الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُسْتَحَبُّ الإسْرَاعُ بِهَا،
ــ
الزُّبَيْرِ. وقال به الشافعىُّ، وأحمدُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وكَرِهَه النَّخَعِىُّ، والحسنُ، وأبو حنيفةَ، وإسحاقُ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ الصحابةَ، رَضِىَ الله عنهم، فَعَلُوه، وفيهم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. وقال مالكٌ: ليس في حَمْلِ المَيِّتِ تَوْقِيتٌ، يَحْمِلُ مِن حيث شاء. ونَحْوَه قال الأوْزاعِىُّ. واتِّباعُ الصحابةِ، رَضِىَ اللهُ عنهم، فيما فَعَلُوه وقالُوه أحْسَنُ.
792 - مسألة: (ويُسْتَحَبُّ الِإسْراعُ بها)
لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا بينَ الأئِمَّةِ، رحمهم الله؛ وذلك لقَوْلِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «أسْرِعُوا بِالجِنَازَةِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَإنْ تَكُنْ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ». مُتَّفَقٌ عليه (1). واخْتَلَفُوا في الِإسْراعِ المُسْتَحَبِّ، فقال القاضى: هو إسْراعٌ لا يَخْرُجُ عن المَشْىِ المُعْتادِ. وهو قولُ الشافعىِّ.
وقال أصحابُ الرَّأْىِ: يَخُبُّ ويَرْمُلُ؛ لِما روَى أبو داودَ (2)، عن عُيَيْنَةَ ابنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيه. قال: كُنَّا في جنازَةِ عثمانَ بنِ أبى العاصِ، وكُنَّا نَمْشِى مَشْيًا خَفِيفًا؛ فلَحِقَنا أبو بَكْرَةَ (3)، فرَفَعَ سَوْطَه، فقال: لقد رَأيْتُنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَرْمُلُ رَمَلًا. ولَنا، ما روَى أبو سعيد، عن النبيِّ
(1) أخرجه البخارى، في: باب السرعة بالجنازة، من كتاب الجنائز. صحيح البخارى 2/ 108. ومسلم، في: باب الإسراع بالجنازة، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 651، 652. كما أخرجه أبو داود، في: باب في الإسراع بالجنازة، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 183. والترمذى، في: باب ما جاء في الإسراع بالجنازة، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 233. والنسائى، في: باب السرعة بالجنازة، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 34. وابن ماجه، في: باب ما جاء في شهود الجنائز. من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 474. والإمام مالك، في: باب جامع الجنائز، من كتاب الجنائز. الموطأ 1/ 243.
والإمام أحمد، في: المسند 2/ 240، 280، 488.
(2)
في: باب في الِإسراع بالجنازة، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 183. كما أخرجه النسائى، في: باب السرعة بالجنازة، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 35. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 36 - 38.
(3)
في م: «أبو بكر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم، أنَّه مُرَّ عليه بجِنازَةٍ تُمْخَضُ مَخْضًا (1)، فقالَ:«عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِى جَنَائِزِكُمْ» . رَواه الِإمامُ أحمدُ في «المُسْنَدِ» (2). ولأنَّ الِإسْرافَ في الِإسْراعِ يَمْخُضُها، ويُوْذِى حامِلِيها ومُتَّبِعِيها، ولا يُؤْمَنُ على المَيِّتِ.
وقال ابنُ عباس في جِنازَةِ مَيْمُونَةَ: لا تُزَلْزِلُوا، وارْفُقُوا، فإنَّها أمُّكُمْ (3).
