الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَقُصُّ شَارِبَهُ، وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، وَلَا يُسَرِّحُ شَعَرَهُ، وَلَا لِحْيَتَهُ.
ــ
فحَسَنٌ. ويَتَتَبَّعُ ما تحتَ أظْفارِه فَيُنَقِّيه، فإن لم يَحْتَجْ إلى شئٍ مِن ذلك لم يُسْتَحَبَّ اسْتِعْمالُه. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: والمُسَخَّن أوْلَى، لكنْ حالَ أنَّه يُنَقِّى ما لا يُنَقِّى البارِدُ. ولَنا، أنَّ البارِدَ يُمْسِكُه والمُسَخَّنَ يُرْخِيه، ولهذا يُطْرَحُ الكافُورُ في الماءِ ليشُدَّه ويُبَرِّدَه، والانْقاءُ يَحْصُلُ بالسِّدْرِ إذا لم يَكْثُرْ وَسَخُه، فإن كَثُر ولم يَزُلْ إلَّا بالحَارِّ صار مُسْتَحَبًّا.
748 - مسألة: (ويَقُصُّ شارِبَه، ويُقَلِّمُ أظْفارَه، ولا يُسَرِّحُ شَعَرَه، ولا لِحْيَتَه)
متى كان شارِبُ المَيِّتِ طَوِيلًا اسْتُحِبَّ قَصُّه. وهذا
قولُ الحسنِ، وبكرِ بنِ عبدِ اللهِ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وإسْحاقَ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ: لا يُؤْخَذُ مِن المَيِّت شئٌ؛ لأنَّه قَطْعُ شئٍ منه فلم يُسْتَحَبَّ، كالخِتانِ. ولأصْحابِ الشافعىِّ اخْتلافٌ كالقَوْلَيْن. ولَنا، قَوْلُ أنَس: اصْنَعُوا بِمَوْتاكُمْ مَا تَصْنَعُونَ بعَرَائِسِكُمْ (1). والعَرُوسُ يُحَسَّنُ، ويُزالُ عنه ما يُسْتَقْبَحُ مِن الشَّارِبِ وغيرِه، ولأنَّ تَرْكَه يُقَبِّحُ مَنْظَرَه، فشُرِع إزالَتُه، كفَتْحِ عَيْنَيْه وفَمِه، ولأنَّه فِعْلٌ مَسْنُونٌ في الحياةِ
(1) عزاه ابن حجر إلى الغزالى في الوسيط مرفوعا. تلخيص الحبير 2/ 106.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا مَضَرَّةَ فيه، فشُرِع بعدَ المَوْتِ، كالاغْتِسالِ. وعلى هذا يُخَرَّجُ الخِتانُ؛ لِما فيه مِن المَضَرَّةِ. وإذا أُخِذ منه جُعِل مع المَيِّتِ في أكْفانِه، وكذلك كلُّ ما أُخِذ منه مِن شَعَرٍ أو ظُفْرٍ أو غيرِهما، فإنَّه يُغَسَّلُ ويُجْعَلُ معه في أكْفانِه؛ لأنَّه جُزْءٌ مِن المَيِّتِ، فأشْبَهَ أعْضاءَه.
فصل: فأمَّا قَصُّ الأظْفارِ إذا طالَتْ ففيها رِوايَتانِ؛ إحْداهما، لا تُقَلَّمُ، ويُنَقَّى وَسَخُها وهو ظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِىِّ، لأنَّ الظُّفْرَ لا يَظْهَرُ كظُهُورِ الشَّارِبِ، فلا حاجَةَ إلى قَصِّه. والثّانِيَةُ، يُقَصُّ إذا كان فاحِشًا.
نصَّ عليه؛ لأنَّه مِن السُّنَّةِ، ولا مَضَرَّةَ فيه، فيُشْرَعُ أخْذُه، كالشّارِبِ.
ويُمْكِنُ حَمْلُ الرِّوايَةِ الأولَى على ما إذا لم يَفْحُشْ. ويُخَرَّجُ في نَتْفِ الِإبِطِ وَجْهان، بِناءً على الرِّوَايَتَيْنِ في قَصِّ الأظْفارِ؛ لأنَّه في مَعْناه.
فصل: فأمَّا العانَةُ ففيها وَجْهان؛ أحَدُهما، لا تؤْخَذُ. وهو ظاهِرُ كَلامِ الخرَقِىِّ. وهو قولُ ابنِ سِيرِينَ، ومالكٍ، وأبى حنيفةَ. ورُوِىَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن أحمدَ، أنَّ أخْذَها مَسْنُونٌ. وهو قولُ الحسنِ، وبكرِ بنِ عبدِ اللهِ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرِ، وإسحاقَ؛ لأنَّ سعدَ بنَ أبى وَقَّاصٍ جَزَّ عانَةَ مَيِّتٍ (1). ولأنَّه شَعَرٌ يُسَنُّ إزالَتُه في الحياةِ، أشْبَهَ قَصَّ الشَّارِبِ.
والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّه يُحْتاجُ في أخْذِها إلى كَشْفِ العَوْرَةِ، ولَمْسِها، وهَتْكِ المَيِّتِ، وذلك مُحَرَّمٌ لا يُفْعَلُ لغيرِ واجِبٍ، ولأنَّ العانَةَ مَسْتُورَةٌ، يُسْتَغْنَى بسَتْرِها عن إزالَتِها؛ لأنَّها لا تَظْهَرُ، بخِلافِ الشَّارِبِ. فإذا قُلْنا بأخْذِها، ففال أحمدُ: تُؤْخَذُ بالمُوسَى أو بالمِقْراضِ. وقال القاضى: تُزالُ بالنُّورَةِ؛ لأنَّه أسْهَلُ، ولا يَمَسُّها. ووَجْهُ قولِ أحمدَ أنَّه فِعْلُ سعدٍ، والنُّورَةُ لا يُؤْمَنُ أن تُتْلِفَ جِلْدَ المَيِّتِ. ولأصْحَابِ الشافعىِّ وَجْهان كهذَيْن.
(1) أخرجه البيهقى، في: باب المريض يأخذ من أظفاره وعانته، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى 3/ 390.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمَّا الخِتانُ فلا يُشْرَعُ؛ لأنَّه إبانَةُ جُزْءٍ مِن أعْضائِه. وهذا قولُ أكْثَرِ أهلِ العِلْم. وحُكِىَ عن بعضِ أهْلِ العلم أنَّه يُخْتَنُ. حَكاه الِإمامُ أحمدُ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لِما ذَكَرْناه. ولا يُحْلَقُ رَأْسُ المَيِّتِ. وقال بعضُ أصْحابِ الشافعىِّ: يُحْلَقُ إذا لم يَكُنْ له جُمَّةٌ، للتَّنْظِيفِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّه ليس مِن السُّنَّةِ في الحياةِ، وإنَّما يُرادُ لزِينَةٍ أو نُسُكٍ، ولا يُطْلَبُ شئٌ مِن ذلك ههُنا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن جُبِر عَظْمُه بعَظْمٍ فجَبَرَ، ثم مات، فإن كان طاهِرًا لم يُنْزَعْ، وإن كان نَجِسًا وأمْكَنَ إزالَتُه مِن غيرِ مُثْلَةٍ أُزِيلَ؛ لأنَّه نَجاسَةٌ مَقْدُورٌ على إزالَتِها مِن غيرِ ضرَرٍ. وإن أفْضى إلى المُثْلَةِ لِم يُقْلَعْ، وإن كان في حُكْمِ الباطِنِ كالحَىِّ. وإن كان عليه جَبِيرَةٌ يُفْضِى نَزْعُها إلى مُثْلَةٍ، مُسِح عليها، كحالِ الحياةِ، وإلَّا نَزَعَها وغَسَل ما تَحْتَهَا. قال أحمدُ، في المَيِّت تَكُونُ أسْنانُه مَرْبُوطَةً بذَهَبٍ: إن قَدَر على نَزْعِه مِن غيرِ أن تَسْقُطَ بعضُ أسْنانِه نَزَعَه، وإن خاف سُقُوطَ بعضِها تَرَكَه.
فصل: ومَن كان مُشَنَّجًا، أو به حَدَبٌ، أو نحوُ ذلك، فأمْكَنَ تَمْدِيدُه بالتَّلْيِينِ والماءِ الحارِّ، فَعَل ذلك، وإن لم يُمْكِنْ إلَّا بعَسْفٍ، تَرَكَه بحالِه.
فإن كان على صِفَةٍ لا يُمْكِنُ تَرْكُه على النَّعْشِ إلَّا على وَجْهٍ يُشْهَرُ بالمُثْلَةِ، تُرِكَ في تابُوتٍ، أو تحتَ مِكَبَّةٍ،؛ يُصْنَعُ بالمَرْأةِ؛ لأنَّه أصْوَنُ له وأسْتَرُ.
ويُسْتَحَبُّ أن يُتْرَكَ فوقَ سَرِيرِ المرأةِ شئٌ مِن الخَشَبِ أو الجَرِيدِ مثلُ القُبَّةِ، ويُتْرَكَ فوقَه ثَوْبٌ، ليَكُونَ أسْتَرَ لها. وقد رُوِىَ أنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، رَضِىَ اللهُ. عنها، أوَّلُ مَن صُنِعَ لها ذلك بأمْرِها.
فصل: فأمَّا تَسْرِيحُ رَأْسِه ولِحْيَتَهْ فكَرِهَه أحمدُ، وقد (1) قالَتْ
(1) سقط من: م.