الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُغَسَّلُ الْمُحْرِمُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَلَا يُلْبَسُ الْمَخِيطَ، وَلَا يُخَمَّرُ رَأسُهُ، وَلَا يُقْرَبُ طِيبًا.
ــ
754 - مسألة: (ويُغَسَّلُ المُحْرِمُ بِماءٍ وسِدْرٍ، ولا يُلْبَسُ المَخِيطَ، ولا يُخَمَّرُ رَأْسُه، ولا يُقْرَبُ طِيبًا)
إذا ماتَ المُحْرِمُ لم يَبْطُلْ
حُكْمُ إحْرامِه بمَوْتِه، ويُجَنَّبُ ما يُجَنَّبُه المُحْرِمُ مِن الطيبِ، وتَغْطيَةِ الرَّأْس، ولُبْسِ المَخِيطِ، وقَطْعِ الشَّعَرِ. رُوِىَ ذلك عن عثمانَ، وعليٍّ، وابنِ عباسٍ. وبه قال عَطاءٌ، والثَّوْرِيُّ، والشافعىُّ، وإسحاقُ. وقال مالكٌ، والأوْزاعِيُّ، وأبو حنيفةَ: يَبْطُلُ إحْرامُه بمَوْتِه، ويُصْنَعُ به ما يُصْنَعُ بالحَلالِ. ورُوِى ذلك عن عائشةَ، وابنِ عُمَرَ، وطاوُسٍ؛ لأنَّها عِبادَةٌ شَرْعِيَّةٌ، فبَطَلَتْ بالمَوْتِ، كالصلاةِ والصيامِ. ولَنا، ما روَى ابنُ عباسٍ، أنَّ رجلًا وَقصَه بَعِيرُه (1)، ونحن مع النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّدًا» (2). وفى رِوايَةٍ: «مُلَبِّيًا» . مُتَّفَقٌ عليه (3). فإن قِيلَ: هذا خَاصٌّ له؛ لأنَّه يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا. قُلْنا: حُكْمُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم في واحِدٍ حُكْمُه في مِثْلِه، إلَّا أن
(1) وقصه بعيره: رمى به فدقَّ عنقه.
(2)
ملبدا: أى ملصق بعض شعره ببعض كاللبد.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 27.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَرِدَ تَخْصِيصُه، ولهذا ثَبَت حُكْمُه في شُهَداءِ أُحُدٍ، وفى سائِرِ الشُّهَداءِ.
قال أبو داود: سَمِعْتُ أحمدَ يَقُولُ: في هذا الحديثِ خَمْسُ سُنَنٍ؛ كَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْهِ، أى يُكَفَّنُ في ثَوْبَيْنِ. وأن يَكُونَ في الغَسَلاتِ كلِّها سِدْرٌ، ولا تُخَمِّرُوا رَأْسَه، ولا تُقَرِّبُوه طِيبًا، وكَوْنُ الكَفَنِ مِن جَمِيع المالِ. قال أحمدُ في مَوْضِعٍ: يُصَبُّ عليه الماءُ صَبًّا، ولا يُغَسَّلُ يُغَسَّلُ الحَلالُ.
وإنَّما كُرِه عَرْكُ رَأْسِه ومَواضِعِ الشَّعَرِ، كيلا يَنْقَطِعَ شَعَرُه.
فصل: واخْتُلِفَ عن أحمدَ في تَغْطِيَةِ وَجْهِه، فعنه، لا يُغَطَّى. نَقَلَها عنه إسماعيلُ بنُ سعيدٍ؛ لأنَّ في بَعْضِ الحديثِ:«وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ» . وعنه، لا بَأْسَ بتَغْطِيَةِ وَجْهِه. نَقَلَها عنه سائِرُ أصْحابِه؛ لحديثِ ابنِ عباسٍ المَذْكُورِ، فإنَّه أصَحُّ ما رُوِىَ فيه، وليس فيه سِوَى المَنْعِ مِن تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ. ولا يُلْبَسُ المَخِيطَ؛ لأنَّه يَحْرُمُ عليه في حياتِه، فكذلك بعدَ المَوْتِ. واخْتُلِفَ عن أحمدَ أيضًا في تَغْطِيَةِ رِجْلَيْه، فرَوَى حَنْبَلٌ عنه: لا تُغَطَّى رِجْلاه. كذلك ذَكَرَه الخِرَقِىُّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال الخَلَّالُ: لا أعْرِفُ هذا في الأحادِيثِ، ولا رَواه أحَدٌ عن أبِى عبدِ اللهِ غيرُ حَنْبَلٍ، وهو عندى وَهَمٌ (1) مِن حَنْبَلٍ، والعَمَلُ على أنَّه يُغَطَّى جَمِيعُ المُحْرِمِ، إلَّا رَأْسَه، ولأنَّ المُحْرِمَ لا يُمْنَعُ مِن تَغْطِيَةِ رِجْلَيْه في حَياتِه، فكذلك بعدَ مَوْتِه. فإن كان المَيِّتُ امرأةَ مُحْرِمَةً، أُلْبِسَتِ القَمِيصَ، وخُمِّرَتْ، كما تَفْعَلُ في حَياتِها، ولم تُقْرَبْ طِيبًا، ولم يُغَطَّ وَجْهُها؛ لأنَّه يَحْرُمُ عليها في حَياتِها، فكذلك بعدَ مَوْتِها. فإن ماتَتِ المُتَوَفَّى عنها زَوْجُها في عِدَّتِها، احْتَمَلَ أن لا تُطَيَّبَ؛ لأنَّهَا مَمْنُوعَةٌ حالَ حَياتها، واحْتَمَلَ أن تطَيَّبَ؛ لأنَّ التَّطَيُّبَ إنَّما حَرُمَ لكَوْنِه يَدْعُو إلى نِكاحِها، وقد زال بالمَوْتِ. وهو أصَحُّ. ولأصحابِ الشافعىِّ وَجْهان.
(1) الوهم: الغلط.