الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تَجِبُ إِلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ؛ الإِسْلَامِ، وَالْحُرِّيَّةِ،
ــ
لأنُّ اسْمَ البَقَرِ عندَ الإِطْلاقِ لا يَنْصَرِفُ إليها، ولا تُسَمَّى بَقَراً إلَّا بالإِضافَةِ إلى الوَحْشِ، ولأنَّها حَيَوانٌ لا يُجْزِئُ نَوْعُه في الأُضْحِيَةِ والهَدْىِ، فلم تَجِبْ فيه الزكاةُ، كالظِّباءِ، وليست مِن بَهِيمَةِ الأنْعامِ، فلم تَجِبْ فيها الزكاةُ، كسائِرِ الوَحْشِ. يُحَقِّقُ ذلك أنَّ الزكاةَ إنَّما وَجَبَتْ في بَهِيمَةِ الأنعامِ دُونَ غيرِها، لكَثْرَةِ النَّماءِ فيها مِن دَرِّها ونَسْلِها، وكَثْرَةِ الانْتِفاعِ بها، وخِفَّةِ مُؤْنَتِها، وهذا المَعْنَى مُخْتَصٌّ بها، فاخْتَصَّتِ الزكاةُ بها. ولا تَجِبُ الزكاةُ في الظِّباءِ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافاً؛ لعَدَمِ تَناوُلِ اسْمِ الغَنَمِ لها.
واللهُ أعْلَم.
824 - مسألة: (ولا تَجِبُ إلَّا بشُرُوطٍ خَمْسَةٍ؛ الإِسلامِ
،
فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا مُكَاتَبٍ.
ــ
والحُرِّيَّةِ، فلا تَجِبُ على كافِرٍ، ولا عَبْدٍ، ولا مُكاتَبٍ) لا تَجِبُ الزكاةُ على كافِرٍ، لقَوْلِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم لِمُعاذٍ حينَ بَعَثَه إلى اليَمَنِ:«إِنَّكَ تَأْتِى قَوْماً أهْلَ كِتَابٍ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ» . إلى قولِه «فَإنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِك فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ فِى فُقَرَائِهِمْ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). فجَعَلَ الإِسْلامَ شَرْطاً لوُجُوبِ الزكاةِ، ولأنَّها أحَدُ أرْكانِ الإِسْلامِ، فلم تَجِبْ على كافِرٍ، كالصِّيامِ. وذَهَب بعضُ العُلَماءِ إلى أنَّها تَجِبُ عليه في حالِ كُفْرِه، بمَعْنَى أنَّه يُعاقَبُ عليها إذا مات على كُفْرِه، وهذا لا يَتَعَلَّقُ به حُكْمٌ، فلا حاجَةَ إلى ذِكْرِه. هذا حُكْمُ الكافِرِ الأصْلِىِّ.
(1) تقدم تخريجه في 2/ 99.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فأمّا المُرْتَدُّ فَلَنا فيه وَجْهٌ، أنَّه يَجِبُ عليه قَضاءُ الزكاةِ في حالِ رِدَّتِه إذا أسْلَمَ. ولأصحابِ الشافعىِّ فيه قَوْلان مَبْنِيّان على زَوالِ مِلْكِه بالرِّدَّةِ، فإن قُلْنا: يَزُولُ. فلا زَكاةَ عليه. وإن قُلْنا: لا يَزُولُ مِلْكُه. أو: هو مَوْقُوفٌ.
وَجَبَتْ عليه؛ لأنَّه حَقٌّ الْتَزَمَه بالإِسْلامِ، فلم يَسْقُطْ بالرِّدَّةِ، كحُقُوقِ الآدَمِيِّين. والأوَّلُ ظاهِرُ المَذْهَبِ. ولا تَجِبُ على عَبْدٍ. وهذا قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. ورُوِىَ عن عَطاءٍ، وأبى ثَوْرٍ، أنَّه يَجِبُ على العَبْدِ زَكاةُ مالِه.
