الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُهُ، وَالْبِنَاءُ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ، وَالْجُلُوسُ، وَالْوَطْءُ عَلَيْهِ، وَالِاتِّكَاءُ إِلَيْهِ.
ــ
«لَا يَزَالُ المَيِّتُ يَسْمَعُ الأذانَ مَالَمْ يُطَيَّنْ قَبْرُهُ» . أو قال: «مَالَمْ يُطْوَ قَبْرُهُ» (1).
806 - مسألة: (ويُكْرَهُ تَجْصِيصُه، والبِناءُ عليه، والجُلُوسُ، والوَطْءُ عليه، والاتِّكاءُ إليه، والكِتابَةُ عليه)
لِما روَى جابِرٌ، قال: نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يُجَصَّصَ القَبْرُ، وأن يُبْنَى عليه، وأن يُقْعَدَ عليه. رَواه مسلمٌ، والترمِذِىُّ (2). وزاد: وَأن يُكْتَبَ عليها. وقال:
(1) رواه الديلمي، في: كتاب فردوس الأخبار 5/ 234. وأورده ابن الجوزى، في: الموضوعات 3/ 238. وأقره السيوطى، في: اللآلئ المصنوعة 2/ 439.
(2)
أخرجه مسلم، في: باب النهى عن تجصيص القبر والبناء عليه، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 667. والترمذى، في: باب ما جاء في كراهية تجصيص القبور والكتابة عليها، من أبواب الجنائز.
عارضة الأحوذى 4/ 271. كما أخرجه أبو داود، في: باب في البناء على القبر، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 193. . . . والنسائى، في: باب الزيادة على القبر، وباب البناء على القبر، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 71، 72. وابن ماجه، في: باب ما جاء في النهى عن البناء على القبور وتجصيصها والكتابة عليها، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 498. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 295، 3990، 332، 6/ 299.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ولأنَّ ذلك من زِينَةِ الدُّنْيَا، فلا حاجَةَ بالمَيِّتِ إليه. وكَرِه أحمدُ أن يُضْرَبَ على القَبْرِ فُسْطاطٌ؛ لأنَّ أبا هُرَيْرَةَ- أوْصَى حينَ حضَره المَوْتُ أن لا تَضْرِبُوا علىَّ فُسْطَاطًا. وروَى أبو مَرْثَدٍ الغَنَوىُّ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا تَجْلِسُوا عَلَى القُبُورِ، وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» . رَواه مسلمٌ (1). وقال الخَطّابىُّ: ثَبَت أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نَهى أن تُوطَأَ القُبُورُ.
قال (2): ورُوِىَ أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم رَأى رجلًا قد اتَّكَأ على قَبْرٍ، فقالَ:«لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ» (3). وعن أبى هُرَيْرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
(1) في: باب النهى عن الجلوس على القبر والصلاة إليه، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 668.كما أخرجه أبو داود، في: باب في كراهية القعود على القبر، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 194.
والترمذى، في: باب ما جاء في كراهية الوطء على القبور والجلوس عليها والصلاة عليها، من أبواب الجنائز.
عارضة الأحوذى 4/ 270. والنسائى، في: باب النهى عن الصلاة إلى القبر، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 53. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 135.
(2)
في: معالم السنن 1/ 316.
(3)
عزاه الهيثمى بمعناه عن عمارة بن حزم إلى الطبرانى في الكبير، وقال: وفيه ابن لهيعة وفيه كلام وقد وثق.
مجمع الزوائد 3/ 61.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«لَأنْ يَجْلِسَ أحَدُكمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ» . رَواه مسلمٌ (1). ويُكْرَهُ التَّغَوُّطُ بينَ القُبُورِ؛ لِما روَى عُقْبَةُ بنُ عامِرٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ أَطَأ عَلَى جَمْرَةٍ، أوْ سَيْفٍ، أحَبُّ إلىَّ مِنْ أنْ أطَأَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ، وَلَا أُبَالِى أوَسَطَ الْقُبُورِ قضَيْتُ حَاجَتى، أوْ وَسَطَ السُّوقِ» . رَواه الخَلَّالُ، وابنُ ماجه (2).
(1) في: باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 667.كما أخرجه أبو داود، في: باب في كراهية القعود على القبر، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 194.
والنسائى، في: باب التشديد في الجلوس على القبور، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 78. وابن ماجه، في: باب ما جاء في النهي عن المشى على القبور والجلوس عليها، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 499. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 311، 312، 389، 444، 528.
