الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَجِبُ الزَّكَاةُ فِى الْحُبُوبِ كُلِّهَا، وَفِى كُلِّ ثَمَرٍ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ؛ كَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَاللَّوْزِ، وَالْفُسْتُقِ، وَالْبُنْدُقِ. وَلَا تَجِبُ فِى سَائِرِ الثَّمَرِ، وَلا فِي الْخُضَرِ، وَالْبُقُولِ، وَالزَّهْرِ.
ــ
سَقَتِ الْأنهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِىَ بالسَّانِيَةِ (1) نِصْفُ الْعُشْرِ». رَواه مسلمٌ، وأبو داودَ (2). وأجْمَعَ أهل العلمِ على وُجُوبِ الزكاةِ في الحِنْطَةِ، والشَّعِيرِ، والتَّمْرِ، والزَّبِيبِ. حَكاه ابنُ المُنْذِرِ، وابنُ عبدِ البَرِّ.
891 - مسألة: (تَجِبُ الزكاةُ في الحُبُوبِ كلِّها، وفى كلِّ ثَمَرٍ يُكالُ ويُدَّخَرُ؛ كالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، واللَّوْزِ، والفُسْتُقِ، والبُنْدُقِ. ولا تَجِبُ في سائِرِ الثَّمَرِ، ولا في الخُضَرِ، والزَّهْرِ، والبُقُولِ)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ الزكاةَ تَجِبُ فيما اجْتَمَعَ فيه الكَيْلُ والادِّخارُ مِن الثَّمَرِ والحُبُوبِ، ممّا يُنْبِتُه الآدَمِيُّون، سَواءٌ كان قُوتًا؛ كالحِنْطَةِ، والشَّعِيرِ، والسُّلْتِ (3)،
(1) السانية: البعير يسنى عليه، أى يستقى عليه من البئر.
(2)
أخرجه مسلم، في: باب ما فيه العشر أو نصف العشر، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 675. وأبو داود، في: باب صدقة الزرع، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 370. كما أخرجه النسائى، في: باب ما يوجب العشر، وما يوجب نصف العشر، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 31. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 341، 353.
(3)
السلت: قيل ضرب من الشعير ليس له قشر، وقيل ضرب منه رقيق القشر صغار الحب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والأُرْزِ، والذُّرَةِ، والدُّخْنِ (1)، أو مِن القِطْنِيّاتِ (2)، كالباقِلَّا، والعَدَسِ، والماشِ (3)، والحِمَّصِ، أو مِن الأبازِيرِ؛ كالكُسْفَرَةِ (4)، والكَمُّونِ، والكَراوْيا، أو البُزُورِ؛ كبِزْرِ الكَتّانِ، والِقثّاءِ، والخِيارِ، أو حَبِّ البُقُولِ؛ كالرَّشَادِ (5)، وحَبِّ الفُجْلِ، والقِرْطِمِ (6)، والتُّرْمُسٍ، والسِّمْسِمِ، وسائِرِ الحُبُوبِ. وتَجِبُ أيضًا فيما جَمَع هذه الأوْصاف مِن الثِّمارِ؛ كالتَّمْرِ، والزَّبِيبِ، والقِشْمِش (7)، واللَّوْزِ، والفُسْتُقِ، والبُنْدُقِ.
(1) الدخن: نبات عشبى، حبه صغير كحب السمسم.
(2)
القطنية، بالكسر، حكاه ابن خيبة بالتخفيف وأبو حنيفة بالتشديد: الحبوب التى تدَّخر.
اللسان (ق ط ن). ثم حكاه صاحب اللسان بضم القاف، ضبط قلم، وقال: ما كان سوى الحنطة والشعير والزبيب والتمر، أو هو اسم جامع للحبوب إلى تطبخ.
(3)
الماش: حب، ذكر الفيروزابادى أنه معروف معتدل، يتطبب به.
(4)
كذا ذكره المؤلف بالفاء، وهو بالياء.
(5)
الرشاد: بقلة سنوية، لها حب حريف يسمى حب الرشاد.
(6)
القرطم: حب العصفر.
