الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويَدْعُو فِى الثَّالِثَةِ ،
ــ
التَّشَهُّدِ. نَصَّ عليه أحمدُ: وهو مَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لمّا سَألُوه: كيف نُصَلِّى عليك؟ عَلَّمَهم ذلك (1). وإن أتَى بها على غيرِ صِفَةِ التَّشَهُّدِ فلا بَأْسَ؛ لأنَّ القَصْدَ مُطْلَقُ الصلاةِ. وقال القاضى، يَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ على مَلائِكَتِك المُقَرَّبِين (2)، وأنْبِيائِك والمُرْسَلِين، وأهلِ طاعَتِك أجْمَعِين، مِن أهلِ السّماواتِ وأهْلِ الْأَرَضِين، إنَّك على كلِّ شئٍ قَدِيرٌ. لأنَّ أحمدَ قال، في رِوايَةِ عبدِ اللهِ: يُصَلِّى على النبىِّ صلى الله عليه وسلم ، ويُصَلِّى على المَلائِكَةِ المُقَرَّبِين.
774 - مسألة: (ويَدْعُو في)
التَّكْبِيرَةِ (الثّالِثَةِ) لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «إذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى المَيِّتِ فَأخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ» . رَواه أبو
(1) تقدم تخريجه من حديث كعب بن عجرة في 3/ 545.
(2)
هكذا وردت في نسخ الشرح بدون «و» وفى نسخ الإنصاف بإثباتها. وفى مسائل الإمام أحمد برواية عبد الله بدونها.
فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا؛ إِنَّكَ تَعْلَمُ مُنْقَلَبَنَا وَمَثْوَانَا، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ ،اللَّهُمَّ مَنْ أحْيَيْتَهُ منَّا فَأحْيِهِ عَلى الإسْلامِ والسُّنَّةِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا ، [40 ظ]
ــ
داودَ (1). والدُّعاءُ هاهُنا واجِبٌ، لهذا الحديثِ، ولأنَّه المَقْصُودُ، فلا يَجُوزُ الِإخْلالُ به، ويَكْفِى أَدْنَى دُعاءٍ لهذا الحديثِ: قال أحمدُ: ليس على المَيِّتِ دُعاءٌ مُؤَقَّتٌ. والأَوْلَى أن يَدْعُوَ لنَفْسِه ولوالِدَيْه وللمَيِّتِ وللمُسْلِمِين بما رُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم ، فرَوَى أبو إبراهيمَ الأشْهَلِىُّ، عن أبِيه، قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا صَلَّى على الجِنازَةِ، قال:(«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا»). قال التِّرْمِذِىُّ (2): هذا حديثٌ حسن صحِيحٌ. وروَى أبو داودَ (3)، عن أبى هُرَيْرَةَ مثلَ حديثِ أبى إبراهيمَ، وزاد:(«اللَّهُمَّ مَنْ أحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأحْيِهِ عَلَى) الْإِيمَانِ، (وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ) عَلَى الإسْلامِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أجْرَهُ، وَلَا
(1) في: باب في الدعاء للميت، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 188. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 480.
(2)
في: باب ما يقول في الصلاة على الميت، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 240، 241. كما أخرجه النسائى، في: باب الدعاء، من كتاب الجنائز، المجتبى. 4/ 61. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 170.
(3)
في: باب في الدعاء للميت، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 188.كما أخرجه الترمذى، في: باب ما يقول في الصلاة على الميت، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 241. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 480. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 368.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَأوْسِعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الذُّنُوْبِ وَالْخَطَايَا، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأبيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَزَوْجًا خيْرًا مِنْ زَوْجهِ، وَأدْخِلْهُ الجَنَّةَ ،وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ النَّارِ ، وَافْسَحْ لَهُ فِى قَبْرِهِ ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ.
