الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَقِفُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَلِيلاً ، وَيُسَلِّمُ تَسْليمَةً واحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ ،
ــ
776 - مسألة: (ثم يَقِفُ بعدَ الرّابِعَةِ قَلِيلًا، ويُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً واحِدَةً عن يَمِينِه)
ظاهِرُ كَلامِ شيخِنا (1)، رحمه الله، أنَّه لا يَدْعُو بعدَ الرّابِعَةِ.
نَقَل ذلك عن أحمدَ جَماعَةٌ مِن أصحابِه، أنَّه قال: لا أعْلَمُ فيه شيئًا، لأنَّه لو كان فيه دُعاءٌ مَشْرُوعٌ لنُقِلَ. وعن أحمدَ أنَّه يَدْعُو، ثم يُسَلِّمُ، لأنَّه قِيامٌ في صلاةِ الجِنازَةِ، فكان فيه ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ، كالذى قبلَ الرَّابِعَةِ. قال ابنُ أبى موسى، وأبو الخَطَّابِ: يَقُولُ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (2) وقِيلَ: يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنا أجْرَه، ولا تَفْتِنَّا بعدَه، واغْفِرْ لنا وله. والخِلافُ هاهُنا في الاسْتِحْبابِ، ولا خِلافَ في المَذْهَبِ أنَّه غيرُ واجِبٍ. وقد روَى الجُوزَجَانِىُّ،
(1) انظر المغنى 3/ 416.
(2)
سورة البقرة 201.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بإسْنادِه، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُكَبِّرُ أرْبَعًا، ثم يَقُولُ ما شاء اللهُ، ثم يَنْصرِفُ (1). قال الجُوزَجَانِىّ: أحْسَبُ هذه الوَقْفَةَ ليُكَبِّرَ آخِرُ الصُّفُوفِ، فإنَّ الِإمامَ إذا كبَّرَ ثم سَلَّمَ، خِفْتُ أن يَكُونَ تَسْلِيمُه قبلَ أن يُكَبِّرَ آخِرُ الصُّفُوفِ، فإن كان هكذا فاللهُ عز وجل المُوَفِّقُ له، وإن كان غيرَ ذلك فإنى أبرَأُ إلى اللهَ عز وجل مِن أن أتَأوَّلَ على رسولِ اللهَ صلى الله عليه وسلم أمرًا لم يُرِدْه، أو أراد خِلافَه.
(1) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 3/ 370.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والتَّسْلِيمُ واجِبٌ فيها؛ لقَوْلِه عليه السلام: «وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» (1). والسُّنَّةُ أن يُسَلِّمَ على الجِنازَةِ تَسْلِيمَةً واحِدَةً. قال أحمدُ: التَّسْلِيمُ على الجِنازَةِ تَسْلِيمَةٌ واحِدَةٌ، عن سِتَّةٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وليس فيها اخْتِلافٌ إلَّا عن إبراهيمَ. رُوِىَ ذلك عن علىٍّ، وابنِ عُمَرَ، وابنِ عباسٍ، وجابِرٍ، وأبى هُرَيْرَةَ، وأنَسٍ، وابنِ أبى أوْفَى، وواثِلَةَ بنِ الأسْقَعِ. وبه قال سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، والحسنُ، وابنُ سِيرِينَ،
(1) تقدم تخريجه في 3/ 407.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأبو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ (1)، والقاسِمُ بنُ محمدٍ، وإبراهيمُ النَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وابنُ عُيَيْنَةَ (2)، وابنُ المُبارَكِ، وعبدُ الرحمنِ بنُ مَهْدِىِّ وإسحاقُ. قال ابنُ المُبارَكِ: مَن سَلَّمَ على الجِنازَةِ تَسْلِيمَتَيْن فهو جاهِلٌ جاهِلٌ. واخْتارَ القاضى أنَّ المُسْتَحَبَّ تَسْلِيمَتان، ووَاحِدَةٌ تُجْزِئُ. وبه قال الشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى، قِياسًا على سائِرِ الصَّلَواتِ.
ولَنا، ما روَى عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم سَلَّمَ على الجِنازَةِ تَسْلِيمَةً واحِدَةً (3). رَواه الجُوزَجَانِىُّ. ولأنَّه قولُ مَن سَمَّيْنا مِن الصحابَةِ، ولم يُعْرَفْ لهم مُخالِفٌ في عَصْرِهم، فكان إجْماعًا. واخْتِيارُ القاضى في هذه المَسْألةِ
مُخالِفٌ لقَوْلِ إمامِه وأصحابِه، ولِإجْماعِ الصحابةِ والتَّابِعِين، رَحْمَةُ الله عليهم. ويُسْتَحَبُّ أن يُسَلِّمَهَا عن يَمِينه، وإن سَلَّمَ تِلْقاءَ وَجْهِه فلا بَأْسَ.
وسُئِل أحمدُ: يُسَلِّمُ تِلْقَاءَ وجْهِه؟ قال: كلُّ هذا جائِزٌ، وأكثَرُ ما رُوِىَ فيه عن يَمِينه. قِيلَ: خُفْيَةً؟ قال: نعم. يَعْنِى أنَّ الكلَّ جائِزٌ، والتَّسْلِيمُ عن يَمِينه أوْلَى، لأنَّه أكثَرُ ما رُوِىَ، وهو أشْبَهُ بسائِرِ الصَّلَواتِ. قال
(1) أسعد بن سهل بن حنيف الأنصارى، أبو أمامة، ولد في حياة النبى صلى الله عليه وسلم، وتوفى سنة مائة. تهذيب التهذيب 1/ 263 - 265.
(2)
أبو محمد سفيان بن عيينة بن أبى عمران الهلالى الكوفى، الإمام الكبير، حافظ العصر، المتوفى سنة ثمان وتسعين ومائة. سير أعلام النبلاء 8/ 400 - 418.
(3)
اً خرجه البيهقى، في: باب ما روى في التحلل من صلاة الجنازة بتسليمة واحدة، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى 4/ 43.