الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا مَدْخَلَ لِلْجُبْرَانِ فِى غَيْرِ الإِبِلِ.
ــ
860 - مسألة: (ولا مَدْخَلَ للجُبْرانِ في غيرِ الإِبِلِ)
وذلك لأنَّ النَّصَّ إنَّما وَرَد فيها، وليس غيرُها في مَعْناها، لأنَّها أكْثَرُ قِيمَةً، ولأنَّ الغَنَمَ لا تَخْتَلِفُ فَرِيضَتُها باخْتِلافِ سِنِّها، وما بينَ الفَرِيضَتَيْن في البَقَرِ يُخالِفُ ما بينَ الفَرِيضَتَيْن في الإِبِلِ، فامْتَنَعَ القِياسُ. فمَن عَدِم فَرِيضَةَ البَقَرِ أو الغَنَمِ ووَجَد دُونَها، لم يَجُزْ له إخْراجُها، وإن وَجَد أعلى منها فأحَبَّ أن يَدْفَعَها مُتَطَوِّعًا بغيرِ جُبْرانٍ، قُبِلَتْ منه، وإن لم يَفْعَلْ كُلِّفَ شِراءَها مِن غيرِ مالِه.
فَصْلٌ: النَّوْع الثَّانِى، الْبَقَرُ، وَلَا شَىْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ، فَيَجِبُ فِيهَا تَبِيعٌ اوْ تَبِيعَةٌ؛ وَهِىَ الَّتِى لَهَا سَنَةٌ، وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ؛ وَهِىَ الَّتِى لَهَا سَنَتَانِ، وَفِى السِّتِّينَ تَبِيعَانِ، ثُمَّ فِى كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، ثُمَّ فِى كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ.
ــ
فصل: قال، رَضِىَ اللهُ عنه:(النَّوْعُ الثّانِى، البَقَرُ، ولَا شَئَ فيها حتى تَبْلُغَ ثَلاثِين، فيَجِبُ فيها تَبِيعٌ أو تَبِيعَةٌ، وهى التى لها سَنَةٌ، وفى الأرْبَعِين مُسِنَّةٌ؛ وهى التى لها سَنَتان، وفى السِّتِّين تَبِيعان، ثم في كلِّ ثَلاثِين تَبِيعٌ، وفى كلِّ أرْبَعِين مُسِنَّةٌ) صدقةُ البَقَرِ ثابِتَةٌ بالسُّنَّةِ والإِجْماعِ؛ أما السُّنَّةُ فرَوَى أبو ذَرٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«مَا مِنْ صاحِبِ إبِلٍ وَلَا بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّى زَكاتَها، إلَّا جَاءَتْ يَوْمَ القِيَامَةِ أعْظَمَ مَا كَانَتْ وأسْمَنَهُ، تَنْطَحُهُ بِقُرُونِها وَتَطَؤُهُ بأخْفَافِها، كُلَّمَا نَفِدَتْ أُخْرَاهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ» . مُتَّفَقٌ عليه (1).
(1) أخرجه البخارى، في: باب زكاة البقر، من كتاب الزكاة. صحيح البخارى 2/ 148. ومسلم، في: باب تغليظ عقوبة من لا يؤدى الزكاة، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 686، 687. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في منع الزكاة من التشديد، من أبواب الزكاة. عارضة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعن مُعاذٍ، قال: بَعَثَنِى النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى اليَمَنِ، وأمَرَنِى أن آخُذَ مِن كلِّ حالِمٍ دِينارًا أو عَدْاَله مَعافِرَ (1)، وأمَرَنِى أن آخُذَ مِن كلِّ أرْبَعِين مُسِنَّةً، ومِن كلِّ ثَلاثِين بَقَرَةً تَبِيعًا حَوْلِيًّا. رَواه الإِمامُ أحمدُ (2)، وهذا لَفْظُه، وأبو داودَ، والتّرْمذِىُّ، والنَّسائِىُّ، وابنُ ماجه، ولم يَذكُرِ التِّرْمذِىُّ:«حَوْليًّا» . وقال: حديثٌ حسنٌ. وعندَ النَّسائِيِّ، قال: أمَرَنِى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ بَعَثَنِى إلى اليَمَنِ أن لا آخُذَ مِن البَقَرِ شيئًا حتى تَبْلُغَ ثَلاثِين فإذا بَلَغَتْ ثَلاثِين، ففيها عِجْلٌ تابِعٌ، جَذَعٌ أو جَذَعَةٌ، حتى تَبْلُغَ أرْبَعِين، فإذا بَلَغَتْ أرْبَعِين، فَفِيها (3) بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ. ورَوَى الإِمامُ أحمدُ (4)،
= الأحوذى 3/ 95. والنسائى، في: باب التغليظ في حبس الزكاة، وباب مانع زكاة الغنم، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 8، 20. وابن ماجه، في: باب ما جاء في منع الزكاة، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 569. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 152، 157، 158، 169، 170.
