الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهِىَ عَلَى ثَلَاثَةِ أنْوَاعٍ؛ أَحَدُهَا، الإبِلُ، فَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَتَجِبَ فِيهَا شَاةٌ،
ــ
849 - مسألة: (وهى ثَلَاثةُ أنْواعٍ؛ أحَدُها، الإِبِلُ، فلا زَكاةَ فيها حتى تَبْلُغَ خَمْسًا فتَجِبَ فيها شاةٌ)
بَدَأ بذِكْرِ الإِبِلِ؛ لأنَّها أهَمُّ، لكَوْنِها أعْظَمَ النَّعَمِ قِيمَةً وأجْسامًا، وأكْثَرَ أمْوالِ العَرَبِ، ووُجُوبُ الزكاةِ فيها ممّا أجْمَعَ عليه عُلَماءُ الإِسْلامِ، وصَحَّتْ فيه السُّنَّةُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومِن أحْسَنِ ما رُوِىَ فيها، ما روَى البخاريُّ (1) بإسْنادِه، عن أنَسِ بنِ مالكٍ، أنَّ أبا بكر الصِّدِّيقَ، رَضِىَ اللهُ عنه، كَتَبَ له كِتابًا لمّا وَجَّهَه إلى البَحْرَيْن: بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذه فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ التى فَرَض رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، والتى أمَر الله بها رَسُولَه صلى الله عليه وسلم، فمَن سُئِلَها مِن المسلمين على وَجْهِها فَلْيُعْطِها، ومَن سُئِل فَوْقَها فلا يُعْطِ: «في أرْبَعٍ وَعِشْرِين فَما دُونَها مِن الإِبِلِ في كُلِّ خَمْسٍ شاةٌ، فإذا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِين إلىِ خَمْسٍ وثَلاثِين، ففيها بنْتُ مَخاضٍ أُنْثَى، فإذا بَلَغَتْ سِتًّا وثَلاثِين إلى خمْسٍ وأرْبَعِين، ففيها بِنْتَ لَبُونٍ أُنْثَى، فإذا بَلَغَتْ سِتًّا وِأرْبَعِين إلى سِتِّين، ففيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الجَمَلِ، فإذا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وسِتِّين إلَى خمْسٍ وسَبْعِين، ففيها جَذَعَةٌ، فإذا بَلَغَتْ سِتًّا وسَبْعِين إلى تِسْعِين، ففيها بِنْتَا لَبُونٍ، فإذا بَلَغَتْ إحْدَى وتِسْعِين إلى عِشْرِين ومائَةٍ، ففيها حِقَّتانِ طَرُوقَتا
(1) أخرجه البخارى، في: باب لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع، وباب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، وباب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده، وباب زكاة الغنم، وباب لا تؤخذ في الصدقة هرمة. . . .، من كتاب الزكاة، وفى: باب في الزكاة وأن لا يفرق بين مجتمع. . . .، من كتاب الحيل. صحيح البخارى 2/ 144، 145، 146، 147، 9/ 29.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود 1/ 358 - 360. والنسائى، في: باب زكاة الإبل، باب زكاة الغنم، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 13؛ 14، 19، 20. وابن ماجه، في: باب إذا أخَذَ المصدق سنّا دون سن أو فوق سن، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 575. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 11، 12.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجَمَلِ، فإذا زادَتْ علي عِشْرِين ومائَةٍ، ففِى كلِّ أرْبَعِين بِنْتُ لَبُونٍ، وفى كلِّ خَمْسِين حِقَّةٌ، ومَن لم يَكُنْ مَعَهُ إلَّا أرْبَعٌ مِن الإِبِلِ، فليس عليه فيها صَدَقَةٌ إلَّا أنْ [يَشاءَ رَبُّها](1)، فإذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِن الإِبِلِ، ففيها شاةٌ». وتَمامُ الحَدِيثِ نَذْكُرُه إن شاء اللهُ في أبْواِبِه. وقولُ الصِّدِّيقِ: التى فَرَض رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَعْنِى: قَدَّرَ. ومنه فرَض الحاكِمُ للمرأةِ: بمَعْنَى قَدَّرَ (2) التَّقْدِيرَ. وقولُ المُصَنِّفِ: ولا شئَ فيها حتى تَبْلُغَ خَمْسًا. مُجْمَعٌ عليه، وقد دَلَّ عليه قَوْلُه في هذا الحَدِيثِ:«وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلَّا أرْبَعٌ مِنَ الإِبِلِ، فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَ» . وقَوْلُه عليه السلام: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خمْسِ ذَوْدٍ (3) صَدَقَةٌ، فَإذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ» (4). وهذا مُجْمَعٌ عليه أيضًا، وقد دَلَّ عليه الحَدِيثُ المَذْكُورُ أيضًا، وإنَّما أوْجَبَ الشّارِعُ فيما دُونَ خَمْس وعِشْرِين مِن الإبِلِ الشّاةَ؛ لأنَّها لا تَحْتَمِلُ المُواساةَ مِن جِنْسِها، لأنَّ واحِدَةً منها كَثِيرٌ، وإيجابُ شِقْصٍ منها يَضُرُّ بالمالكِ والفَقِيرِ، والإِسْقاطُ غيرُ مُمْكِنٍ، فعَدَلَ إلى إيجابِ الشّاةِ جَمْعًا بينَ الحُقُوقِ، فصارَتْ أصْلًا في الوُجُوبِ لا يَجُوزُ إخْراجُ الإِبِلَ مَكانَها.