(7)
القشمش: هو الكشمش، وهو زبيب صغير لا نوى له. الجامع لمفردات الأدوية 4/ 21، 72.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا زكاةَ في سائِرِ الفَواكِهِ، مِن الخَوْخِ، والرُّمّانِ، والإِجّاصِ (1)، والكُمَّثْرَى، والتُّفّاحِ، والمِشْمِشِ (2)، والتِّينِ، والجُوْزِ، ونَحْوِه. ولا في الخُضَرِ؛ كالقِثّاءِ، والخِيارِ، والباذِنْجانِ، واللِّفْتِ، والجَزَرِ. وبهذا قال عَطاءٌ في الحُبُوبِ كلِّها، ونَحْوُه قولُ أبى يُوسُفَ ومحمدٍ. وقال أبو عبدِ اللَّه اِبنُ حامدٍ: لا شئَ في الأبازِيرِ، ولا البُزُورِ، ولا حَبِّ البُقُولِ. ولَعَلَّه لا يُوجِبُ الزكاةَ إلَّا فيما كان قُوتًا أو أُدْمًا (3)؛ لأنَّ ما عَدَاه لا نَصَّ فيه، ولا هو في مَعْنَى المَنْصُوصِ عليه، فيَبْقَى على النَّفْى الأصْلِىِّ. وقال مالكٌ، والشافعىُّ: لا زكاةَ في ثَمَرٍ، إلَّا التَّمْرَ والزَّبِيبَ، ولا في حَبٍّ، إلَّا ما كان قُوتًا في حالَةِ الاخْتِيارِ لذلك، إلَّا في الزَّيْتُونِ، على اخْتِلافٍ.
وحُكِىَ عن أحمدَ: لا زكاةَ إلَّا في الحِنْطَةِ، والشَّعِيرِ، والتَّمْرِ، والزَّبِيبِ.
(1) الإجاص: يطلق في سورية وفلسطين وسيناء على الكمثرى وشجرها، وكان يطلق في مصر على البرقوق وثمره.
(2)
المشمش، مثلث المِيمَيْن.
(3)
الأدم: ما يستمرأ به الخبز.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا قولُ ابنِ عُمَرَ، وموسى بنِ طَلْحَةَ (1)، والحسنِ، وابنِ سِيرِينَ، والشَّعْبِىِّ، وابنِ أبى لَيْلَى، وابنِ المُبارَكِ. والسُّلْتُ، وهو نَوْعٌ مِن الشَّعِيرِ. ووافَقَهُم إبراهيمُ، وزاد الذُّرَةَ. ووافَقَهم ابنُ عباسٍ، وزاد الزَّيْتُونَ، لأنَّ ما عَدَا هذا لا نصَّ فيه ولا إجْماعَ، ولا هو في مَعْنَى المَنْصُوصِ ولا المُجْمَعِ عليه، فيَبْقَى على الأصْلِ. وقد روَى عمرُو ابنُ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرو، أنَّه قال: إنَّما سَنَّ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الحِنْطَةِ والشَّعِيرِ، والتَّمْرِ والزَّبِيبِ. وعن أبى بُرْدَةَ، عن أبى موسى، ومُعاذٍ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُما إلى اليَمَنِ يُعَلِّمان النَّاسَ أمْرَ دِيبهم، فَأمَرَهم أن لا يَأْخُذُوا الصَّدَقَةَ إلَّا مِن هذا الأرْبَعَةِ، الحِنْطَةِ، والشَّعِيرِ، والتَّمْرِ، والزَّبِيبِ. رَواهُنَّ الدَّارَقُطْنِىُّ (2). ولأنَّ غيرَ هذه الأرْبَعَةِ لا يُساوِيها في غَلَبَةِ الاقْتِياتِ بها وكَثْرَةِ نَفْعِها، وُجُودِها، فلا يَصِحُّ قِياسُه عليها. وقال أبو حنيفةَ: في كلِّ ما يُقْصَدُ بزراعَتِه نَماءُ الأرْضِ،
(1) موسى بن طلحة بن عبيد اللَّه القرشى التيمى، تابعى ثقة، توفى سنة ثلاث ومائة. تهذيب التهذيب 10/ 350، 351.
(2)
الأول، في: باب ما يجب فيه الزكاة من الحب، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى 2/ 94. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 580.
