الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُضَمُّ جِنْسٌ إِلَى آخَرَ فِى تَكْمِيلِ النِّصَابِ.
ــ
أحَدُهما إلى الآخَرِ. وقال القاضى: لا يُضَمُّ) وهو قولُ الشافعىِّ، لأنَّه حَمْلٌ يَنْفَصِلُ عن الأوَّلِ، فكان حُكْمُه حُكْمَ حَمْلِ (1) عامٍ آخَرَ، كحَمْلِ العامَيْن. وإن كان له نَخْلٌ يَحْمِلُ مَرَّةً، ونَخْلٌ يَحْمِلُ حَمْلَيْن، ضَمَمْنا الحَمْلَ الأوَّلَ إلى الحَمْلِ المُنْفَرِدِ، ولم يَجِبْ في الثّانِى شئٌ، إلَّا أن يَبْلُغَ بمُفْرَدِه نِصابًا. والصَّحِيحُ الأوَّلُ. اخْتارَه أبو الخَطّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، لأنَّها ثَمَرَةُ عامٍ واحِدٍ، فضُمَّ بَعْضُها إلى بَعْضٍ، كزَرْعِ العامِ الواحِدِ، وكالذُّرَةِ التى تَنْبُتُ مَرَّتَيْن، ولأنَّ الحَمْلَ الثّانِىَ يُضَمُّ إلى الحَمْلِ المُنْفَرِدِ لو لم يكنْ حَمْلٌ أوَّلُ، فكذلك إذا كان؛ لأنَّ وُجُودَ الحَمْلِ الأوَّلِ لا يَصْلُحُ أن يكونَ مانِعًا، بدَلِيلِ حَمْلِ الذُّرَةِ الأوَّلِ، وبها يَبْطُلُ ما ذَكَرُوه مِن الانْفِصالِ.
899 - مسألة: (ولا يُضَمُّ جِنْسٌ إلى آخَرَ فِى تَكْمِيلِ النِّصابِ
.
(1) سقط من النسخ. وانظر المغنى 4/ 207.
وَعَنْهُ، أَنَّ الْحُبُوبَ يُضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ. وَعَنْهُ، تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ، وَالْقِطنِيَّاتُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ.
ــ
وعنه، أنَّ الحُبُوبَ يُضَمُّ بَعْضُها إلى بَعْضٍ. وعنه، تُضَمُّ الحِنْطَةُ إلى الشَّعِيرِ، والقِطنِيّاتُ بَعْضُها إلى بَعْضٍ) القِطْنِيّاتُ، بكَسْرِ القافِ (1): جَمْعُ قِطْنِيَّةٍ، ويُجْمَعُ أيضًا قَطانِىّ. قال أبو عُبَيْدٍ (2): هى صُنُوفُ الحُبُوبِ، مِن العَدَسِ، والحِمَّصِ، والأُرْزِ، والجُلُبّانِ، والجُلْجُلانِ. وهو السِّمْسِمُ. وزاد غيرُه: الدُّخْنَ، واللُّوبِيا، والفُولَ، والماشَ. وسُمِّيَتْ قِطْنِيَّةً، فِعْلِيَّةً، مِن قَطَنْ يَقْطُنُ في البَيْتِ، أى يَمْكُثُ فيه. وجُمْلَةُ ذلك أنَّه لا خِلافَ بينَ أهلِ العلمِ في غيرِ الحُبُوبِ والأثْمانِ، أنَّه لا يُضَمُّ جِنْسٌ إلى جِنْسٍ آخَرَ في تكْمِيلِ النِّصابِ.
(1) وتضم القاف أيضا.
(2)
في: الأموال 471، 472.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فالماشِيَةُ ثَلاثَةُ أجْناسٍ؛ الإِبِلُ، والبَقَرُ، والغَنَمُ، لا يُضمُّ جِنْسٌ إلى غيرِه. وكذلك الثِّمارُ، لا يُضمُّ جِنْسن إلى آخَرَ، فلا يُضمُّ التَّمْرُ إلى الزَّبِيبِ، ولا إلى غيرِه مِن الثِّمارِ. ولا تُضَمُّ الأثْمانُ إلى السّائِمَةِ، ولا إلى الحُبُوبِ والثِّمارِ. ولا خِلافَ بينَهم فيما عَلِمْنا (1) أنَّ أنْواعَ الأجْناسِ يُضمُّ بعضُها إلى بَعْضٍ في إكْمالِ النِّصاب. ولا نَعْلَمُ بينَهم خِلافًا في أنَّ العُرُوضَ والأثْمانَ يُضمُّ كلُّ واحِدٍ منهما إلى الآخَرِ، إلَّا أنَّ الشافعىَّ لا يَضُمُّها إلَّا إلى جِنْسِ ما اشْتُرِيَتْ به؛ لأنَّ نِصابَها عندَه مُعْتَبَرٌ بذلك. فأمّا الحُبُوبُ فاخْتَلَفُوا في ضَمِّ بَعْضِها إلى بَعْضٍ، وفى ضَمِّ أحَدِ النَّقْدَيْن إلى الآخَرِ، فرُوِىَ عن أحمدَ في الحُبُوبِ ثَلاثُ رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، لا يُضَمُّ جِنْسٌ منها إلى غيرِه، ويُعْتَبَرُ النِّصابُ في كلِّ جِنْسٍ مُنْفَرِدًا. وهذا قولُ عَطاءٍ، ومَكْحُولٍ، وابنِ أبِى لَيْلَى، والأوْزاعِى، والثَّوْرِىِّ، والحسنِ بنِ صالِحٍ، وشَرِيكٍ، والشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأبى عُبَيْدٍ، وأصحابِ الرَّأْى؛ لأنَّها أجْناسٌ، فاعْتُبِرَ النِّصابُ في كلِّ واحِدٍ مُنْفَرِدًا، كالنِّصابِ، والمَواشِى.
