الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ سِنٌّ فَعَدِمَهَا، أَخْرَجَ سِنًّا أَسْفَلَ مِنْهَا وَمَعَهَا شَاتَانِ أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا،
ــ
الفَرِيضَتَيْن يُسَمَّى الأوْقاصَ، ولا شئَ فيها؛ لعَفْوِ الشّارِعِ عنها. قال الأثْرَمُ: قُلْتُ لأبِى عبدِ اللهِ: الأوْقاصُ كما بينَ الثَّلاثِين إلى الأرْبَعِين في البَقَرِ وما أشْبَهَ هذا؟ قال: نعم، والشَّنَقُ ما دُونَ الفَرِيضَةِ. قُلْتُ له: كأنَّه ما دُونَ الثَّلاثِين مِن البَقَرِ؟ قال: نعم. وقال الشَّعْبِىُّ: الشَّنَقُ ما بينَ الفَرِيضَتَيْن أيضًا. قال أصحابُنا: والزكاةُ تَتَعَلَّقُ بالنِّصابِ دُونَ الوَقْصِ. ومَعْناه: أنَّه إذا كان عندَه ثَلاثُون مِن الِإبِلِ، فالزكاةُ تَتَعَلَّقُ بخَمْسٍ وعِشْرِين دُونَ الخَمْسَةِ الزّائِدَةِ. فعلى هذا لو وَجَبَتِ الزكاةُ فيها، وتَلِفَتِ الخَمْسَةُ قبلَ التَّمَكُّنِ مِن أدائِها، وقلنا: إنَّ تَلَفَ المالِ قبلَ التَّمَكُّنِ يُسْقِطُ الزكاةَ. لم يَسْقُطْ ههُنا منها شئٌ، لأنَّ التّالِفَ لم تَتَعَلَّقِ الزكاةُ به، وإن تَلِف منها عَشْرٌ سَقَط مِن الزكاةِ خُمْسُها؛ لأنَّ الاعْتِبارَ بتَلَفِ جُزْءٍ مِن النِّصابِ، وإنَّما تَلِف مِن النِّصابِ خُمْسُه. وأمّا مَن قال: لا تَأْثِيرَ لتَلَفِ النِّصابِ في إسْقاطِ الزكاةِ فلا فائدَةَ في الخِلافِ عندَه في هذه المَسْألَةِ فيما أعلمُ.
858 - مسألة: (ومَن وَجَبَتْ عليه سِنٌّ فعَدِمَها، أخْرَجَ سِنًّا أسْفَلَ
وَإنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَعْلَى مِنْهَا، وَأَخَذَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ السَّاعِى.
ــ
منها ومعها شاتان أو عِشْرُون دِرْهَمًا، وإن شاء أخْرَجَ أعْلَى منها، وأخَذ مِثْلَ ذلك مِن السّاعِى) هذا هو المَذْهَبُ، إلَّا أنَّه لا يَجُوزُ أن يُخْرِجَ أدْنَى مِن ابْنَةِ مَخاضٍ، لأنَّها أدْنَى سِنٍّ تَجِبُ في الزكاةِ، ولا يُخْرِجَ أعْلَى مِن الجَذَعَةِ، إلَّا أن يَرْضَى رَبُّ المالِ بإخْراجِها بغيرِ جُبْرانٍ، فيُقْبَلُ منه. والاخْتِيارُ في الصُّعُودِ والنُّزُولِ، والشِّياهِ والدَّراهِمِ، إلى رَبِّ المالِ. وبهذا قال النَّخَعِىّ، والشافعىُّ، وابنُ المُنْذِرِ. واخْتَلَفَ فيه عن إسْحاقَ. وقال الثَّوْرِىُّ: يُخْرِجُ شاتَيْن أو عَشَرَةَ دَراهِمَ؛ لأنَّ الشّاةَ مُقَوَّمَةٌ في الشَّرْعِ بخَمْسَةِ دَراهِمَ، بدَلِيلِ أنَّ نِصابَها أرْبَعُون، ونِصابَ الدَّراهِمِ مائَتان. وقال أصحابُ الرَّأْىِ: يَدْفَعُ قِيمَةَ ما وَجَب عليه، أو دُونَ السِّنِّ الواجِبَةِ، وفَضْلَ ما بينَهما دَراهِمَ. ولَنا، أنَّ في حَدِيثِ الصَّدَقاتِ الذى كَتَبَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبو بكرِ، لأنَسٍ، أنَّه قال:«ومَن بلَغَتْ عِنْدَه مِن الإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ، وليست عندَه جَذَعَةٌ، وعندَه حِقَّةٌ، فإنَّها تُقْبَلُ منه الحِقَّةُ، ويَجْعَلُ معها شاتين، إنِ اسْتَيْسَرَتا له، أو عِشْرِين دِرْهَمًا، ومَن بَلَغَتْ عندَه صَدَقَةُ الحِقَّةِ، وليست عندَه، وعندَه الجَذَعَةُ، فإنَّها تُقْبَلُ منه الجَذَعَةُ، ويُعْطِيه المُصَدِّقُ عِشْرِين دِرْهَمًا أو شاتَيْن، ومَن بَلَغَتْ عندَه صَدَقَةُ الحِقَّةِ، وليست عندَه إلَّا ابْنَةُ لَبُونٍ، فإنَّها تُقْبَلُ منه بِنْتُ لَبُونٍ، ويُعْطِى شاتَيْن، أو عِشْرِين دِرْهَمًا، ومَن بَلَغَتْ صَدَقَتُه بِنْتَ لَبُونٍ، وليست عندَه، وعندَه بِنْتُ مَخاضٍ، فإنَّها تُقْبَلُ منه بِنْتُ مَخاضٍ، ويُعْطِى معها عِشْرِين دِرْهَمًا، أو شاتَيْن» (1). وهذا نَصٌّ ثابتٌ صحيحٌ، فلا يُلْتَفَتُ إلى ما سِواه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه لا يَجُوزُ العُدُوْلُ إلى هذا الجُبْرانِ مع وُجُودِ الأصْلِ؛ لأنَّه مَشْرُوطٌ في الخَبَرِ بعَدَمِ الأصْلِ. فإن أراد أن يُخْرِجَ في الجُبْرانِ شاةً، وعَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فقال القاضى: يَجُوزُ، كما قُلْنا في الكَفَّارَةِ، له إخْراجُها مِن جِنْسَيْن، ولأنَّ الشَّاةَ مَقامُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فإذا اخْتار إخْراجَها وعَشَرَةٌ جاز. ويَحْتَمِلُ المَنْعَ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ بينَ شاتَيْن أو عِشْرِين دِرْهَمًا، وهذا قِسْمٌ ثالِثٌ، فتَجْوِيزُه يُخالِفُ الخَبَرَ. واللهُ أعلمُ.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 395.