الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ فِى غَيْرِ السَّائِمَةِ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا تُؤَثِّرُ.
ــ
السلامُ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِع، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» (1). وهذا مُتَفَرِّقٌ فلا يُجْمَعُ، ولأنَّه [لمّا أثَّرَ اجْتِماعُ](2) مالَيْن لرجُلَيْن في كَوْنِهما كالمالِ الواحِدِ، يَجِبُ أن يُؤَثِّرَ افْتِراقُ مالِ الرجلِ الواحِدِ، حتى يَجْعَلَه كالمالَيْن. والحديثُ مَحْمُولٌ على المُجْتَمِعَةِ، ولا يَصحُّ القِياسُ على غيرِ السّائِمَةِ، لأنَّ الخُلْطَةَ لا تُؤَثِّرُ فِيها، كذلك الافْتِراقُ، والبُلْدانُ المُتَقارِبَةُ بمَنْزلَةِ البَلَدِ الواحِدِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ على ما بَيَّنّا، وكَلامُ أحمدَ مَحْمُولٌ على أنَّ السّاعِىَ لا يَأْخُذُها، فأمّا رَبُّ المالِ فيُخْرِجُ إذا بَلَغ مالُه نِصابًا، فإنَّه قد رُوِىَ عنه، في مَن له مائةُ شاةٍ في بُلْدانٍ مُتَفَرِّقَةٍ: لا يَاخُذُ المُصَدِّقُ (3) منها شيئًا؛ لأنَّه لا يُجْمَعُ بينَ مُتَفَرِّقٍ، وصاحِبُها إذا ضَبَط ذلك وعَرَفَه أخْرَجَ هو بنَفْسِه، يَضَعُها في الفُقَراءِ. كذلك رَواه المَيْمُونِىُّ وحَنْبَلٌ عنه.
885 - مسألة: (ولا تُؤَثِّرُ الخُلْطَةُ في غيرِ السّائِمَةِ. وعنه، أنَّها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تُؤَثِّرُ) لا تُؤَثِّرُ الخُلْطَةُ في غْيْرِ السّائِمَةْ، كالذَّهبِ والفِضَّةِ والزُّرُوعِ والثِّمارِ وعُرُوضِ التِّجارَةِ، ويَكُونُ حُكْمُهم حُكْمَ المُنْفَرِدِين. وهذا قولُ أكْثَرِ أهلِ العلمِ. وعن أحمدَ، أنَّ شَرِكَةَ الأعْيانِ تُؤَثِّرُ في غيرِ الماشِيَةِ، فإذا كان (1) بينَهم نِصابٌ يَشْتَرِكُون فيه، فعليهم الزكاةُ. وهذا قولُ إسحاقَ، والأوْزاعِىِّ، في الحَبِّ والثَّمَرِ، قِيَاسًا على خُلْطَةِ الماشِيَةِ. والمَذْهَبُ الأوَّلُ. قال أحمدُ: الأوْزاعِىُّ يَقُولُ في الزَّرْعِ إذا كانُوا شُرَكاءَ يَخْرُجُ لهم خَمْسَةُ أوْسُقٍ فيهْ الزكاةُ. قاسَه على الغَنَمِ، ولا يُعْجِبُنِى قولُ الأوْزاعِىِّ. فأمّا خُلْطَةُ الأوْصافِ، فلا مَدْخَلَ لها في غيرِ المَاشِيَةِ بحالٍ؛ لأنَّ الاخْتِلاط لا يَحْصُلُ. وخَرَّجَ القاضى وَجْهًا، أنَّها تُؤَثِّرُ؛ لأنَّ المُؤْنَةَ تَخِفُّ إذا كان المُلْقِحُ (2) واحِدًا، والنّاطُورُ (3)، والجَرِينُ (4)، وكذلك أمْوالُ التِّجارَةِ؛ الدُّكّانُ، والمَخْزَنُ، والمِيزانُ، والبائِعُ، فأشْبَهَ المَاشِيَةَ. ومَذْهَبُ الشافعىِّ على نَحْوِ مَذْهَبِنا. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لقَوْلِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
أى الفحل الذى يلقحها.
(3)
الناطور: حافظ الزرع.
(4)
الجرين: الجرن، وهو الموضع الذى يداس فيه الطحام وتجفف فيه الثمار.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «وَالْخَلِيطَانِ مَا اشْتَرَكَا فِى الْحَوْضِ وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِى» (1). فدَلَّ على أنَّ ما لم يُوجَدْ فيه ذلك لا يَكونُ خُلْطَةً مُؤثِّرَةً، وقولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يُجْمَعُ بَيْنَ فتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصدَقَةِ» . إنَّما يَكُونُ في المَاشِيَةِ؛ لأنَّ الزَّكاةَ يَقِلُّ جَمْعُها تارَةً، ويَكْثُرُ أُخْرَى، وسائِرُ الأمْوالِ يَجِبُ فيما زاد على النِّصابِ بحِسابِه، فلا أثَرَ لجَمْعِها، ولأنَّ خُلْطَةَ الماشِيَةِ تُؤَثِّرُ في النَّفْعِ تارَةَ، وفى الضَّرَرِ أُخْرَى، وفى غيرِ الماشِيَةِ تُؤثِّرُ ضَرَرًا مَحْضًا برَبِّ المالِ، فلا يَصِحُّ القِياسُ. فعلى هذا إذا كان لجَماعَةٍ وَقْفٌ، أو حائِطٌ مُشْتَرَكٌ بينَهم فيه ثَمَرَةٌ أو زَرْعٌ، فلا زَكاةَ عليهم، إلَّا أن يَحْصُلَ في يَدِ بعضِهم نِصابٌ فتَجِبُ عليه الزكاةُ. وعلى الرِّوايَةِ الأُخْرَى، إذا كان الخارِجُ نِصابًا، ففيه الزكاةُ، فإن كان الوَقْفُ نِصابًا مِن السّائِمَةِ، وقُلنا: إنَّ الزكاةَ تَجِبُ في السّائِمَةِ المَوْقُوفَةِ. فيَنْبَغِى أن تَجِبَ عليهم الزكاةُ؛ لاشْتِراكِهم في مِلْكِ نِصابٍ تُؤثِّرُ الخُلْطَةُ فيه.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 458.