والثانى، في: باب ليس في الخضراوات صدقة، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى 2/ 98. كما أخرجه البيهقى، في: باب الصدقة فيما يزرعه الآدميون، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى 4/ 128، 129.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلَّا الحَطَبَ، والقَصَبَ، والحَشِيشَ؛ لقَوْلِه عليه السلام:«فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» (1). وهو عامٌّ. ولأنَّ هذا يُقْصَدُ بزِراعَتِه نَماءُ الأرْضِ، أشْبَهَ الحُبُوبَ. ولَنا، عُمُومُ قولِه عليه السلام:«فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» . وقولِه لمُعاذٍ: «خُذِ الْحَبَّ مِنَ الْحَبِّ» (2). خَرَج منه ما لا يُكالُ، وما ليس بحَبٍّ، بمَفْهُومِ قولِه عليه السلام:«لَيْسَ فِى حَبٍّ وَلَا ثَمرٍ (3) صَدَقَةٌ، حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أوْسُقٍ» . رَواه مسلمٌ والنَّسائِىُّ (4). وعن علىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَيْسَ فِى الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ» . وعن عائشةَ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:«لَيْسَ فِيمَا أنْبَتَتِ الأرْضُ مِنَ الْخَضِرِ صدَقَةٌ» . رَواهما الدّارَقُطْنِىُّ (5). وقال موسى بنُ طَلْحَةَ: جاء الأثَرُ عن رسولِ اللَّهَ صلى الله عليه وسلم في خَمْسَةِ أشْياءَ؛ الشَّعِيرِ، والحِنْطَةِ، والسُّلْتِ، والزَّبِيبِ، والتَّمْرِ، وما
(1) تقدم تخريجه في صفحة 372.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 451.
(3)
كذا في النسخ. وفى مصادر التخرج: «تمر» . إلا الإمام أحمد، فعنده الروايتان.
(4)
أخرجه مسلم، في: أول كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 674، 675. والنسائى، في: باب زكاة التمر، وباب زكاة الحبوب، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 29، 30.
كما أخرجه الدارمى، في: باب ما لا يجب فيه الصدقة من الحبوب والورق والذهب، من كتاب الزكاة. سنن الدارمى 1/ 384، 385. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 59، 73، 98.
(5)
في: باب ليس في الخضراوات صدقة، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى 2/ 95، 96.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سِوَى ذلك ممّا أخْرَجَتِ الأرْضُ فلا عُشْرَ فِيه (1). وروَى الأثْرَمُ، بإسْنادِهِ، أنَّ عامِلَ عُمَرَ كَتَب إليه في كُرُومٍ، فيها مِن الفِرْسِكِ (2) والرُّمّانِ ما هو أكْثَرُ غَلَّةً مِن الكُرُومِ أضْعافًا، فكَتَبَ إليه عمرُ: ليس عليها عُشْرٌ، هى مِن العِضاهِ (3).
فصل: ولا تَجِبُ فِيما ليس بحَبٍّ ولا ثَمَرٍ، سَواءٌ وُجِد فيه الكَيْلُ والادِّخارُ أو لا، فلا تَجِبُ في وَرَقٍ مثلِ السِّدْرِ والخَطْمِىِّ (4) والأُشْنانِ والصَّعْتَرِ (5) والآسِ (6) ونَحْوِه، لأنَّه ليس بمَنْصُوصٍ عليه، ولا في مَعْنَاه، ولأنَّ قولَه عليه السلام:«لَيْسَ فِى حَبٍّ وَلَا ثَمَرٍ صَدَقَةٌ، حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أوْسُقٍ» . يَدُلُّ على أنَّ الزكاةَ لا تَجِبُ في غَيْرِهما. قال
(1) رواه أبو عبيد، في: باب فيما تجب فيه الصدقة مما تخرج الأرض. الأموال 461.
(2)
الفرسك: الخوخ أو ضرب منه أجرد أحمر، أو ما ينفلق عن نواه.
(3)
العضاه: جمع العضاهة، وهى الخمط أو كل ذات شوك.
(4)
الخطمى: نبات يدق ورقه يابسا ويجعل غسلا للرأس فينقيه.
(5)
الصعتر: هو السعتر بالسين، وهو نبت إذا فرش في مرضع طرد الهوام.