(1)
المعافر، بالعين المهملة، بوزن مساجد، هو موضع باليمن أو حيٌّ من همدان باليمن تنسب إليهم الثياب المعافرية.
(2)
في: المسند 5/ 230، 233، 240، 247. وأبو داود، في: باب زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود 1/ 363. والترمذى، في: باب ما جاء في زكاة البقر، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 115. والنسائى، في: باب زكاة البقر، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 17، 18. وابن ماجه، في: باب صدقة البقر، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 576، 577.
(3)
زيادة من المجتبى.
(4)
في: المسند 5/ 240. وذكره أبو عبيد، في كتابه «الأموال» 383.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بإسْنادِهِ، عن يحيى بنِ الحَكَمِ، أنَّ مُعاذًا قال: بَعَثَنِى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُصَدِّقُ أهْلَ اليَمَنِ، وأمَرَنِى أن آخُذَ مِن البَقَرِ مِن كلِّ ثَلاثِين تَبِيعًا، ومن كلِّ أرْبَعِين مُسِنَّةً. قال: فعَرَضُوا علىَّ أن آخُذَ ممّا بينَ الأرْبَعِين والخَمْسِين، وبينَ السِّتِّين والسَّبْعِين، وما بينَ الثَّمانِين والتِّسْعِين، فأبَيْتُ ذلك، وقُلْتُ لهم: حتى أسْألَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلك. فقَدِمْتُ، فأخْبَرْتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، فأمَرَنِى أن آخُذَ مِن كلِّ ثَلاثِين تِبَيعًا، ومِن كلِّ (1) أرْبَعِين مُسِنَّةً، ومِن السِّتِّين تَبِيعَيْن، ومِن السَّبْعِين مُسِنَّةً وتَبِيعًا، ومِن الثَّمانِين مُسِنَّتَيْن، ومِن التِّسْعِين ثلاثَةَ أتْباعٍ، ومِن المِائَةِ مُسِنَّةً وتَبِيعَيْن، ومِن العَشرَةِ ومائَةٍ مُسِنَّتَيْن وتَبيعًا، ومِن العِشْرِين ومائَةٍ ثَلاثَ مُسِنّاتٍ أو أرْبَعَةَ أتْباعٍ، وأمَرَنِى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أن لا آخُذَ فيما بينَ ذلك شيئًا [إلَّا أن] (2) تَبلُغَ مُسِنَّةً أو جَذَعًا. يَعْنِى تَبِيعًا. وزَعَم أنَّ الأوْقاصَ لا فَرِيضَةَ فيها. ولا نَعْلَمُ خِلافًا في وُجُوبِ الزكاةِ في البَقَرِ. قال أبو عُبَيْدٍ: لا أعْلَمُ النّاسَ يَخْتَلِفُون فيه اليَوْمَ. ولا تَجِبُ في البَقَرِ زَكاةٌ حتى تَبْلُغَ ثَلاِثين في قولِ جُمْهُورِ العلماءِ. وحُكِىَ عن سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ،
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «حتى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والزُّهْرِىِّ أنَّهما قالا: في كلِّ خَمْسٍ شاةٌ؛ لأنَّها عُدِلَت بالإِبِلِ في الهَدْىِ والأُضْحِيَةِ، كذلك في الزكاةِ. ولَنا، ما تَقَدَّمَ مِن الخَبَرِ، ولأنَّ نُصُبَ الزكاةِ إنَّما تَثْبُتُ بالنَّصِّ والتَّوْقِيفِ، وليس فيما ذَكراه نَصٌّ ولا تَوْقِيفٌ، فلا