الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ، وَأَنْ يَجْعَلَ الْمُصَابُ عَلَى رَأْسِهِ ثَوْبًا يُعْرَفُ بِهِ.
ــ
819 - مسألة: (ويَجُوزُ البُكاءُ على المَيِّتِ، وأن يَجْعَلَ المُصابُ على رَأْسِه ثَوْبًا يُعْرَفُ به)
ليُعَزَّى. البُكاءُ بمُجَرَّدِه. لا يُكْرَهُ في حالٍ. وقال الشافعىُّ: يُباحُ قبلَ المَوْتِ، ويُكْرَهُ بعدَه؛ لِما روَى عبدُ اللهِ بنُ عَتِيكٍ (1)، قال: جاء (2) رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى عبدِ اللهِ بنِ ثابِتٍ يَعُودُه، فوَجَدَه قد غُلِب، فصاح به فلم يُجِبْه، فاسْتَرْجَعَ، وقال:«غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أبَا الرَّبِيعِ» . فصاح النِّسْوَةُ، وبَكَيْنَ، فجَعَلَ ابنُ عَتِيكٍ يُسْكِتُهُنَّ.
فقالَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم: «دَعْهُنَّ، فَإذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ» (3). يَعْنِى إذا
(1) في مصادر تخريج الحديث أنه جابر بن عتيك.
(2)
في الأصل: «جاز» .
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب في فضل من مات بالطاعون، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 167.
والنسائى، في: باب النهى عن البكاء على الميت، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 12. والإمام مالك، في: باب النهى عن البكاء على الميت، من كتاب الجنائز. الموطأ 1/ 233. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 446.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ماتَ. ولَنا، ما روَى أنَسٌ، قال: شَهِدْنا بنتَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جالِسٌ على القَبْرِ، فرَأيْتُ عَيْنَيْه تَدْمَعَان (1). وقَبَّلَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم عثمانَ بنَ مَظْعُونٍ وهو مَيِّتٌ، وعَيْناه تُهَرَاقان (2). وقالَتْ عائشةُ: دَخَل أبو بكرٍ، فكَشَفَ عن وَجْهِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقَبَّلَه، ثم بَكَى (3). وكلُّها أحاديثُ صِحاحٌ. ورُوِىَ أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم دَخَل على سعدِ بنِ عُبادَةَ، وهو في غاشِيَتِه، فبَكَى، وبَكَى أصحابُه، وقال:«ألَا تَسْمَعُونَ؟ إنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ القَلْبِ، ولَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذا، وأشار إلى لِسانِه، أوْ يَرْحَمُ» . مُتَّفَقٌ عليه (4). وحَدِيثُهم مَحْمُولٌ على رَفْعِ
(1) أخرجه البخارى، في: باب قول النبى صلى الله عليه وسلم يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه. . . .، وباب من يدخل قبر المرأة، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى 2/ 100، 114. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 126، 228.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 133.
(3)
أخرج البخارى، في: باب الدخول على الميت بعد الموت. . . .، من كتاب الجنائز، وفى: باب قول النبى صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذًا خليلًا، من كتاب فضائل الصحابة، وفى: باب مرض النبى صلى الله عليه وسلم ووفاته، من كتاب
المغازى. صحيح البخارى 2/ 90، 5/ 8، 6/ 17. والنسائى، في: باب تقبيل الميت، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 10. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 55، 117
(4)
أخرجه البخارى، في: باب البكاء عند المريض، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى 2/ 106.
ومسلم، في: باب البكاء على الميت، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 636.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّوْتِ، والنَّدْبِ، وشِبْهِهما، بدَلِيلِ ما روَى جابِرٌ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أخَذَ ابْنَه، فوَضَعَه في حِجْرِه، فبَكَى، فقالَ له عبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ: أتَبْكِى! أوَ لم تَكُنْ نَهَيْتَ عن البُكاءِ؟ قال: «لَا، وَلَكِنْ نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ؛ صَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ، وَخَمْشِ وُجُوهٍ، وَشَقِّ جُيُوبٍ، وَرَنَّةِ شَيْطَانٍ» (1). حديثٌ حسنٌ. وهذا يَدُلُّ على أنَّه لم يَنْهَ عن مُطْلَقِ البُكاءِ، إنَّما نَهَى عنه مَوْصُوفًا بهذه الصِّفاتِ. وْقال عُمَرُ: ما على نِساءِ بَنِى المُغِيرَةِ أن يَبْكِينَ على أبى سُليمانَ، ما لم يَكُنْ نَقْعٌ أو لَقْلَقَةٌ (2). اللَّقْلَقَةُ: رَفْعُ الصَّوْتِ، والنَّقْعُ: التُّرابُ.
(1) أخرجه البخارى، في: باب قول النبى صلى الله عليه وسلم إنا بك لمحزونون، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى
2/ 105. ومسلم، في: باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالصبيان والعيال. . . . إلخ، من كتاب الفضائل. صحيح مسلمِ
4/ 1808. وأبو داود مختصرًا، في: باب في البكاء على الميت، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 172.
والإمام أحمد، في: المسند 3/ 194.
(2)
أخرجه البخارى تعليقا، في: باب ما يكره من النياحة على الميت، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى 3/ 102. ووصله عبد الرزاق، في: باب الصبر والبكاء والنياحة، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 558، 559.