الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ، فَإِنْ شَاءَ أخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، وَإِنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُخْرِجُ الحِقَاقَ.
ــ
وَاحِدَةً». وهذا يُقَيِّدُ مُطْلَقَ الزِّيادَةِ في الرِّوايَةِ الأُخْرَى؛ ولأنَّ سائِرَ الفُرُوضِ لا يَتَغَيَّرُ بزِيادَةِ جُزْءٍ، كذا هذا. وعلى كِلْتا الرِّوايَتَيْن، متى بَلَغَتْ مِائَةً وثَلاِثين ففيها حِقَّةٌ وبِنْتا لَبُونٍ، وفى مِائةٍ وأرْبَعِين حِقَّتان وبِنْتُ لَبُونٍ، وفى مِائةٍ وخَمْسِين ثَلاثُ حِقاقٍ، وفى مِائَةٍ وسِتِّين أرْبَعُ بَناتِ لَبُونٍ، ثم كُلَّما زَادَتْ على ذلك عَشْرًا أُبْدِلَتْ بِنْتُ لَبُونٍ بحِقَّةٍ، ففى مِائةٍ وسَبْعِين حِقَّةٌ وثَلاثُ بَناتِ لَبُونٍ، وفى مِائةٍ وثَمانِين حِقَّتان وابْنَتا لَبُونٍ، وفى مِائةٍ وتِسْعِين ثَلاثُ حِقاقٍ وبِنْتُ لَبُونٍ.
856 - مسألة: (فإذا بَلَغَتْ مِائَتيْن اتَّفَقَ الفَرْضانِ، فإن شاء أخْرَجَ أرْبَعَ حِقاقٍ، وإن شاء خَمْسَ بَناتِ لَبُونٍ، والمَنْصوصُ أنَّه يُخْرِجُ الحِقاقَ)
إذا بَلَغَتْ إبِلُه مِائَتَيْن اجْتَمَعَ الفَرْضان؛ لأنَّ فيها أرْبَعَ خَمْسِيناتٍ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وخَمْسَ أرْبَعِيناتٍ، فيَجِبُ عليه أرْبَعُ حِقاقٍ أو خَمْسُ بَناتِ لَبُونٍ، أىَّ الفَرْضَّيْن شاء أخْرَجَ؛ لوُجُودِ المُقْتَضَى لكلِّ واحِدٍ منهما، وإن كان أحَدُهما أفْضَلَ مِن الآخَرِ. ومَنْصُوصُ أحمدَ، رحمه الله، أنَّه يُخْرِجُ الحِقاقَ. وذلك مَحْمُولٌ على أنَّ عليه أرْبَعَ حِقاقٍ بصِفَةِ التَّخْيِيرِ، اللَّهُمَّ إلَّا أن يَكُونَ المُخْرِجُ ولِىَّ يَتِيمٍ أو مَجْنُونٍ، فليس له أن يُخْرِجَ مِن مالِه إلَّا أدْنَى الفَرْضَيْن. وقال الشافعىُّ: الخِيَرَةُ إلى السّاعِى، ومُقْتَضَى قَوْلِه أنَّ رَبَّ المالِ إذا أخْرَجَ لَزِمَه إخْراجُ أعْلَى الفَرْضَيْن، واحْتَجَّ بقَوْلِ الله تِعالى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (1). ولأنَّه وُجِدَ سَبَبُ الفَرْضَيْن، فكانتِ الخِيَرَةُ إلى المُسْتَحِقِّ أو نائِبِه، كقَتْلِ العَمْدِ المُوجِبِ للقِصاصِ أو الدِّيَةِ. ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم في كتابِ الصَّدَقاتِ الذى كان عندَ آلِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ:«فَإذَا كَانتْ مِائَتَيْن، فَفِيهَا أرْبَعُ حِقَاقٍ، أوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ، أىَّ الشَّيْئَيْنِ وَجَدْتَ أخَذْتَ» (2). وهذا نَصٌّ لا يُعَرَّجُ معه على ما يُخالِفُه. ولأنَّها زَكاةٌ ثَبَت فيها الخِيارُ، فكان ذلك لرَبِّ المالِ،