يَثْبُتُ، وقِياسُهم مُنْتَقِضٌ بِخَمْسٍ وثَلاثِين مِن الغَنَمِ، فإنَّها تَعْدِلُ خَمْسًا مِن الإِبِلِ في الهَدْىِ، ولا زَكاةَ فيها، وإنَّما تَجِبُ الزكاةُ فيها إذا كانت سائِمَةً. وحُكِىَ عن مالكٍ في العوامِلِ والمَعْلُوفَةِ زَكاةٌ، كقَوْلِه في الإِبِلِ؛ لعُمُومِ الخَبَرِ. ولَنا، ما رَوَى عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَيْسَ فِى الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ» . رَواه الدّارَقُطْنِىُّ (1). وعن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، قال الرّاوِى: أحْسَبُه عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم في صَدَقَةِ البَقَرِ، قال:«وَلَيْسَ فِى العَوَامِلِ شَيءٌ» . رَواه أبو داودَ (2). وهذا مُقَيَّدٌ يُحْمَلُ عليه المُطْلَقُ.؛ ولأنَّه قولُ عليٍّ، ومُعاذٍ، وجابِرٍ، ولأنَّ صِفَةَ النَّماءِ مُعْتَبَرَةٌ في الزكاةِ، وإنَّما تُوجَدُ في السّائِمَةِ.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 390.
(2)
في: باب في زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود 1/ 362.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والواجِبُ فيها في كلِّ ثلاثِين تَبِيعٌ أو تَبِيعَةٌ، وهو الذى له سَنَةٌ ودَخَل في الثّانِيَةِ، وقِيلَ له ذلك لأنَّه يَتبَعُ أُمَّه. وفى كلِّ أرْبَعِين مُسِنَّةٌ، وهى التى لها سَنَتان، وهى الثَّنِيَّةُ. ولا فرْضَ في البَقَرِ غَيْرُهما. وفى السِّتِّين تَبِيعانِ كما ذَكَر في أوَّلِ المَسْألَةِ. وهذا قولُ جُمْهُورِ العلماءِ؛ منهم الشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والحسنُ، ومالكٌ، واللَّيْثُ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو يُوسُفَ، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ، في رِوايَةٍ عنه: فيما زاد على الأرْبَعِين بحِسابِه، في كلِّ بَقَرَةٍ رُبعُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ، فِرارًا مِن جَعْل الوَقْصِ تِسْعَةَ عَشَرَ، فإنَّه مُخَالِفٌ لجَمِيعِ أوْقاصِها، فإنَّها عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ. ولَنا، حَدِيثُ مُعاذٍ المذْكُورُ، وهو صَرِيحٌ في مَحَلِّ النِّزاعِ، ولأنَّ البَقَرَ أحَدُ بَهِيمَةِ الأنْعامِ، فلم يَجِبْ في زَكاتِها كَسْرٌ، كسائِرِ الأنْواعِ، ولا يَنْتَقِلُ مِن فَرْضِها فيها بغيرِ وَقْصٍ، كسائِرِ الفُرُوضِ، وكما بينَ الثَّلاثِين والأرْبَعِين، ومُخالَفَةُ قَوْلِهم للأُصُولِ أشَدُّ مِنْ الوُجُوهِ التى ذَكَرْناها، وعلى أنَّ أوْقاصَ الإِبِلِ والغَنَمِ مُخْتَلِفَةٌ، فجاز الاخْتِلاف ههُنا. فإن رَضِىَ رَبُّ المالِ بإعْطاءِ المُسِنَّةِ عن التَّبِيعِ، والتَّبِيعَيْن عن المُسِنَّةِ، أو أكبَرَ منها سِنًّا عنها، جاز. واللهُ أعلمُ.