(1) في م: «ذكرنا من» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثّانِيَةُ، أنَّ الحُبُوبَ كُلَّها يضَمُّ بَعْضُها إلى بَعْضٍ في تَكْمِيلِ النِّصابِ. اخْتارَها أبو بكرٍ. وهذا قولُ عِكْرِمَةَ، وحَكاه ابنُ المُنْذِرِ عن طاوُسٍ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا زَكَاةَ فِى حَبٍّ وَلَا ثَمَرٍ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أوْسُقٍ» (1). فمَفْهُومُه وُجُوبُ الزكاةِ فيه إذا بَلَغَ خَمْسَةَ أوْسُقٍ. ولأنَّها تَتَّفِقُ في النِّصابِ وقَدْرِ المُخْرَجِ، فوَجَبَ ضَمُّ بَعْضِها إلى بَعْضٍ، كأنْواعِ الجِنْسِ. وهذا الدَّلِيلُ مُنْتَقِضٌ بالثِّمارِ. والثّالِثَةُ، أنَّ الحِنْطَةَ تُضَمُّ إلى الشَّعِيرِ، وتُضَمُّ القِطْنِيّاتُ بَعْضُها إلى بَعْضٍ. حَكاها الخِرَقِىُّ. ونَقَلَها أبو الحارِثِ عنه. قال القاضى: وهذا هو الصَّحِيحُ. وهو مَذْهَبُ مالكٍ، واللَّيْثِ، إلَّا أنَّه زاد، فقال: الذُّرَةُ، والدُّخْنُ، والأُرْزُ، والقَمْحُ، والشَّعِيرُ، صِنْفٌ واحِدٌ؛ لأنَّ هذا كلَّه مُقْتاتٌ، فضُمَّ بَعْضُه إلى بَعْضٍ، كأنْواعِ الحِنْطَةِ. وقال الحسنُ، والزُّهْرِىُّ: تُضَمُّ الحِنْطَةُ إلى الشَّعِيرِ؛ لأنَّها تَتَّفِقُ في الاقْتِياتِ والمَنْبِتِ والحَصادِ والمَنافِعِ، فوَجَبَ ضَمُّها،
(1) تقدم تخريجه في صفحة 498.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كما يُضَمُّ العَلَسُ إلى الحِنْطَةِ. والأُولَى أصَحُّ، إن شاء اللَّهُ، لأنَّها أجْناسٌ يجوزُ التَّفاضُلُ فيها، فلم يُضَمَّ بَعْضُها إلى بَعْضٍ، كالثِّمارِ. ولا يَصِحُّ القِياسُ على العَلَسِ مع الحِنْطَةِ، لأنَّه نَوْعٌ منها. وإذا انْقَطَعَ القِياسُ، لم يَجُزْ إيجابُ الزكاةِ بالتَّحَكُّمِ، ولا بوَصْفٍ غيرِ مُعْتَبَرٍ، ثم هو باطِلٌ بالثِّمارِ، فإنَّها تَتَّفِقُ فيما ذَكَرُوه، ولا يُضَمُّ بَعْضُها إلى بَعْضٍ. ولا خِلافَ فيما نَعْلَمُه، في ضَمِّ الحِنْطَةِ إلى العَلَسِ، لأنَّه نَوْعٌ منها. وعلى قِياسِه السُّلْتُ إلى الشَّعِيرِ.
فصل: ولا تَفرِيعَ على الرِّوايَتَيْن الأُولَيَيْن، لوُضُوحِهما. فأمّا الثّالِثَةُ، وهى ضَمُّ الحِنْطَةِ إلى الشَّعِيرِ، والقِطْنِيّات بَعْضِها إلى بَعْضٍ، فإنَّ الذُّرَةَ تُضَمُّ إلى الدُّخْنِ، لتقارُبِهما في المَقْصِدِ، فإنَّهما يُتَّخَذان خُبْزًا وأُدْمًا، وقد ذُكِرا (1) مِن جُمْلَةِ القِطْنِيّاتِ، فيُضَمّان إليها. والبُزُورُ لا تُضَمُّ إلى القِطْنِيّاتِ، [والأبازِيرُ يُضَمُّ بَعْضُها إلى بَعْض، لتَقارُبِهما في المَقْصِدِ، كالقِطْنِيّاتِ. وحُبُوبُ البُقُولِ لا تُضَمُّ إلى القِطْنِيّاتِ](2)، ولا إلى الأبازِيرِ،
(1) في م: «ذكر» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويَنْبَغِى أن يُضَمَّ بَعْضُها إلى بَعْض، وكلُّ ما تَقارَبَ مِن الحُبُوبِ ضُمَّ بَعْضُه إلى بَعْضٍ، وإلَّا فلا، وما شَكَكْنا فيه لا يُضَمُّ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الوُجُوبِ، فلا يَجِبُ بالشَّكِّ.