(1) في م: «يشارى بها» .
(2)
سقط من: م.
(3)
الذود: بفتح الذال وسكون الواو الجمع من الإبل.
(4)
هذا بعض الحديث المتقدم تخريجه في صفحة 310 بلفظ: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يُجْزِئُ في الغَنَمِ المُخْرَجَةِ في الزكاةِ إلَّا الجَذَعُ مِن الضّأْنِ، وهو ما لَه سِتَّةُ أشْهُرٍ فما زاد، والثَّنِيُّ مِن المَعْزِ، وهو ما لَه سَنَةٌ، وكذلك شاةُ الجُبْرانِ، وأيُّهما أخْرَجَ أجْزأه، ولا يُعْتَبَرُ كَوْنُها مِن جِنْسِ غَنَمِه، ولا جِنْسِ غَنَمِ البَلَدِ؛ لأنَّ الشّاةَ مُطْلَقَةٌ في الخَبَرِ الذى ثَبَت به وُجُوبُها، وليس غَنَمُه ولا غَنَمُ البَلَدِ سَبَبًا لوُجُوبِها، فلم يَتَقَيَّدْ بذلك، كالشّاةِ الواجِبَةِ في الفِدْيَةِ، وتَكُونُ أُنْثَى، ولا يُجْزِئُ الذَّكَرُ، كالشّاةِ الواجِبَةِ في نِصابِ الغَنَمِ. ويَحْتَمِلُ أن تُجْزِئَه؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أطْلَقَ الشّاةَ، ومُطْلَقُ الشّاةِ يَتَناوَلُ الذَّكَرَ والأُنْثَى، وقِياسًا على الأُضْحِيَةِ، فإن لم يَكُنْ له غَنَمٌ، لَزِمَه شِراءُ شاةٍ. وقال أبو بكرٍ: يُخْرِجُ عَشَرَةَ دَراهِمَ، قِياسًا على شاةِ الجُبْرانِ. ولنا، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم: نَصَّ على الشّاةِ، فيَجِبُ العَمَلُ بنَصِّه، ولأنَّ هذا إخْراجُ قِيمَةٍ فلم يَجُزْ، كالشّاةِ الوَاجِبَةِ في نِصابِها، وشاةُ الجُبْرانِ مُخْتَصَّةٌ بالبَدَلِ بالدّراهِم، بدَلِيلِ أنَّها لا تَجُوزُ بَدَلًا عن الشّاةِ الواجِبَةِ في سائِمَةِ الغَنَمِ، ولأنَّ شاةَ الجُبْرانِ يَجُوزُ إبْدالُها بالدَّراهِمِ مع وُجُودِها، بخِلافِ هذه.
فصل: وتَكُونُ الشّاةُ المُخْرَجَةُ كحال الإِبِلِ في الجَوْدَةِ والرَّداءَةِ والتَّوَسُّطِ، فيُخْرِجُ عن السِّمانِ سَمِينَةً، وعن الهُزالِ هَزِيلَةً، وعن الكِرامِ كَرِيمَةً، وعن اللِّئامِ لَئِيمَةً، فإن كانتْ مِراضًا أخْرَجَ شاةً صَحِيحَةً على