الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُؤْخَذُ الْعُشْرُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ، فَإِنْ شَقَّ ذَلِكَ أَخَذَ مِنَ الْوَسَطِ.
ــ
شئٌ؛ لأنَّه إنَّما تُرِك لهم في الثَّمَرِ شئٌ، لكَوْنِ النُّفُوسِ تَتُوقُ إلى أكْلِها رَطْبَةً، والعادَةُ جَارِيَةٌ به، وفى الزَّرْعِ إنَّما يُؤْكَلُ منه شئٌ يسيرٌ، لا وَقْعَ له. ولا يُخْرَصُ الزَّيْتُونُ، ولا غيرُ النَّخْلِ والكَرْمِ؛ لأنَّ حَبَّه مُتَفَرِّقٌ في شَجَرِه، مَسْتُورٌ بوَرَقِه، ولا حاجَةَ بأهْلِه إلى أكْلِه، بخِلافِ النَّخْلِ والكَرْمِ. وبهذا قال مالكٌ. وقال الزُّهْرِىُّ، والأوْزاعِىُّ، واللَّيْثُ: يُخْرِصُ قِياسًا على الرُّطَبِ والعِنَبِ: ولَنا، ما ذَكَرْنا مِن المَعْنَى، ولأنَّه لا نَصَّ فيه، ولا هو في مَعْنَى المَنْصُوصِ.
911 - مسألة: (ويُخرَجُ العُشْرُ مِن كلِّ نَوْعٍ على حِدَتِه، فإن شَقَّ ذلك أخَذَ مِن الوَسَطِ)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّه إذا كان المالُ الزَّكَوِىُّ نَوْعًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واحِدًا أخَذَ منه، جَيِّدًا كان أو رَدِيئًا؛ لأنَّ حَقَّ الفُقَراءِ يَجِبُ على طَرِيقِ المُواساةِ، فهمِ بمَنْزلَةِ الشُّرَكاءِ. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلافًا. وإن كان أنْواعًا، أخَذَ مِن كلِّ نوْعٍ ما يَخُصُّه. وهذا قولُ أكْثَرِ العُلَماءِ. وقال مالكٌ، والشافعىُّ: يُؤْخَذُ مِن الوَسَطِ. وكذلك ذَكَرَه شيخُنا ههُنا وأبو الخَطّابِ، إذا شَقَّ عليه إخْراجُ زَكاةِ كل نَوْعٍ منه، دَفْعًا للحَرَجِ والمَشَقَّةِ، وقِياسًا على السّائِمَةِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ الفُقَراءَ بمَنْزِلَةِ الشُّرَكاءِ، فيَنْبَغِى أن يَتساوَوْا في كلِّ نَوْعٍ، ولا مَشَقَّةَ في ذلك، بخِلافِ الماشِيَةِ، فإنَّ إخْراجَ زكاةِ كلِّ نوْعٍ منها يُفْضى إلى التَّشْقِيصِ، وفيه مَشَقَّةٌ، بخِلافِ الثِّمارِ. ولا يَجُوزُ إخْراجُ الرَّدِئِ؛ لقولِه تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (1). قال أبو أُمَامَةَ بنُ (2) سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ، في هذه الآيَةِ: هو الجُعْرُورُ (3)، ولَوْنُ حُبَيْقٍ (4)، فنَهَى
(1) سورة البقرة 267.
(2)
سقط من: م. وهو أسعد بن حنيف الأنصارى، ولد قبل وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بعامين، وكان من أكابر الأنصار وعلمائهم. توفى سنة مائة. تهذيب التهذيب 1/ 263 - 265.
(3)
ضرب من التمر صغار لا ينتفع به.
(4)
في م: «الحبيق» . وهو نوع من التمر ردئ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يُؤْخَذَ في الصَّدَقَةِ. رَواه النَّسائِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ (1). قال: وهما ضَرْبانِ مِن التَّمْرِ؛ أحَدُهما، إنَّما يَصِيرُ قِشْرًا على نَوًى. والآخَرُ، إذا أتْمَرُ (2) صار حَشَفًا. ولا يَجُوزُ أخْذُ الجَيِّدِ عن الرَّدِئِ؛ لقولِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم:«إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أمْوَالِهِمْ» (3). فأمّا إن تَطَوَّعَ رَبُّ المالِ بإِخْراجِ الجَيِّدِ عن الرَّدِئِ، جاز، وله أجْرُ ذلك، على ما ذَكْرنا في الماشِيَةِ.
فصل: وأمّا الزَّيْتُونُ، فإن كان ممّا لا زَيْتَ فيه، فإنَّه يُخْرِجُ منه عُشْرَه حَبًّا إذا بَلَغ نِصابًا، لأنَّه حالُ كَمالِه وادِّخارِه، وإن كان له زَيْتٌ أخْرَجَ منه زَيْتًا، إذا بَلَغ الحَبُّ نِصابًا. وهذا قولُ الزُّهْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، ومالكٍ، واللَّيْثِ. قالُوا: يُخْرَصُ الزَّيْتُونُ، ويُؤْخَذُ منه زَيْتًا صافِيًا. وقال مالكٌ: إذا بَلَغ خَمْسَةَ أوْسُقٍ أخَذَ العُشْرَ مِن زَيْتِه بعدَ أن يُعْصَرَ: وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: يُخْرِجُ مِن حَبِّهِ كسائِرِ الثِّمارِ. ولأنَّه الحالَةُ التى يُعْتَبَرُ فيها الأوْساقُ، فكان إخْراجُه فيها كسائِرِ الثِّمارِ. وهذا جائِزٌ، وإخْراجُ الزَّيْتِ أوْلَى وأفْضَلُ، لأنَّه يَكْفِى الفُقَراءَ مُؤْنَتَه، ولأنَّه حالُ كَمالِه وادِّخارِه، أشْبَهَ الرُّطَبَ إذا يَبِسَ. واللَّهُ أعلمُ.
(1) أخرجه النسائى، في: باب قوله عز وجل: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} ، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 32. وأبو عبيد، في: الأموال 507.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 372.
(2)
في م: «أثمر» .
(3)
تقدم تخريجه في 2/ 99، في حديث بعث معاذ إلى اليمن.