فصل: ومتى قُلْنا بالضَّمِّ، فإنَّ الزكاةَ تُؤْخَذُ من كلِّ جِنْسٍ على قَدْرِ ما يَخُصُّه. ولا يُؤْخَذُ مِن جِنْسِ عن غيرِه، فإنَّنا إذا قُلنا في أنْواَعِ الجِنْسِ: يُؤْخَذُ مِن كلِّ نوْعٍ ما يَخُصُّه، ففى الأجْناسِ مع تَقارُبِ مَقاصِدِها أوْلَى.
الثَّانِى، أن يَكُونَ النِّصَابُ مَمْلُوكًا لَهُ وَقْتَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَلَا تَجِبُ فِيمَا يَكْتَسِبُهُ اللَّقَّاطُ، أَوْ يَأْخُذُهُ بحَصَادِهِ، وَلَا فِيَما يَجْتَنِيهِ مِنَ الْمُبَاحِ؛ كَالْبُطْمِ، وَالزَّعْبَلِ، وَبِزْرِ قَطُونَا وَنَحْوِهِ،
ــ
(الثانِى (1)، أن يكونَ النِّصابُ مَمْلُوكًا له وَقْتَ وُجُوبِ الزكاةِ، فلا زكاةَ فيما يَكْتَسِبُه اللَّقَّاطُ ولا فيما يأْخُذُه) أُجْرَةً (بحصادِه) نَصَّ عليه أحمدُ، وقال: هو بمَنْزِلَةِ المُباحاتِ، ليس فيه صَدَقَةٌ، فهو كما لو اتَّهَبَه.
(و) كذلك (ما يَنْبُتُ مِن المُباحِ) الذى لا يُمْلَكُ إلَّا بأخْذِه (كالبُطْمِ)(2) والعَفْصِ (3)(والزَّعْبَلِ) وهو شَعِيرُ الجَبَلِ (وبِزْرِ قَطُونا)(4) وحَبِّ الثُّمامِ (5)، وبِزْرِ البَقْلَةِ، وحَبِّ الأُشْنانِ إذا أدْرَكَ
(1) أى الشرط الثاني لوجوبها، وقد سبق ذكر الأول في المسألة 893.
(2)
البطم: شجرة الحبة الخضراء، من الفصيلة الفستقية، وثمرتها تؤكل في بلاد الشام.
(3)
العفص: شجر البلوط.
(4)
بزر قطونا: بذور نبات عشبى حولى من فصيلة لسان الحمل، يطبب به.
(5)
الثمام: من الفصيلة النجيلية، يرتفع، وفروعه مزدحمة متجمعة.
وَقَالَ الْقَاضِى: فِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا نَبَتَ فِى أَرْضِهِ.
ــ
حَصَلَتْ فيه مُزوزَةٌ (1) ومُلُوحَةٌ، وأشْباهِ هذا. ذَكَرَه ابنُ حامِدٍ؛ لأنَّه إنَّما يُمْلَكُ بحِيازَتِه وأخْذِه، والزكاةُ إنَّما تَجِبُ فيه إذا بَدَا صَلاحُه، وفى تلك الحالِ لم يَكُنْ مَمْلُوكًا له، فلا يَتَعَلَّقُ به الوُجُوبُ، كالذى يَلْتَقِطُه اللَّقَّاطُ، وكالمُوهَبِ له. وقال أبو الخَطّابِ: فيه الزكاةُ؛ لاجْتِماعِ الكَيْلِ والادِّخارِ فيه. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لِما ذَكَرْنا (وقال القاضى: فيه الزكاةُ إذا نَبَت في أرْضِه) يَعْنِى في المُباحِ، ولَعَلَّه بَنَى هذا على أنَّ ما يَنْبُتُ في أرْضِه مِن الكَلَأ يَمْلِكُه. والصَّحِيحُ خِلافُه. فأمّا ما يَنْبُتُ في أرْضِه ممّا يَزْرَعُه الآدَمِيُّون، كمَن سَقَط في أرْضِه حَب مِن الحِنْطَةِ أو الشَّعِيرِ، فيَنْبُتُ، ففيه الزكاةُ؛ لأنَّه يَمْلِكُه. ولو اشْتَرَى زَرْعًا بعدَ بُدُوِّ الصَّلاحِ فيه، أو ثَمَرَةً قد بَدا صَلاحُها، أو مَلَكَها بجِهَةٍ مِن جِهاتِ المِلْكِ، لم تَجِبْ فيه الزكاةُ، وسَنَذْكُرُ ذلك، إن شاء اللَّهُ تعالى.
(1) في الأصل: «مرورة» .