الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا أَخَذَ فِى غَسْلِهِ، سَتَرَ عَوْرَتَهُ وَجَرَّدَهُ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُغَسِّلُهُ فِى قَمِيصٍ خَفِيفٍ، وَاسِعِ الْكُمَّيْنِ،
ــ
738 - مسألة: (وِإذَا أَخَذَ فِى غَسْلِهِ، سَتَرَ عَوْرَتَهُ وَجَرَّدَهُ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُغَسِّلُهُ
(1) فِى قَمِيصٍ خَفِيفٍ (2)، وَاسِعِ الْكُمَّيْنِ) يَجِبُ سَتْرُ عَوْرَةِ المَيِّتِ بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه، وهو ما بينَ سُرَّتِه إلى رُكْبَتِه، وقد قال النبىُّ صلى الله عليه وسلم لعلىٍّ:«لَا تَنْظُرْ إلَى فَخِذِ حَىٍّ، وَلَا مَيِّتٍ» . رَواه أبو داودَ (3). قال ابنُ عبدِ البَرِّ: ورُوِىَ: «النَّاظِرُ مِنَ الرِّجَالِ إلَى فُرُوجِ الرِّجَالِ، كَالنَّاظِرِ مِنْهُمْ إلَى فُرُوجِ النِّسَاءِ، وَالمُتَكَشِّفُ مَلْعُونٌ» (4).
قال أبو داودَ: قلتُ لأحمدَ: الصَّبِىُّ يُسْتَرُ كما يُسْتَرُ الكَبِيرُ، أعْنِى الصَّبِىَّ المَيِّتَ، في الغَسْلِ؟ قال: أىُّ شئٍ يُسْتَرُ منه؟! ليست عَوْرَتُه بعَوْرَةٍ، ويُغَسِّلُه النِّساءُ.
(1) في م: «يغسل» .
(2)
سقط من: م.
(3)
تقدم تخريجه في 3/ 202.
(4)
التمهيد: 2/ 160. وآخره فيه: «والناظر والمتكشف ملعون».
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُسْتَحَبُّ تَجْرِيدُ المَيِّتِ عندَ غَسْلِه ما سوى عَوْرَتِه. رَواه الأثْرَمُ عن أحمدَ. وهذا ظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِىِّ، واخْتِيارُ أبى الخَطَّابِ، وإليه ذَهَب ابنُ سِيرِينَ، ومالكٌ، وأبو حنيفةَ. وروَى المَرُّوذِىُّ، عن أحمدَ،
أنَّه قال: يُعْجِبُنِي أن يُغَسِّلَ المَيِّتَ وعليه ثَوْبٌ، يُدْخِلُ يَدَه مِن تَحْتِ الثَّوْبِ. قال: وكان أبو قِلابَةَ إذا غَسَّلَ مَيِّتًا جَلَّلَه بِثَوْبٍ. وقال القاضى: السُّنَّةُ أَن يُغَسَّلَ في قَمِيصٍ رَقِيقٍ يَنْزِلُ الماءُ فيه، ولا يَمْنَعُ أن يَصِلَ إلى بَدَنِه.
ويُدْخِلُ يَدَه في كُمِّ القَمِيصِ فيُمِرُّها على بَدَنِه والماءُ يُصَبُّ، فإن كان القَمِيصُ ضَيِّقًا فَتَقَ رَأْسَ الدَّخارِيصِ (1)، وأدْخَلَ يَدَه فيه. وهذا مَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم غُسِّلَ في قَمِيصِه (2). وقال سعدٌ: اصْنَعُوا بى كما صُنِعَ برسولِ (3) اللهِ صلى الله عليه وسلم (4). قال أحمدُ: غُسِّلَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم
(1) الدخريص، واحد الدخاريص: ما يوصل به بدن الثوب أو الدرع ليتسع.
(2)
أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في غسل النَّبِى صلى الله عليه وسلم، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 471. والبيهقى، في: باب ما يستحب من غسل الميت في قميص، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى 3/ 387.
(3)
في م: «رسول» .
(4)
أخرجه مسلم، في: باب في اللحد ونصب اللبن على الميت، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 665.
والنسائى، في: باب اللحد والشق، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 66. وابن ماجه، في: باب ما جاء في
استحباب اللحد، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 496. والإمام أَحْمد، في: المسند 1/ 169،
173، 184.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في قَمِيصِه، وقد أرادُوا خَلْعَه، فَنُودُوا، ألَّا تَخْلَعُوه، واسْتُرُوا نَبِيَّكم (1). ولَنا، أنَّ تَجْرِيدَ المَيِّتِ أمْكَنُ لتَغْسِيلِه وتَطْهِيرِه، والحَىُّ يَتَجَرَّدُ إذا اغْتَسَلَ، فكذلك المَيِّتُ، ولأنَّه إذا غُسِّلَ (2) في ثَوْبِه يَنْجُسُ الثَّوْبُ بما يَخْرُجُ، وقد لا يَطْهُرُ بصَبِّ الماءِ عليه، فيَنْجُسَ المَيِّتُ به. فأمَّا النبىُّ صلى الله عليه وسلم فذلك خاصٌ له، ألا تَرَى أنَّهم قالُوا: نُجَرِّدُه كما نُجَرِّدُ مَوْتانا.
كذلك رَوَتْه عائشةُ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: رُوِىَ ذلك عنها مِن وجْهٍ صَحِيحٍ.
فالظاهِرُ أنَّ تَجْرِيدَ المَيِّتِ فيما عدا العَوْرَةَ كان مَشْهُورًا عندَهم، ولم يكنْ هذا ليَخْفَى عن النَّبِى صلى الله عليه وسلم، بل الظَّاهِرُ أنَّه كان بأمْرِه؛ لأنَّهم كانوا يَنْتَهُون إلى رَأْيِه، ويَصْدُرُون عن أمْرِه في الشَّرْعِيَّاتِ، واتِّباعُ أمْرِه وفِعْلِه أوْلَى مِن اتِّباعِ غيرِه. ولأنَّ ما يُخْشَى مِن تَنْجيسِ قَمِيصِه بما يَخْرُجُ منه كان مَأْمُونًا في حَقِّ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه طاهِرٌ حَيًّا ومَيِّتًا، بخِلافِ غيرِه، وإنَّما
قال سعدٌ: الحَدُوا لى لَحْدًا، وانْصِبُوا علىَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كما صُنِع برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في ستر الميت عند غسله، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 175.
والامام أَحْمد، في: المسند 6/ 267.
(2)
في م: «اغتسل» .