(1) سورة البقرة 267.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 407.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالخِيَرَةِ في الجُبْرانِ بينَ الشِّياهِ والدَّراهِم، وبينَ النُّزُولِ والصُّعُودِ، والآيَةُ لا تَتَناوَلُ ما نحن فيه؛ لأنَّه إنَّما يَأْخُذُ الفَرْضَ بصِفَةِ المالِ، بدَلِيلِ أنَّه يَأْخُذُ مِن الكِرامِ كَرِيمَةً، ومِن غيرِها مِن الوَسَطِ، فلا يَكُونُ خَبِيثًا، ولأنَّ الأدْنَى ليس. بخبِيثٍ، وكذلك لو لم يَكُنْ يُوجَدُ إلَّا سَبَبُ وُجُوبِه وَجَب إخْراجُه، وقِياسُنا أوْلَى مِن قِياسِهِم؛ لأنَّ قِياسَ الزكاةِ على مِثْلِها أَوْلَى مِن قِياسِها على الدِّيَاتِ. فإن كان أحَدُ الفَرْضَيْن في مالِه دُونَ الآخَرِ؛ فهو مُخَيَّرٌ بينَ إخْراجِه وشِراءِ الآخَرِ، ولا يَتَعَيَّنُ عليه إخْراجُ المَوْجُودِ؛ لأنَّ الزكاةَ لا تَجِبُ مِن عَيْنِ المالِ. وقال القاضى: يَتَعَيَّنُ عليه إخْراجُ المَوْجُودِ. وهو بَعِيدٌ؛ لِما ذَكَرْنا، إلَّا أن يَكُونَ أراد إذا عَجَز عن شِراء الآخَرِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن أراد إخْراجَ الفَرْضِ مِن نَوْعَيْنِ، نَظَرْنا؛ فإن لم نَحْتَجْ إلى تَشْقِيصٍ، كَزَكاةِ الثَّلاثِمائَةٍ يُخرِجُ عنها حِقَّتَيْن وخَمْسَ بَناتِ لَبُونٍ، جاز. وهذا مَذْهَبُ الشافعىِّ. وإنِ احْتاجَ إلى تَشْقِيصٍ، كزَكاةِ المائَتَيْن، لم يَجُزْ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ مِن غيرِ تَشْقِيصٍ. وقِيلَ: يَحْتَمِلُ أن يَجُوزَ، على قِياسِ قولِ أصحابِنا في جَوازِ عِتْقِ نِصْفِ عَبْدَيْن في الكَفّارَةِ. وهذا غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ بالتَّشْقِيصِ في زَكاةِ السّائِمَةِ إلَّا مِن حاجَةٍ، ولذلك جَعَل لها أوْقاصًا، دفْعًا للتَّشْقِيصِ عن الواجِبِ فيها، وعَدَل فيما دُونَ خَمْسٍ وعِشْرِين مِن الِإبِلِ عنِ الجِنْسِ إلى الغَنَمِ، فلا يَجُوزُ القَوْلُ بِجَوازِه مع إمْكانِ العُدُولِ عنه إلى فَرِيضَةٍ كامِلَةٍ. وإن وَجَد أحَدَ الفَرْضَيْن كامِلًا، والآخَرَ ناقِصًا لا يُمْكِنُه إخْراجُه، إلَّا بجُبْرانٍ معه، مِثْلَ أن يَجِدَ في المائَتَيْن خَمْسَ بَناتِ لَبُونٍ وثَلاثَ حِقاقٍ، تَعَيَّنَ أخْذُ الفَرِيضَةِ الكامِلَةِ؛ لأنَّ الجُبْرانَ بَدَلٌ لا يَجُوزُ مع المُبْدَلِ. وإن كان كلُّ واحِدٍ يَحْتاجُ إلى جُبْرانٍ، مثلَ أن يَجِدَ أرْبَعَ بَناتِ لَبُونٍ وثَلاثَ حِقاقٍ، فهو مُخَيَّرٌ