ، لا بَأْسَ به.
فكَأنَّ الِّرَوايتَيْن في اسْتِحْباب الصلاةِ، لا في وُجُوبِها؛ إحْدَاهُما، يُسْتَحَبُّ؛ لِما روَى عُقْبَةُ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم خَرَج. يَوْمًا، فصَلَّى على أهلِ اُّحُدٍ صلاتَه على المَيِّتِ، ثم انْصرَفَ إلى المِنْبَر. مُتَّفَقٌ عليه (2). وعن ابنِ عباسٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى على قَتْلَى اُّحُدٍ (3). ووَجْهُ الرِّوايَةِ الأُولَى ما روَى جابِرٌ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بِدَفْنِ شُهَداءِ أُحُدٍ في دِمائِهم، ولم يُغَسِّلْهم، ولم يُصَلِّ عليهم. مُتَّفَقٌ عليه (4). وحديثُ عُقْبَةَ مَخْصُوصٌ بِشُهَداءِ أُحُدٍ، فإنَّه صَلَّى عليهم في القُبُورِ بعدَ سِنِين، وهم لا يُصَلُّون على القَبْرِ أصلًا، ونحن لا نُصَلِّى عليه بعدَ شَهْرٍ. وحديثُ ابنِ عباسٍ يَرْوِيه
(1) في م: «أجزأه» .
(2)
أخرجه البخارى، في: باب الصلاة على الشهيد، من كتاب الجنائز، وفى: باب علامات النبوة في الإسلام، من كتاب المناقب، وفى: باب غزوة أحد، من كتاب المغازى، وفى: باب في الحوض، من كتاب الرقاق. صحيح البخارى 2/ 114، 115، 4/ 240، 5/ 120، 8/ 151. ومسلم، في: باب إثبات حوض النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته، من كتاب الفضائل. صحيح مسلم 4/ 1795، 1796. كما أخرجه أبو داود، في: باب الميت يصلى على قبره بعد حين، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 193. والنسائى، في: باب الصلاة على الشهداء، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 49. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 149، 153، 154.
(3)
أخرجه البيهقى، في: باب من زعم أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى على شهداء أحد، من كتاب الجنائز. السنن
الكبرى 4/ 13.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 90. مع بيان عدم رواية مسلم له.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحسنُ بنُ عُمارَةَ، وهو ضَعِيفٌ، وقد أنْكَرَ عليه شُعْبَةُ رِوايَةَ هذا الحَديثِ. إذا ثَبَت هذا، فيَحْتَمِلُ أن يَكُونَ سُقُوطُ الصلاةِ عليهم لكَوْنِهِم أحْياءً عندَ رَبِّهم، والصلاةُ إنَّما شُرِعَتْ في حَقِّ المَوْتَى، ويَحْتَمِلُ أنَّ ذلك لِغناهم عن الشَّفاعَةِ لهم، فإنَّ الشَّهِيدَ يُشَفَّعُ في سَبْعِين مِن أهْلِه، فلا يَحْتاجُ إلى شَفِيعٍ، والصَّلاةُ إنَّما شُرِعَتْ للشَّفاعَةِ.
فصل: والبالِغُ وغيرُه سَواءٌ في تَرْكِ غَسْلِه والصلاةِ عليه، إذا كان شَهِيدًا. وبهذا قال الشافعىُّ، وأبو يُوسُفَ، ومحمدٌ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَثْبُتُ حُكْمُ الشَّهادَةِ لغيرِ البالِغِ؛ لأنَّه ليس مِن أهْلِ القِتالِ. ولَنا، أنَّه مُسْلِمٌ قُتِل في مُعْتَرَكِ المُشْرِكِين بقِتَالِهِم، أشْبَهَ البالِغَ، ولأنَّه يُشْبِهُ البالِغَ في غَسْلِه والصلاةِ عليه إذا لم يَكُنْ شَهِيدًا، فيُشْبِهُه في سُقُوطِ ذلك عنه بالشَّهادَةِ، وقد كان في شُهَداءِ أُحُدٍ حارِثَةُ بنُ النُّعْمانِ، وهو صَغِيرٌ، والحديثُ عامٌّ في الكُلِّ، وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بالنِّساءِ.