فصل: واتِّباعُ الجَنائِزِ سُنَّةٌ؛ لقَوْلِ البَراءِ: أمَرَنا النبي صلى الله عليه وسلم باتِّباعِ الجَنائِزِ. مُتَّفَقٌ عليه (4). واتِّبَاعُ الجَنائِزِ على ثَلَاثةِ أضْرُبٍ؛ أحَدُها، أن يُصَلِّىَ عليها ثم يَنْصَرِفَ. قال زيدُ بنُ ثابِتٍ: إذا صَلَّيْتَ فقد قَضَيتَ الذى عليك (5). وقال أبو داودَ: - رَأيْتُ أحمدَ مالا أُحْصِى صَلَّى على جَنائِزَ، ولم يَتْبَعْها إلى القَبْرِ، ولم يَسْتأْذِنْ. الثانِى، أن يَتْبَعَها إلى القَبْرِ، ثم يَقِفَ حتى تُدْفَنَ؛ لقَوْلِ رسوَلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ شَهِدَ الْجِنَازَةَ حَتَّى يُصِلِّىَ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ» . قِيلَ: وما القِيرَاطَان؟ قال:
(1) تمخص مخضا: تتحرك شديدًا.
(2)
مسند أحمد 4/ 406 عن أبى موسى. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في شهود الجنازة؛ من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 475.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب المشى بالجنازة، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 442.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 7.
(5)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب انصراف الناس من الجنازة قبل أن يؤذن لهم، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 514. وابن أبى شيبة، في: باب في الرجل يصل على الجنازة له أن لا يرجع حتى يؤذن له، من كتاب الجنائز. مصنف ابن أبى شيبة 3/ 310.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). الثالثُ، أن يَقِفَ بعدَ الدَّفْنِ، فيَسْتَغْفِرَ له، ويَسْألَ اللهَ له التَّثْبِيتَ، ويَدْعُوَ له بالرَّحْمَةِ، فإنَّه رُوِىَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه كان إذا دَفَن مَيِّتًا وَقَف، فقالَ:«اسْتَغْفِرُوا لَهُ (2)، وَاسْألُوا الله لَهُ التَّثبِيتَ، فإنَّهُ الْآنَ يُسْألُ» . رَواه أبو داودَ (3).
ورُوِىَ عن ابنِ عُمَرَ، أنَّه كان يقْرَأُ عندَه عندَ الدَّفْنِ أوَّلَ البَقَرَةِ وخاتِمَتَها.
ويُسْتَحَبُّ لمُتَّبعِ الجنازَةِ أن يَكُونَ مُتَخَشِّعًا، مُتَفَكِّرًا في مَآلِه (4) مُتَّعِظًا بالمَوْتِ، وبما يَصِيرُ إليه المَيِّتُ، لا يَتَحَدَّثُ بأحَاديثِ الدُّنْيَا، ولا يَضْحَكُ. قال سعدُ بنُ مُعاذٍ: ما تَبِعْتُ جِنازَةً فحَدَّثْتُ نَفْسِى بغيرِ ما هو مَفْعُولٌ بها. ورَأى بعضُ السَّلَفِ رجلًا يَضْحَكُ في جِنازَةٍ، فقالَ: تَضْحَكُ وأنت تَتْبَعُ الجنازَة؟! لا كَلَّمْتُك أبَدًا.
(1) أخرجه البخارى، في: باب فضل اتباع الجنائز، وباب من انتظر حتى تدفن، من كتاب الجنائز.
صحيح البخارى 2/ 110. ومسلم، في: باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها، من كتاب الجنائز.
صحيح مسلم 2/ 652. كما أخرجه أبو داود، في: باب فضل الصلاة على الجنائز وتشييعها، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 180. والترمذى، في: باب ما جاء في فضل الصلاة على الجنازة، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 261. والنسائى، في: باب فضل من تبع جنازة، وباب ثواب من صلى على جنازة، من كتاب الجنائز، وفى: باب شهود الجنائز، من كتاب الإيمان. المجتبى 4/ 44، 63، 8/ 106. وابن ماجه، في: باب ما جاء في ثواب من صلى على جنازة ومن انتظر دفنها، من كتاب الجنائز.
سنن ابن ماجه 1/ 491. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 2، 3، 31، 144، 233، 246، 273، 280، 387، 401، 430، 458، 470، 475، 480، 493، 498، 503، 521، 3/ 20، 97، 27، 4/ 294، 5/ 131.
(2)
في م: «الله» .
(3)
في: باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود 2/ 192.
(4)
في م: «حاله» .