الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُؤْخَذُ مِنَ الصِّغَارِ صَغِيرَةٌ، وَمِنَ الْمِرَاضِ مَرِيضَةٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُؤْخَذُ إِلَّا كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ.
ــ
الصِّغارِ. قلنا: هذا يَلْزَمُ مِثْلُه في إخْراجِ الأُنْثَى، فلا فَرْقَ. ومَن جَوَّزَ إخْراجَ الذَّكَرِ في الكلِّ، قال: يَأْخُذُ ابْنَ لَبُونٍ مِن خَمْسٍ وعِشْرِين، قِيمَتُه دُونَ قِيمَةِ ابنِ لَبُونٍ يَأْخُذُه مِن سِتَّةٍ وثَلاثِينَ، ويَكُونُ بينهما في القِيمَةِ كما بينَهما في العَدَدِ، ويَكُونُ الفَرْضُ بصِفَةِ المالِ، وإذا اعْتَبَرْنا القِيمَةَ لم يُرَدَّ إلى التَّسْوِيَةِ، كما قُلْنا في الغَنَمِ. ويَحْتَمِلُ أن يُخْرِجَ ابنَ مَخاضٍ عن خَمْسَةٍ وعِشْرِين مِن الإِبِلِ، فيَقُومَ الذَّكَرُ مَقامَ الأَنْثَى التى في سِنِّه، كَسائِرِ النُّصُبِ.
862 - مسألة: (ويُؤْخَذُ مِن الصِّغارِ صَغِيرَةٌ، ومِن المِراضِ مَرِيضَةٌ
(1). وقال أبو بكرٍ: لا يُؤْخَذُ إلَّا كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ على قَدْرِ المالِ) متى كان حالُ نصابٍ كلِّه صِغارًا جاز أخْذُ الصَّغِيرَةِ، في الصَّحِيحِ مِن
(1) في م: «مريض» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَذْهَبِ. وإنَّما يُتَصَوَّرُ ذلك بأن تُبَدَّلَ كِبارٌ بصِغارٍ في أثْناءِ الحَوْلِ، أو يَكُونَ عندَه نِصابٌ مِن الكِبارِ، فتَوالَدَ نِصابًا مِن الصِّغارِ.، ثم تَمُوتَ الأُمَّهاتُ، ويَحُولَ الحَوْلُ على الصِّغارِ. وقال أبو بكرٍ: لا يُؤْخذُ إلَّا كَبِيرَةٌ تجْزِئُ في الأُضْحِيَةِ. وهو قولُ مالكٍ؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّما حَقُّنَا فِى الجَذَعَةِ أوِ الثَّنِيَّةِ» (1). ولأنَّ زِيادَةَ السِّنِّ في المالِ لا يَزِيدُ بها الواجِبُ، كذلك نُقْصانُه لا يَنْقُصُ به. ولَنا، قولُ الصِّدِّيقِ، رَضِىَ الله عنه: واللهِ لو مَنَعُونِى عَناقًا كانُوا يُؤَدُّونَها إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لقاتلْتُهم عليها (2). فدَلَّ على أنَّهم كانوا يُؤَدُّونَ العَناقَ، ولأنَّه مالٌ تَجِبُ فيه الزكاةُ مِن غيرِ اعْتِبارِ قِيمَتِه، فيُجْزِئُ الأخْذ مِن عَيْنِه، كسائِرِ الأمْوالِ. وأمّا زِيادَة السِّنِّ، فليس يَمْتَنِعُ الرِّفْقُ بالمالكِ في المَوْضِعَيْن، كما [أنَّ ما](3) دُونَ النِّصابِ عَفْوٌ، وما فَوْقَه عَفْوٌ، والحديثُ مَحْمُولٌ على مالٍ فيه كبارٌ،
(1) لم يرد مرفوعًا بهذا اللفظ.
وقريب منه ما يورده المصنف في صفحة 443 من حديث سعر بن ديسم، من رواية الطبراني في الكبير 7/ 202. وفيه أن هذا من كلام المصدق وليس النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر نصب الراية 2/ 354. وتلخيص الحبير 2/ 153.
(2)
تقدم تخريجه في 3/ 31.