(2)
في: باب ما جاء في النهى عن المشى على القبور والجلوس عليها، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 499.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَجُوزُ اتِّخاذُ السُّرُجِ على القُبُورِ، لقَوْلِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«لَعَنَ اللهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ، وَالْمُتَّخِذَاتِ عَلَيْهنَّ (1) المَسَاجِدَ والسُّرُجَ» . رَواه أبو داودَ، والنَّسائِىُّ، بمَعْناه (2). ولو أَبِيحَ لم يَلْعَنِ النبىُّ صلى الله عليه وسلم مَن فَعَلَه،
ولأنَّ. فيه تَضْيِيعًا للمال في غيرِ فائدَةٍ. ولا يَجُوزُ اتخاذُ المَساجِدِ على القُبُورِ، لهذا الخَبَرِ، ولأنَّ النبى صلى الله عليه وسلم قال:«لَعَنَ الله اليَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهمْ مَسَاجِدَ» . يُحَذِّرُ مثلَ ما صَنَعُوا. مُتَّفَقٌ عليه (3). ولأنَّ تَخْصِيصَ القُبُورِ بالصلاةِ عندَها يُشْبِهُ تَعْظِيمَ الأصْنامِ بالسُّجُودِ لها. وقد رُوِىَ أنَّ ابْتِداءَ عِبادَةِ الأَصْنامِ تَعْظِيمُ الأمْواتِ،. باتِّخاذِ صُوَرِهم، ومَسْحِها، والصلاةِ عندَها (4).
(1) في م: «عليها» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في زيارة النساء القبور، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 196.
والنسائي، في: باب التغليظ في اتخاذ السرج على القبور، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 77.كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجد، من أبواب الصلاة، ومختصرا في: باب ما جاء في كراهية زيارة القبور للنساء، من أبواب الجنائز 2/ 116، 4/ 276. وابن ماجه مختصرا أيضا، في: باب ما جاء في النهى عن زيارة النساء القبور، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 502. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 229، 287، 324، 337، ومختصرا في: 2/ 337، 356، 3/ 442، 443.
(3)
تقدم تخريجه في 3/ 299.
(4)
يشير المصنف إلى ما رواه البخارى عن ابن عباس، في: تفسير سورة نوح، من كتاب التفسير. صحيح البخارى 6/ 199.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُسْتَحَبُّ خَلْعُ النِّعالِ لمَن دَخَل المَقَابرَ؛ لِما روَى بَشِيرُ بنُ الخَصاصِيَةِ، قال: بَيْنَا أنا أُماشِى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا رجلٌ يَمْشِى في القُبُورِ، عليه نَعْلان، فقالَ له:«يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَتّيْنِ (1)، أَلْقِ سِبْتِيَتّيْكَ» . فنَظَرَ الرجلُ، فلَمّا عَرَف رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خَلَعَهما، - فرمَى بهما. رَواه أبو داودَ (2). قال أحمدُ: إسْنادُه جَيِّدٌ، [أذْهَبُ إليه](3).
وأكْثَرُ أهلِ العلمِ لا يَرَوْن بذلك بَأْسًا. قال جَرِيرُ بنُ حازِمٍ: رَأَيْتُ الحسنَ، وابنَ سِيرِينَ، يَمْشِيان بينَ القُبُورِ بنِعالِهما. ومنهم مَن احْتَجَّ بقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في المَيِّت إذا دُفِنَ، وتَوَلَّى عنه أصْحَابُه: «إنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ
(1) السبتيتان: نعلان لا شعر عليهما.
(2)
في: باب المشى بين القبور في النعل، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 194.كما أخرجه النسائي، في: باب كراهة المشى بين القبور في النعال السبتية، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 78، 79. وابن ماجه، في: باب ما جاء في خلع النعلين في المقابر، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 499، 500. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 83، 84، 224.
(3)
في النسخ: «أذهب الأمر عليه» . والمثبت من المغنى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نعَالِهِم». رَواه البُخارِىّ (1). وقال- الخَطّابِىُّ (2): يُشْبِهُ أن يَكُونَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم إنَّما كَرِه للرجلِ المَشْىَ في نَعْلَيْه؛ لِما فيه مِن الخُيَلاءِ، فإنَّ نِعالَ السِّبْتِ مِن لِباسِ أهلِ التَّنَعَّمِ، قال عَنْتَرَةُ (3):
* يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ ليس بتَوْأمِ *
ولَنا، أمْرُه عليه السلام في الحَدِيثِ المُتَقَدِّمِ، وأدْنَى أحْوالِ الأمْرِ النَّدْبُ، ولأنَّ خَلْعَ النَّعْلَيْن أقْرَبُ إلى الخُشُوعِ، وزِىِّ أهْلِ التَّواضُعِ، واحْتِرامِ أمْوَاتِ المُسْلِمِينَ. وإخْبارُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ المَيِّتَ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعالِهم لا يَنْفِى الكَراهَةَ، إنَّما يَدُلّ على وُقوع هذا منهم، ولا نِزاعَ فيه.
