الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُدْخَلُ قَبْرَهُ مِنْ عِنْدِ رِجْلِ الْقَبْرِ، إِنْ كَانَ أَسْهلَ عَلَيْهِم،
ــ
796 - مسألة: (ويُدْخَلُ قَبْرَه من عندِ رِجْلِ القَبْرِ، إن كان أسْهَلَ عليهم)
المُسْتَحَبُّ أن يُوضَعَ رَأسُ المَيِّتِ عندَ رِجْلِ القَبْرِ، ثم يُسَلَّ سَلًّا إلى القَبْرِ. رُوِىَ ذلك عن ابنِ عُمَرَ، وأنَسٍ، وعبدِ اللهِ بنِ يَزيدَ الأنْصارِىِّ (1)، والنَّخَعِىِّ، والشَّعبِىِّ، والشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ: تُوضَعُ الجِنازَةُ على جانِبِ القَبْرِ مِمَّا يَلى القِبْلَةَ، ثم يُدْخَلُ القَبْرَ مُعْتَرِضًا؛
(1) عبد الله بن يزيد بن زيد الأنصاري أبو موسى، أحد من بايع بيعة الرضوان، وكان عمره يومئذ سبع عشرة سنة، له أحاديث عن النبى صلى الله عليه وسلم، مات قبل السبعين وله نحو من ثمانين منة. سير أعلام النبلاء 3/ 197، 198.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه يُرْوَى عن علىًّ، رَضِىَ اللهُ عنه. وقال النَّخَعِىُّ: حَدَّثَنِى مَن رَأَى أهلَ المَدِينَةِ في الزَّمَنِ الأوّلِ يُدْخِلُونَ مَوْتاهم مِن قِبَلِ القِبْلَةِ، وأنَّ السَّلَّ شىْءٌ أحْدَثَه أهل المَدِينَةِ. لَنا، أنَّ الحارِثَ أوْصَى أن يَلِيَه عندَ مَوْتِه عبدُ اللهِ ابنُ يزِيدَ الأنْصَارِىُّ، فصَلَّى (1) عليه، ثم دَخَل القَبْرَ، فأدْخَلَه مِن رِجْلَىِ القَبْرِ، وقال: هذه السُّنَّةُ (2). وهذا يَقْتَضى سنَّةَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. رَواه الِإمام أحمدُ (3). وروَى ابنُ عُمَرَ، وابنُ عباسٍ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم سُلَّ مِنِ قِبَلِ رَأْسِه سَلَّا (4). وما ذُكِر عن النَّخَعِىِّ لا يَصِحُّ، لأنَّ مَذْهَبه بخِلافِه، ولأنَّه لا يَجُوزُ على العَدَدِ الكَثِيرِ أن يُغَيِّرُوا سُنَّةً [ظاهِرةً في الدَّفْنِ](5) إلَّا بسَبَبٍ ظاهِرٍ، أو سُلْطَانٍ قاهِرٍ. ولم يُنْقَلْ شئٌ مِن
(1) في الأصل: «يصلى» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في الميت يدخل من قبل رجليه، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 190، 191.
(3)
أورده صاحب الفتح الربانى في الزوائد التى ليست في المسند. انظر بلوغ الأمانى شرح الفتح الربانى 8/ 60.
وهو عند أبى داود، في: باب في الميت يدخل من قبل رجليه، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 190، 191.
(4)
قال ابن حجر: لم أجده عن ابن عمر، إنما هو عن ابنْ عباس، ولعله من طغيان القلم. تلخيص الحبير 2/ 128. وأخرجه عن إبن عباس الإمام الشافعى. انظر ترتيب المسند 1/ 215.
(5)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك، ولو نُقِلَ فسُنَّةُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم مُقَدَّمَةٌ على فِعْلِ أهْلِ المَدِينَةِ. فأمّا إن كانْ أخْذُه مِن قِبَلِ القِبْلَةِ، أو مِن رأْاسِ القَبْرِ أسْهَلَ عليهم، فلا حَرَجَ فيه؛ لأنَّ اسْتِحْبَابَ أخْذِه مِن عندِ رِجْلِ القَبْرِ، إنَّما كان طَلَبًا للأسْهَلِ.
قال أحمدُ: كُلٌّ لا بأْسَ به.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: قال أحمدُ: يُعَمَّقُ القَبْرُ إلى الصَّدْرِ، الرجلُ والمرأةُ في ذلك سَواءٌ. كان الحسنُ، وابنُ سِيرِينَ يَسْتَحِبّان ذلك. وروَى سعيدٌ، بإسْنادِه، أنَّ عُمَرَ بنَ عبدِ العزِيزِ لمّا مات ابْنُه، أمَرَهم أن يَحْفِرُوا قَبْرَه إلى السُّرَّةِ، ولا يُعَمِّقُوا، فإنَّ ما على ظَهْرِ الأرْضِ أفْضَلُ مِمّا سَفُلَ منها.
وذَكَر أبو الخَطَّابِ أنَّه يُسْتَحَبُّ أن يُعَمَّقَ قَدْرَ قامَةٍ وبَسْطَةٍ. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: «احْفِرُوا، وَأوْسِعُوا، وَأعْمِقُوا» . رَواه أبو داودَ (1). ولأنَّ ابنَ عُمَرَ أوْصَى بذلك. والمَنْصُوصُ عن أحمدَ ما ذَكَرْنا أوَّلًا؛ لأنَّ التَّعْمِيقَ قَدرَ قامَةٍ وبَسْطَةٍ يَشُقُّ، ويَخْرُجُ عن العادَةِ.
وقَوْلُه صلى الله عليه وسلم: «أَعْمِقُوا» ليس فيه بَيانُ قَدْرِ التَّعْمِيقِ، ولم يَصِحَّ مَا رَوَوه عن ابنِ عُمَرَ، ولو صَحَّ عندَ أحمدَ لم يَعْدُه إلى غيرِه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُسْتَحَبُّ تَحْسِينُه وتَعْمِيقُه وتَوْسِيعُه؛ للخَبَرِ. وقد روَى زيدُ بنُ أسْلَمَ،
(1) في: باب في تعميق القبر، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 191، 192. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في دفن الشهداء، من أبواب الجهاد. عارضة الأحوذى 7/ 206. والنسائى، في: باب ما يستحب من إعماق القبر، وباب ما يستحب من توسيع القبر، وباب دفن الجماعة في القبر الواحد، وباب من يقدم، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 66 - 69. وابن ماجه، في: باب ما جاء في حفر القبر، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 497. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 19، 20.