الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويُسْتَحَبُّ أَنْ يُصْلَحَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامٌ يُبْعَثُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُصْلِحُونَ هُمْ طَعَامًا لِلنَّاسِ.
ــ
814 - مسألة: (ويُسْتَحَبُّ أنْ يُصْلَحَ لأهلِ المَيِّتِ طَعامٌ، يُبْعَثُ إليهم، ولا يُصْلِحُون هم طَعامًا للنّاسِ)
لِما روَى عبدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، قال: لَمّا جاء نَعْىُ جَعْفَرٍ، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«اصْنَعُوا لآلِ جَعْفرٍ طَعَامًا، فَقَدْ جَاءَهُمْ أمْرٌ شَغَلَهُمْ» . رَواه أبو داودَ (1). ويُرْوَى عن عبدِ اللهِ بنِ أبى بكرٍ، أنَّه قال: فما زالَتِ السُّنَّةُ فينا، حتى تَرَكَها مَن تَرَكَها. ولأنَّ أهلَ المَيِّتِ رُبَّما اشْتَغَلُوا بمُصِيبَتِهم وبمَن يَأْتِى إليهم عن
(1) في: باب صنعة الطعام لأهل الميت، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 173. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 219. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 514. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 205.
فصل: وَيُسْتَحَبُّ لِلرِّجَالِ زِيَارَةُ الْقبُورِ. وَهَلْ تُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ.
ــ
إصْلاحِ طَعامٍ لهم، ولأنَّ فيه جَبْرًا لقُلُوبِهم. فأمّا إصْلاحُ أهلَ المَيِّتِ طَعامًا للنّاسِ فَمَكْرُوهٌ؛ لأنَّه زِيادَةٌ على مُصِيبَتِهم، وشُغْلٌ لهم إلى شُغْلِهِم، وتَشْبِيهٌ بصَنِيعِ أهلِ الجَاهِلِيَّةِ. وقد رُوِىَ أنَّ جَرِيرًا وَفَد على عُمَرَ، فقالَ: هل يُناحُ على مَيِّتِكم؟ قال: لا. قال: فهل يَجْتَمِعُون عندَ أهْلِ المَيِّتِ، ويَجْعَلُون الطَّعامَ؟ قال: نعم. قال: ذلك النَّوْحُ (1). وإن دَعَتِ الحاجَةُ (2) إلى ذلك جاز؛ فإنَّه رُبَّما جاءَهم مَن يَحْضُرُ مَيِّتَهم مِن أهلِ القُرَى البَعِيدَةِ، ويَبِيتُ عندَهم، فلا يُمْكِنُهم إلَّا أن يُطْعِمُوه.
(فصل: ويُسْتَحَبُّ للرِّجالِ زِيارَةُ القُبُورِ. وهل تُكْرَهُ للنِّساءِ؟ على رِوايَتَيْنِ) لا نَعْلَمُ خِلافًا بينَ أهلِ العلمِ في اسْتِحْبابِ زِيارَةِ الرجالِ
(1) ذكره الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا في بلوغ الأمانى 8/ 95. وعزاه لسعيد بن منصور في سننه.