ــ
تُضِلَّنَا (1) بَعْدَهُ». وفى حديثٍ آخَرَ، عن أبى هُرَيْرَةَ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ أنْتَ رَبُّهَا، وَأنْتَ خَلَقْتَهَا، وَأنْتَ هَدَيْتَهَا لِلْإِسْلَامِ، وَأَنْتَ قَبَضْتَهَا، وَأنْتَ أعْلَمُ بِسِرِّهَا وَعَلَانِيتِهَا، جِئْنَا شُفَعَاءَ، فَاغْفِرْ لَهُ» . رَواه أبو داودَ (2). وعن عَوْفِ بنِ مالكٍ الأشْجَعِىِّ، قال: صَلَّى النبىُّ صلى الله عليه وسلم على جِنازَةٍ فحَفِظْتُ مِن دُعائِهِ، وهو يَقُولُ: («اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ،
وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأكْرِمْ نُزُلَهُ، وَأوْسِعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وأبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أهْلِهِ (وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ»). حتى تَمَنَّيْتُ أن أكُونَ ذلك المَيِّتَ. رَواه مسلمٌ (3). وذَكَر ابنُ أبى موسى، أنَّه يَقُولُ
(1) في م: «تفتنا» .
(2)
في: باب في الدعاء للميت، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 188 كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 256، 345، 363، 459.
(3)
في: باب الدعاء للميت في الصلاة، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 662، 663. كما أخرجه النسائى، في: باب الدعاء، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 60. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 481. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 23، 28.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مع ذلك: الحَمْدُ للهِ الذى أمات وأحْيا، الحَمْدُ للهِ الذى يُحْيى المَوْتَى، له العَظَمَةُ والكِبْرِياءُ، والمُلْكُ والقُدْرَةُ والسَّناءُ، وهو على كلِّ شئٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ إنَّه عَبْدُك، ابنُ عَبْدِكَ، ابنُ أمَتِك، أنت خَلَقْتَه وَرَزَقْتَه، وأنت أمَتَّه وأنت تُحْيِيهِ، وأنت تَعْلَمُ سِرَّه، جِئْنَاك شُفَعاءَ له، فشَفِّعْنَا فيه، اللَّهُمَّ إنّا نَسْتَجِيرُ بحَبْلِ جِوارِكَ له، إنَّك ذو وَفاءٍ وذِمَّةٍ، اللَّهُمَّ وَقِه مِن فِتْنَةِ القَبْرِ، ومِن عَذابِ جَهَنَّمَ، اللَّهُمَّ إن كان مُحْسِنًا فجازِه بإحْسانِه، وإن كان مُسِيئًا فتَجاوَزْ عنه، اللَّهُمَّ قد نزَل بك، وأنت خَيْرُ مَنْزُولٍ به، فَقِيرًا إلى رَحْمَتِك، وأنت غَنِىٌّ عن عَذابِهِ، اللَّهُمَّ ثبِّتْ عندَ المَسْألَةِ مَنْطِقَه، ولا تَبْتَلِه في قَبْرِه. وقال الخِرَقِىُّ: يَقُولُ في الدُّعاءِ: اللَّهُمَّ إنَّه عَبْدُك وابنُ أَمَتِك، نَزَل بِك وأنت خَيْرُ مَنْزُولٍ به، ولا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا.
وقَوْلُه: لا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا. إنَّما يَقُولُه لمَن لم يَعْلَمْ منه شَرًّا، لِئَلَّا يَكُونَ كاذِبًا. وقد روَى القاضى حديثًا، عن عبدِ اللهِ بنِ الحارِثِ، عن أبيه، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهم الصلاةَ على المَيِّتِ:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأحْيَائِنَا وَأمْوَاتِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، اللَّهُمَّ إنَّ عَبْدَكَ وَابْنَ عَبْدِكَ نَزَلَ بِفِنَائِكَ، فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَلَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا» . فقُلْتُ، وأنا أصْغَرُ الجَماعَةِ: يارسولَ اللهِ، وإن لم أعْلَمْ خَيْرًا؟ قال:«لَا تَقُلْ إلَّا مَا تَعْلَمُ» (1). وإنَّما شُرِع هذا للخَبَرِ، ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا أُثْنِىَ عندَه على
(1) عزاه الهيثمى: إلى الطبرانى في الكبير والأوسط. وقال: فيه ليث بن أبى سليم، وهو ثقة ولكنه مدلس.
انظر: مجمع الزوائد 3/ 33.