الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَيَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِىَ بِغَيْرِ مُونَةٍ؛ كَالْغَيْثِ، وَالسُّيُوخِ، وَمَا يَشْرَب بِعُرُوقِهِ، وَنِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِىَ بِكُلْفَةٍ؛ كَالدَّوَالِى وَالنَّوَاضِحِ.
ــ
فصل: قال، رَضِىَ اللَّه عنه:(ويَجِبُ العُشْرُ فيما سُقِىَ بغَيْرِ مُؤْنَةٍ؛ كالغَيْثِ، والسُّيُوحِ (1)، وما يَشْرَبُ بعُرُوقِه، ونِصْفُ العُشْرِ فيما سُقِىَ بكُلْفَةٍ؛ كالدَّوالِى والنَّواضِحِ) وهذا قولُ مالكٍ، والثَّوْرِىِّ، والشافعىِّ، وأصحابِ الرَّأْى. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِىَ بالنَّضْحِ
(1) السيوح: جمع سَيْح، وهو الماء الظاهر الجارى على وجه الأرض.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نِصْفُ العُشْرِ». رَواه البخارىُّ (1). قال أبو عُبَيْدٍ (2): العَثَرِىُّ ما تَسْقِيه السَّماءُ، وتُسَمِّيه العامَّةُ: العَذْى (3). وقال القاضى: هو الماءُ المُسْتَنْقَعُ في بِرْكَةٍ أو نَحْوِها، يَصُبُّ إليه ماءُ المَطَرِ في سَواقٍ تُشَقُّ له، فإذا اجْتَمَعَ سُقِىَ منه، واشْتِقاقُه مِن العاثُورِ، وهى السّاقِيَةُ التى يَجْرِى فيها الماءُ؛ لأنَّه يَعْثُرُ بها مَن يَمُرُّ بها. والنَّواضِحُ؛ الإِبِلُ يُسْتَقَى عليها لشُرْب الأرْضِ، وهى السَّوانِى أيضًا. وعن مُعاذٍ، قال: بَعَثَنى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فأمَرَنى أن آخُذَ ممّا سَقَتِ السَّماءُ، أو سُقِىَ بَعْلًا، العُشْرَ، وما سُقِىَ بدالِيَةٍ، نِصْفَ العُشْرِ (4). قال أبو عُبَيْدٍ (5): البَعْلُ ما يَشرَبُ بعُرُوقِه مِن غَيْرِ سَقْى. وفى الجُمْلَةِ كلُّ ما سُقِىَ بكُلْفَةٍ أو مُؤْنَةٍ؛ مِن دالِيَةٍ أو سانِيَةٍ أو دُولابٍ أو ناعُورَةٍ أو نَحْوِ ذلك، ففيه نِصْفُ العُشْرِ، وما سُقِىَ بغيرِ مُؤْنَةٍ،
(1) تقدم تخريجه في صفحة 372.
(2)
في: كتاب الأموال 478.
(3)
في الأصل: «العدى» .
(4)
أخرجه النسائى، في: باب ما يوجب العشر وما يوجب نصف العشر، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 31. وابن ماجه، في: باب صدقة الزروع والثمار، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 581. والإمام حمد، في: المسند 5/ 233.
(5)
في: كتاب الأموال 478.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ففيه العُشْرُ؛ لِما ذَكَرْنا مِن النَّصِّ، ولأنَّ للكُلْفَةِ تَأْثِيرًا في إسْقاطِ الزكاةِ بالكُلِّيَّةِ في المَعْلُوفَةِ، ففى تَخْفِيفِها أوْلَى. ولا يُؤثِّرُ حَفْرُ الأنْهارِ والسَّواقِى في نُقْصانِ الزكاةِ؛ لأنَّ المُؤْنَةَ تَقِلُّ نجيه، لكَوْنِها من جُمْلَةِ إحْياءِ الأرْضِ ولا يَتَكَرَّرُ كلَّ عامٍ، وكذلك احْتِياجُها إلى مَن يَسْقِيها، ويُحَوِّلُ الماءَ في نَواحِيها؛ لأنَّ (1) ذلك لابدَّ منه في السَّقْىِ بكُلْفَةٍ أيضًا، فهو زِيادَةٌ على المُؤْنَةِ، فجَرَى مَجْرَى حَرْثِ الأرْضِ وتَسْمِيتِها (2). وإن كان الماءُ يَجْرِى مِن النَّهْرِ في ساقِيَةٍ إلى الأرْضِ، ويَسْتَقِرُّ في مَكانٍ قَرِيبٍ، مِن وَجْهِها (3)، إلَّا أنَّه لا يَصِلُ إليها إلَّا بغَرفٍ أو دُولابٍ، فهو مِن الكُلْفَةِ المُسْقِطَةِ لنِصْفِ العُشْرِ، ولأنَّ مِقْدارَ الكُلْفَةِ وقُرْبَ الماءِ وبُعْدَه لا يُعْتَبَرُ، والضّابِطُ لذلك الاحْتِياجُ في تَرْقِيَةِ الماءِ إلى الأرْضِ إلى آلةٍ [مِن غَرْفٍ](4) أو نَضْحٍ أو دَالِيَةٍ أو نَحْوِ ذلك، وقد وُجِد.
(1) في م: «ولأن» .
(2)
في النسخ: «تسحيتها» . والتسميت هنا تهيئة الأرض وتسويتها، أو جعل طرق فيها. وانظر المغنى 4/ 166.
(3)
في م: «وجهتها» .
(4)
سقط من: م.