ولَنا، أنَّ العَبْدَ ليس بتامِّ المِلْكِ، فلم يَلْزَمْه زَكاةٌ، كالمُكاتَبِ، ولأنَّ الزكاةَ إنَّما وَجَبَتْ على سَبِيلِ المُواساةِ، ومِلْكُ العَبْدِ ناقِصٌ لا يَحْتَمِلُ المُواساةَ، بدَلِيلِ أنَّه لا تَجِبُ عليه نَفَقَةُ أقارِبِه، لكَوْنِها وَجَبَتْ مُواساةً ولا يَعْتِقُون عليه. ولا تَجِبُ على مُكاتَبٍ؛ لأنَّه عَبْدٌ، لقَوْلِه عليه السلام:
«الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِىَ عَلَيْه دِرْهَمٌ» . رَواهُ أبو داودَ (1). ولأنَّ مِلْكَه غيرُ
(1) في: باب في المكاتب يؤدى بعض كتابته. . . .، من كتاب العتق. سنن أبى داود 2/ 346. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدى، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى 5/ 265. وابن ماجه، في: باب المكاتب، من كتاب العتق. سنن ابن ماجه 2/ 842. والإمام أحمد، في: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تامٍّ، فهو كالعَبْدِ، ولا نَعْلَمُ أحَداً قال بوُجُوبِ الزكاةِ على المُكاتَبِ إلَّا أبا ثَوْرٍ، ذَكَرَه عنه ابنُ المُنْذِرِ. واحْتَجَّ أبو ثَوْرٍ بأنَّ الحَجْرَ مِن السَّيِّدِ لا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزكاةِ، كالحَجْرِ على الصَّبِىِّ والمَجْنُونِ والمَرْهُونِ.
وحُكِىَ عن أبى حنيفةَ، أنَّه أوْجَبَ العُشْرَ في الخارِجِ مِن أرْضِه، بِناءً على أصْلِه في أنَّ العُشْرَ مُؤْنَةُ الأرْضِ، وليس بزَكاةٍ. ولَنا، ما رُوِىَ أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا زَكَاةَ فِى مَالِ الْمُكَاتَبِ» (1). رَواه الفُقَهاءُ في كُتُبِهم.
ولأنَّ الزكاةَ تَجِبُ علىْ طَرِيقِ المُواساةِ، فلم تَجِبْ في مالِ المُكاتَبِ، كنَفَقَةِ الأقارِبِ، وفارَقَ المَحْجُورَ عليه، فإنَّه مُنِعَ التَّصَرُّفَ لنَقْصِ تَصَرُّفِه لا لنَقْصِ مِلْكِه، والمَرْهُونُ مُنِعَ مِن التَّصَرُّفِ فيه بعَقْدِه، فلم يَسْقُطْ حَقُّ اللهِ تعالى. ومتى كان مَنْعُ. التَّصَرُّفِ فيه لدَيْنٍ لا يُمْكِنُه وَفاؤُه مِن غيرِه، فلا زكاةَ عليه، وسَيأْتِى ذلك إن شاء اللهُ تعالى. فإن عَجَز المُكاتَبُ ورُدَّ في الرِّقِّ، صار ما في يَدِه لسَيِّدِه، فاسْتَقْبَلَ به حَوْلاً، إن كان نِصاباً، وإلَّا ضَمَّه إلى ما في يَدِه، كالمُسْتَفادِ. وإن أدَّى المُكاتَبُ ما عليه، وبَقِىَ في يَدِه نِصابٌ، فقد صار حُرّاً تامَّ المِلْكِ، فيَسْتأنِفُ الحَوْلَ مِن حينِ عِتْقِه ويُزَكِّى، كسائِرِ الأحْرارِ.
= المسند 2/ 178، 184، 206، 209.
(1)
أخرجه البيهقى، في: باب من قال زكاة ماله على مالكه وإن العبد لا يملك، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 109. والدارقطنى، في: باب ليس في مال المكاتب زكاة حتى يعتق، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى 2/ 108.