(6)
الآس: شجر دائم الخضرة عطرى، وتجفف ثماره فتكون من التوابل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنُ عَقِيلٍ: ولأنَّه لا زكاةَ في ثَمَرِ السِّدْرِ، فوَرَقُه أوْلَى. ولأنَّ الزكاةَ لا تَجِبُ في الحَبِّ المُباحِ، ففى الوَرَقِ أوْلَى. وقال أبو الخَطّابِ: تَجِبُ الزكاةُ في الصَّعْتَرِ والأُشْنانِ؛ لأنَّه مَكِيلٌ مُدَّخرٌ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لِما ذَكَرْنا، ولأنَّه ليس بمَنْصُوصٍ، ولا هو في مَعْنَى المَنْصُوصِ. ولا تَجِبُ في الزَّهْرِ، كالزَّعْفَرانِ، والعُصْفُرِ، والقُطْنِ؛ لأنَّه ليس بحَبٍّ ولا ثَمَرٍ، ولا مَكِيلٍ، فلم تَجِبْ فيه الزكاةُ، كالخَضْراواتِ. قال أحمدُ: ليس في القُطْنِ شئٌ. وقال: ليس في الزَّعْفَرانِ زكاةٌ. وهذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، واخْتِيَارُ أبى بكرٍ. ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: ليس في الفاكِهَةِ والبَقْلِ والتَّوابِلِ والزَّعْفَرانِ زكاةٌ.
وَعَنْهُ، أَنَّهَا تَجِبُ فِى الزَّيْتُونِ، وَالْقُطْنِ، وَالزَّعْفَرَانِ، إِذَا بَلَغَا بِالْوَزْنِ نِصَابًا.
ــ
(وعنه، أنَّها تَجِبُ في الزَّيْتُونِ، والقُطْنِ، والزَّعْفرانِ، إذا بَلَغا بالوَزْنِ نِصابًا) ورُوِىَ عن أحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى، أنَّ في القُطْنِ والزَّعْفَرانِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زكاةً. وخَرَّجَ أبو الخَطّابِ في العُصْفُرِ والوَرْس وَجْهًا، قِياسًا على الزَّعْفَرانِ. وقال القاضى: الوَرْسُ عندِى بمَنْزِلَةِ الزَّعْفرانِ، يُخَرَّجُ على رِوايَتَيْن؛ لاجْتِماعِ الكَيْلِ والادِّخارِ فيه، أشْبَهَ الحُبُوبَ. والأوَّلُ أوْلَى، وهذا مُخالِفٌ لأُصُولِ أحمدَ؛ فإنَّ المَرْوِىَّ عنه رِوايَتان؛ إحْداهما، أنَّه لا زكاةَ إلَّا في الأرْبَعَةِ. والثانيةُ، أنَّها تَجِبُ في الحِنْطَةِ والشَّعِير والتَّمْرِ والزَّبِيبِ والذّرَةِ والسُّلْتِ والأرْزِ والعَدَسِ، وكلِّ شئٍ يقُومُ مقامَ هذه حتى يُدَّخَرَ، ويَجْرِىَ فيه القَفِيزُ، مثل اللُّوبيا والحِمَّصِ والسَّماسِمِ (1) والقِطْنِيَّاتِ، ففيه الزكاةُ. وهذا لا يَجْرِى فيه القَفِيزُ، ولا هو في مَعْنَى ما سَمَّاه. وإذا قُلْنا بوُجُوبِ الزكاةِ في القُطْنِ، احْتَمَلَ أن تَجِبَ في الكَتّانِ والقِنَّبِ (2)، لأنَّه في مَعْنَى القُطْنِ. ولا تَجِبُ الزكاةُ في التِّبْنِ وقُشورِ الحَبِّ، كما لا تَجِبُ في كَرَبِ (3) النَّخْلِ وخُوصِه.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
القِنَّبُ: نوع من الكتان.