فأمّا إن كان للماشِى عُذْرٌ يَمْنَعُه مِن الخَلْعِ؛ مِن شَوْكٍ يَخافُ منه على قَدَمَيْه، أو نَجاسَةٍ تَمَسُّهما، لم يُكْرَهِ المَشْىُ فيهما؛ لأنَّ العُذْرَ يَمْنَعُ الوُجُوبَ في بعضِ الأحْوالِ، فالاسْتِحْبابُ أوْلَى. ولا يَدْخُلُ في
(1) في: باب الميت يسمع خفق النعال، وباب ما جاء في عذاب القبر، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى 2/ 113، 123.كما أخرجه مسلم، في: باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه. . . . إلخ، من كتاب الجنة. صحيح مسلم 4/ 2200، 2201. وأبو داود، في: باب المشى بين القبور في النعل، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 195. والنسائى، في: باب التسهيل في غير السبتية، وباب المسألة في القبر، وباب مسألة الكافر، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 79. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 126، 233. ومختصرا في 2/ 347، 445.
(2)
في: معالم السنن 1/ 317.
(3)
عجز بيت له من معلقته، وصدره:
* بطلٌ كأنَّ ثيابَه في سَرْحَةٍ *
ديوانه 103.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الاسْتِحْبابِ نَزْعُ الخِفافِ؛ لأنَّه يَشُقُّ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه كان إذا أراد أن يَخْرُجَ إلى الجِنازَةِ لَبس خُفَّيْه، مع أمْرِه بخَلْعِ النِّعالِ. فأمّا غيرُ النِّعالِ ممّا يُلْبَسُ كالتُّمُشْكَاتِ (1) وغيرِها، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يُخْلَعُ قِياسًا على النِّعالِ. والثانِى، أنَّ الكرَاهَةَ لا تَتَعَدَّى النِّعالَ. ذَكَرَه القاضى؛ لأنَّ النَّهْىَ غيرُ مُعَلَّل، فلا يَتَعَدَّى مَحَلَّه.
فصل: والدَّفْنُ في مَقابِرِ المسلمين أعْجَبُ إلى أبى عبدِ اللهِ مِن الدَّفْنِ في البُيُوتِ؛ لأنَّه أقَلّ ضرَرًا على الأحْياءِ مِن الوَرَثةِ، وأشْبَهُ بمَساكنِ الآخِرَةِ، وأكْثَرُ للدُّعاءِ له، والتَّرَحُّمِ عليه. ولم يَزَل الصحابةُ والتّابِعُون ومَن بعدَهم يُقْبَرُون في الصَّحارَى. فأمّا النبىُّ صلى الله عليه وسلم فإنَّما قُبِر فِى بَيْتِه، قالَتْ عائشةُ: لِئَلَّا يُتَّخَذَ قَبْرُه مَسْجِدًا. رَواه البُخارىُّ» (2).
ولأَّنه صلى الله عليه وسلم كان يَدْفِنُ أصْحابَه في البَقِيعِ، وفِعْلُه أوْلَى مِن فِعْلِ غيرِه، وإنَّما أصحابُه رَأَوْا تَخْصِيصَه بذلك. ولأنَّه رُوِىَ:«يُدْفَنُ الأنْبِيَاءُ حَيْثُ يَمُوتُونَ» (3). وصِيانَةً له عن كَثْرَةِ الطُّرَّاقِ، وتَمْيِيزًا له عن غيرِه صلى الله عليه وسلم
فصل: ويُسْتَحَبُّ الدَّفْنُ في المَقْبَرَةِ التى يَكْثُرُ فيها الصّالِحُون؛ لتَنَالَه بَرَكَتُهم، وكذلك في البِقاعِ الشَّرِيفَةِ. فقد رَوَى (4) البُخَارِىُّ،
(1) التمشك، بضم المثناة من فوق وضم الميم أيضا وسكون الشين بعدها الكاف: نوع من النعال مشهور عند أهل بغداد. قاله ابن نصر الله في حواشيه. الفروع 2/ 303.
(2)
انظر مواضع تخرج حديث «لعن الله اليهود والنصارى. . . .» الموضع الثانى والثالث، تقدم في 3/ 299.
(3)
أخرج نحوه ابن ماجه، في؛ باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 521.
(4)
في م: «روى في» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومسلمٌ (1)، أنَّ موسى عليه السلام لَمّا حَضرَه المَوْتُ، سَأل الله تَعالَى أن يُدْنِيَه إلى الأرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بحَجَرِ.