(2)
في م: «الحالة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القُبُورَ. قال علىُّ بنُ سعيدٍ: قُلْتُ لأحمدَ: زِيارَةُ القُبورِ أفْضَلُ أم تَرْكها؟ قال: زِيارَتُها. وقد صَحَّ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا؛ فَإنَّها تُذَكِّرُ الْمَوْتَ» (1). وللتِّرْمِذِىِّ:
(1) أخرجه مسلم، في: باب استئذان النبى صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، من كتاب الجنائز، وفى:
باب بيان ما كان من النهى عن أكل لحوم الأضاحى بعد ثلاث في أول الإسلام وبيان نسخه، من كتاب الأضاحى. صحيح مسلم 2/ 671، 672، 3/ 1564. وأبو داود، في: باب في زيارة القبور، من كتاب الجنائز، وفى: باب في الأوعية، من كتاب الأشربة. سنن أبى داود 2/ 195، 298. والترمذى، في: باب ما جاء في الرخصة في زيارة القبور، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 274. والنسائى، في: باب زيارة القبور، وباب زيارة قبر المشرك، من كتاب الجنائز، وفى: باب الإذن في ذلك، من كتاب الضحايا، وفى: باب الإذن في شئ منها، من كتاب الأشربة. المجتبى 4/ 73، 74، 7/ 207، 8/ 278. وابن ماجه، في: باب ما جاء في زيارة قبور المشركين، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 501. والإمام مالك، في: باب ادخار لحوم الأضاحى، من كتاب الضحايا. الموطأ 2/ 485. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 441، 3/ 38، 63، 66، 237، 250، 5/ 350، 355 - 357، 359، 361.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«فَإنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ» . فأمّا زِيارَةُ القُبُورِ للنِّساءِ ففيها رِوايَتانِ؛ إحْداهما، الكَراهَةُ؛ لِما رَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ، قالَتْ: نُهِينَا عن زِيارَةِ القُبُورِ،
ولم يُعْزَمْ علينا. مُتَّفَقٌ عليه (1). ولقَوْلِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: - «لَعَنَ اللهُ زَوَّارَاتِ (2) القُبُورِ» (3). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا (4) حَدِيثٌ صحيحٌ. وهذا خاصٌّ في النِّساءِ، والنَّهْىُ المَنْسُوخُ كان عامًّا للرجالِ والنِّساءِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه كان خاصًّا للرِّجالِ. ويَحْتَمِلُ كَوْنَ الخَبَرِ في لَعْنِ زَوّاراتِ القُبُورِ بعدَ أمْرِ الرِّجالِ بزِيارَتِها، فقد دار بينَ الحَظْرِ والِإباحَةِ، فأقَلُّ أحْوالِه الكَراهَةُ. ولأنَّ المرأةَ قَلِيلَةُ الصَّبْرِ، كَثِيرَةُ الجَزَعِ، وفى
(1) تقدم تخريج حديث أم عطية في صفحة 210. بلفظ: «نهينا عن اتباع الجنائز. . . .».
(2)
في م: «زائرات» .
(3)
تقدم تخريجه في صفحة ينظر 235.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زِيارَتِها للقَبْرِ تَهْيِيجٌ لحُزْنِها (1)، وتَجْدِيدٌ لذِكْرِ مُصابِها، فلا يُؤْمَنُ أن يُفْضِىَ بها ذلك إلى فِعْل ما لا يَحِلُّ، بخِلافِ الرجلِ، ولهذا اخْتَصَصْنَ بالنَّوْحِ والتَّعْدِيدِ، وخُصِصْنَ بالنَّهْىِ عن الحَلْقِ والصَّلْقِ (2) ونحوِهما.
والرِّوايةُ الثَّانِيَةُ، لا يُكْرَهُ؛ لعُمُومِ قَوْلِه عليه السلام:«كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا» . وهو يَدُلُّ على سَبْقِ النَّهْىِ ونَسْخِه، فيَدْخُلُ فيها الرجالُ والنِّساءُ. وروَى ابنُ أبى مُلَيْكَةَ، عن عائشةَ، أنَّها زارَتْ قَبْرَ أخِيهِا، فقالَ لها: قد نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن زِيارَةِ القُبُورِ. قَالَتْ: نعم قد نهَى، ثم أمَرَ بزِيارَتِها (3). وروَى التِّرْمِذِىُّ، أنَّ عائشةَ زارَتْ قَبْرَ أخِيها. وروَى عنها أنَّها قالَتْ: لو شَهِدْتُه ما زُرْتُه (4).
(1) في م: «للحزن» .
(2)
الصلق: الصوت الشديد.
(3)
أخرجه البيهقى، في: باب ما ورد في دخولهن في عموم قوله فزوروها، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى 4/ 78.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 240.