(3)
الكَرَبُ: أصول السعف الغلاظ العراض.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في الزَّيْتُونِ عن أحمدَ، فقال في رِوايَةِ ابْنِه صالِحٍ: فيه العُشْرُ إذا بَلَغ، يَعْنِى خَمْسَةَ أوْسُقٍ، وإن عُصِر قُوِّمَ ثَمَنُه؛ لأنَّ الزَّيْتَ له بَقاءٌ. وهذا قولُ الزُّهْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، ومالكٍ، واللَّيْثِ، والثَوْرِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصحابِ الرَّأْى، وأحَدُ قَوْلَى الشافعىِّ. ورُوِىَ عن ابنِ عباسٍ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (1). في سِياقِ قولِه تعالى: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ} (1). ولأنَّه يمكنُ ادِّخارُ غَلَّتِه، أشْبَهَ التَّمْرَ والزَّبِيبَ (2) ورُوِىَ عنه: لا زَكاةَ فيه. نَقَلَها عنه يَعْقُوبُ
(1) سورة الأنعام 141. وما روى عن ابن عباس أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب في الزيتون فيه الزكاة أم لا، من كتاب الزكاة. المصنف 3/ 141.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنُ بخْتانَ، وهو اخْتِيارُ أبى بكرٍ، وظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ، وهذا قولُ ابنِ أبى لَيْلِى، والحسنِ بنِ صالِحٍ، وأبى عُبَيْدٍ، وأَحَدُ قَوْلَىِ الشافعىِّ؛ لأنَّه لا يُدَّخرُ يابِسًا، فهو كالخَضْرَاواتِ، ولأنَّه لم يُرَدْ يها الزكاةُ؛ لأنَّها مَكِّيَّةٌ، والزكاةُ إنَّما فُرِضَتْ بالمَدِينَةِ، ولهذا ذُكِر الرُّمّانُ ولا عُشْرَ فيه. وقال النَّخَعِىُّ، وأبو جَعْفَرٍ (1): هذه الآيةُ مَنْسُوخَةٌ. على أنَّها مَحْمُولَةٌ على ما يَتَأتَّى حَصادُه، بدَلِيلِ أنَّ الرُّمّانَ مَذْكُورٌ بعدَه، ولا زَكاةَ فيه.
فصل: ونِصابُهُ خَمْسَةُ أوْسُقٍ. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوايَةِ صالحٍ. فأمّا نِصابُ الزَّعْفَرانِ وْالقُطْنِ وما أُلحِقَ بهما مِن المَوْزُوناتِ، فهو ألْفٌ وسِتُّمائةِ رَطْلٍ بالعِراقِىِّ؛ لأنَّه ليس بمَكِيلٍ، فيَقُومُ وَزْنُه مَقامَ كَيْله.
(1) هو ابن جرير. انظر تفسيره 12/ 168 - 170.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذَكَرَه القاضى، في «المُجَرَّدِ». وحُكِىَ عنه: إذا بَلَغَتْ قِيمَتُه نِصابًا مِنِ أدْنَى ما تُخْرِجُه الأرْضُ ممّا فيه الزكاةُ، ففيه الزكاةُ. وهذا قولُ أبى يُوسُف في الزَّعْفَرانِ؛ لأنَّه لا يمكنُ اعْتِبارُه بنَفْسِه، فاعْتُبِرَ بغيرِه، كالعُرُوضِ تُقَوَّمُ بأدْنَى النِّصابَيْن مِن الأثْمانِ. وقال أصحابُ الشافعىِّ في الزَّعْفرانِ: تَجِبُ الزكاةُ في قَلِيلِه وكَثِيرِه. وحَكاه القاضى في «المُجَرَّدِ» قَوْلًا في المَذْهَبِ. قال شيخُنا (1)، رحمه الله: ولا أعْلَمُ لهذيْن القَوْلَيْن دَلِيلًا، ولا أصْلًا يُعْتَمَدُ عليه، ويَرُدُّهما قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ» (2). ولأنَّ إيجابَ الزكاةِ في قَلِيلِه وكَثِيرِه مُخالِفٌ لجَمِيعِ
(1) في: المغنى 4/ 163، 164.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 310.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أمْوالِ الزكاةِ، واعْتِبارُه بغيرِه مُخالِفٌ لجَمِيعِ ما يَجِبُ فيه العُشْرُ، واعْتِبارُه بأقلِّ ما تَجبُ الزكاةُ فيه قِيمَةً لا نَظِيرَ له أصْلًا، ولا يَصِحُّ قِياسُه على العُرُوضِ؛ لأَنَّها لا تَجِبُ الزكاةُ في عَيْنِها، وإنَّما تَجِبُ في قِيمَتِها فيُؤَدَّى مِن القِيمَةِ التى اعْتُبِرَتْ بها، والقِيمَةُ تُرَدُّ إليها كلُّ الأمْوالِ المتَقَوّماتِ، فلا يَلْزَمُ مِن الرَّدِّ إليها الرَّدُّ إلى ما لم يُرَدَّ إليه شئٌ أصْلًا ولا تُخْرَجُ الزكاةُ منه، ولأنَّ هذا مالٌ تُخْرَجُ الزكاةُ مِن جِنْسِه، فاعْتُبِرَ بنَفْسِه، كالحُبُوبِ.