فصل: وجَمْعُ الأقَارِبِ في الدَّفْنِ حسنٌ، لقَوْلِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم حينَ حَضَر عثمان بنَ مَظْعُونٍ:«أدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أهْلِهِ (2)» . ولأنَّه أسْهَلُ لزِيارَتِهم، وأكْثَرُ للتَّرَحُّمِ عليهم. ويُسَنُّ تَقْدِيمُ الأبِ ثم مَن يَلِيه في السِّنِّ والفَضِيلَةِ إذا أمْكَنَ.
فصل: ويُسْتَحَبُّ دَفْنُ الشَّهِيدِ حيت قُتِل. قال أحمدُ: أمّا القَتْلَى فعلى حديثِ جابِرِ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«ادْفِنُوا الْقَتْلَى فِى مَصَارِعِهمْ» (3).
وروَى ابنُ ماجه (4)، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بقَتْلَى أُحُدٍ أن يُرَدُّوا إلى مَصارِعِهم. ولا يُنْقَلُ المَيِّتُ مِن بَلَدٍ إلى آخَرَ، إلَّا لغَرَض صَحِيح. وهذا قولُ الأوْزاعِىِّ، وابنِ المُنْذِرِ. قال عبدُ اللهِ بنُ أبى مُلَيْكَةَ: تُوُفِّىَ عبدُ الرحمنِ بنُ أبى بكر بالحُبْشِى (5)، فحُمِلَ إلي مَكَّةَ، فدُفِنَ، فلَمّا قَدِمَتْ
(1) أخرجه البخارى، في: باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى 2/ 113، ومسلم، في: باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم، من كتاب الفضائل. صحيح مسلم 4/ 1842، 1843.كما أخرجه النسائى، في: باب نوع آخر، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 96.
والإمام أحمد، في: المسند 2/ 269، 315.
(2)
في الأصل: «أهلى» . والحديث تقدم تخريجه في صفحة 229.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 180. والنسائى، في: باب أين يدفن الشهيد، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 65. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 486. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 308، 398.
(4)
انظر تخرج الحديث السابق.
(5)
في م: «بالحبشة» والحُبْشِىُّ، بضم المهملة في آخره ياء النسب من جبل بأسفل مكة بينه وبين مكة سنة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عائشةُ أتَتْ قَبْرَه، ثم قالَتْ: واللهِ لو حَضَرْتُك ما دُفِنْتَ إلَّا حيثُ مُتَّ، ولو شَهِدْتُك ما زُرْتُك (1). ولأنَّ ذلك أخَفُّ لمُؤْنَتِه وأسْلَمُ له مِن التَّغْيِيرِ.
فأمّا إن كان فيه غَرَضٌ صحيحٌ جاز. قال أحمدُ: ما أعْلَمُ بنَقْلِ الرجلِ يَمُوتُ في بَلَدِه إلى بَلْدَةٍ أُخْرَى بَأْسًا. وسُئِل الزُّهْرىُّ عن ذلك، فقالَ: قد حُمِل سعدُ بنُ أبى وَقَّاصٍ، وسَعِيدُ بنُ زيدٍ مِن العَقِيقِ (2) إلى المَدِينَةِ. وقال ابنُ عُيَيْنَةَ: ماتَ ابنُ عُمَرَ ههُنا، فأوْصَى أن لا يُدْفَنَ ههُنا، وأن يُدْفَنَ بسَرِفٍ (3).
فصل: وإذا تَنازَعَ اثْنان مِن الوَرَثَةِ، فقالَ أحَدُهما: يُدْفَنُ في المَقْبَرَةِ المُسَبَّلَةِ. وقال الآخرُ: يُدْفَنُ في مِلْكِه. دُفِن في الُمسَبَّلَةِ؛ لأنَّه لا مِنَّةَ فيها، وهو أقَلُّ ضرَرًا على الوارِثِ (4). فإن تَشاحّا في الكَفَنِ، قُدِّمَ قولُ مَن قال نُكَفِّنُه مِن مِلْكِه؛ لأنَّ ضرَرَه على الوارِثِ بلُحُوقِ المِنَّةِ، وتَكْفِينُه مِن مالِه قَلِيلُ الضَّرَرِ. وسُئِل أحمد عن الرجلِ يُوصِى أن يُدْفَنَ في دارِه.
= أميال. معجم البلدان 2/ 197.
(1)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في زيارة القبور للنساء، من أبواب الجنائز عارضة الأحوذى 4/ 275. والبيهقى، في: باب من كره نقل الموتى من أرض إلى أرض، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى 4/ 57. وعبد الرزاق، في: باب لا ينقل الرجل من حيث يموت، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 517.
(2)
العقيق هو الوادى شقه السيل، وفى بلاد العرب منها أربعة منها عقيق بناحية المدينة المنورة. معجم البلدان 3/ 700.
(3)
سرف: موضع على ستة أميال من مكة. معجم البلدان 3/ 77.
(4)
في م: «الورثة» .