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وظاهِرُ ما ذَكَرَه شيخُنا ههُنا، وقولُ الأصحابِ أنَّ الحُكْمَ في الفُصْلانِ والعُجُولِ، كالحُكْمِ في السِّخالِ؛ لِما ذَكَرْنا في الغَنَمِ، ويَكُونُ التَّعْدِيلُ بالقِيمَةِ مكانَ زِيادَةِ السِّنِّ، كما قُلْنا في إخْراجِ الذَّكَرِ مِن الذُّكُورِ، قال شيخُنا (1): ويَحْتَمِلُ أن لا يَجُوزَ إخْراجُ الفُصْلانِ والعُجُولِ، وهو قولُ الشافعىِّ؛ لِئلَّا يُفْضِىَ إلى التَّسْوِيَةِ بينَ الفُروضِ، فيُخْرِجَ ابْنَةَ مَخاضٍ عن خَمْسٍ وعِشْرِين، وسِتٍّ وثَلاثِين وسِتٍّ وأرْبَعِين، وإحْدَى وسِتِّين، ويُخْرِجَ ابْنَتَىِ اللَّبُونِ عن. سِتٍّ وسَبْعِين، وإحْدَى وتِسْعِين، ومائةٍ وعِشْرِين، ويُفْضِىَ إلى (2) الانْتِقَالِ مِن بِنْتِ اللَّبُونِ الواحِدَةِ مِن إحْدَى وسِتِّين إلى ابْنَتَىْ لَبُونٍ في سِتٍّ وسَبْعِين، مع تَقارُبِ الوَقْصِ بينَهما،
(1) في: المغنى 4/ 48.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبينَهما في الأصْلِ أرْبَعون، والخَبَرُ وَرَد في السِّخالِ، فيَمْتَنِعُ قِياسُ الفُصْلانِ والعُجُولِ عليها؛ لِما ذَكَرْنا مِن الفَرْقِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وكذلك إذا كان النِّصابُ كلُّه مِراضًا، فالصَّحِيحُ مِن المَذْهَبِ جَوازُ إخْراجِ الفَرْضِ منه، ويَكُونُ وَسَطًا في القِيمَةِ، ولا اعْتِبارَ بقِلَّةِ العَيْبِ وكَثْرَتِه؛ لأنَّ القِيمَةَ تَأْتِى على ذلك. وهو قولُ الشافعىِّ، وأبي يُوسُف، ومحمدٍ. وقال مالكٌ: إن كانت كلُّها جَرْباءَ أخْرَجَ جَرْباءَ، وإن كانت هَتْماءَ كُلِّفَ شِراءَ صَحِيحَةٍ. وقال أبو بكرٍ: لا يُجْزِئُ إلَّا صَحِيحَةٌ، لأنَّ أحمدَ قال: لا يُؤْخَذُ إلَّا ما يَجُوزُ في الأضاحِى، وللنَّهْىِ عن أخْذِ ذاتِ العَوارِ، فعلى هذا يُكَلَّفُ شِراءَ صَحِيحَةٍ بقَدْرِ قِيمَةِ المَرِيضَةِ. ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أمْوَالِهِمْ» (1). وقال: «إنَّ اللهَ لَمْ يَسأَلْكُمْ خَيْرَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ» . رَواه أبو داودَ (2). ولأنَّ مَبْنَى الزكاةِ على المُواسَاةِ، وتَكْلِيفُ الصَّحِيحَةِ عن المِراضِ إخْلالٌ بالمُواساةِ، ولهذا يَأْخُذُ مِن الرَّدِئِ مِن الحَيَوانِ والثِّمارِ مِن جِنْسِه، ومِن اللِّئامِ والهُزالِ مِن المَواشِى مِن جنْسِه، كذا هذا. وأمّا الحَدِيثُ فيُحْمَلُ على ما إذا كان فيه صَحِيحٌ، فإنَّ الغَالِبَ الصِّحَّةُ. وإن كان في النِّصابِ بعضُ الفَريضَةِ صَحِيحًا، أخْرَجَ الصَّحِيحَةَ، وتَمَّمَ الفَرِيضَةَ مِن المِراضِ على قَدْرِ المالِ، ولا فَرْقَ في هذا بينَ الإِبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ. والحُكْمُ في الهَرِمَةِ والمَعِيبَةِ كالحُكْمِ في المَرِيضَةِ سَواءٌ؛ لأنَّها في مَعْناها. واللهُ أعلمُ.
(1) تقدم تخريجه في 2/ 99، وفى صفحة 291. من حديث معاذ.
(2)
في: باب في زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 365.