الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سأله، بل الجواب عنه لم يذكره الراوي وهو أنا لا نستعمل من سأل إلى غير ذلك، وإنما كانت مقولته تلك تحضيضًا على الصبر حين تأخذ أمراؤهم حقوقهم ولا يؤدونهم فإنه أشد من ذلك بكثير. قوله [بنهار] أي فوق (1) ما كان يصليها دائمًا.
قوله [ألا لا تمنعن رجلاً إلخ] هذه عزيمة، وما سبق من إنكار بالقلب حيث لا يجد قوة رخصة، ولذلك بكى أبو سعد أنا لم نعمل على العزائم وإن لم نأثم بترك ما تركناه قوله [من غدرة أمام عامة] بإضافة الإمام إلى عامة، وإضافة الغدرة إلى الإمام إما من إضافة المصدر إلى الفاعل، فيكون الإمام هو الغادر، وإما من إضافته إلى المفعول فالغادر الناس الرعايا والمغدور الإمام.
قوله [قال علي بن المديني هم أصحاب الحديث] وقال أهل التفسير والفقه والكلام بكونهم (2) إياهم، والصحيح أن كلهم منهم. قوله [أين تأمرني] أي حين وقوع الفتن. قوله [كفارًا يضرب بعضكم إلخ] أي كالكفار في صنيعهم ذلك، أو المعنى إن ضرب رقاب المسلمين يؤدي إلى الكفر بالآخرة أو مستحلاً (3).
[باب فتنة القاعد فيها خير من القائم]
قوله [إن دخل على بيتي] إن كان مجهولاً (4) أو معروفًا فالمؤدي فيهما واحد والنهي عن القتال ههنا حيث
(1) قلت: وفيه إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان يصليها دائمًا بقريب من الليل كما هو مقتضى قوله تعالى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} .
(2)
يعني قال أهل التفسير: إن مصداق الحديث المفسرون، وقال أهل الفقه الفقهاء، وهكذا قال كل جماعة لشيعتهم، والحق أنه شامل لكل طائفة قائمة على الدين سواء كانت من أهل الحديث أو الفقه أو غيرهما.
(3)
يعني أو يكون الضرب مستحلاً فالكفر ظاهر.
(4)
قال المجد: الدخل محركة ما داخلك من فساد في عقل أو جسم، وقد دخل كفرح وعنى دخلاً ودخلاً، انتهى.
قال: كن كابن آدم لدفع الفتنة، وحيث (1) رخص في القتل فقال: من قتل دون إلخ، وقال الفقهاء: إذا لم يكد يخلص نفسه إلا بالقتل فهو يقتل، فهو حيث لم يكن إلا قتله ولا تخشى فتنة، والحاصل أن الرجل إذا خاف فتنة في قتل من أراد قتله لا يقتله لدفع الفتنة، وإذا لم يكن فتنة بل كان قتله فحسب فله أن يقتله.
قوله [كقطع الليل المظلم] كأنه أراد بتشبيه المفرد (2) بالقطع وهي جمع أن كل واحدة منها الشديدة السواد لتراكم الظلمات، لكنه لا يتمشى في لفظ الحديث إذا المشبه ثمة جمع كالمشبه به.
قوله [ماذا أنزل الليلة إلخ] أريها النبي صلى الله عليه وسلم أنها تنزل عن قريب فكأنها أنزلت، وإيقاظ أزواجه المطهرات لما أن المفر في الفتن والتوقي عن ملوث (3) الدنيا إنما هو العبادة.
قوله [يا رب كاسية في الدنيا] إن من النساء من هي مكتسية في ما يبدو لنا بلباس (4) التقوى، وليس لها لباس حقيقة من التقى فتكون عارية يوم القيامة
(1) يعني الموضع الذي رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم القتل، والذي رخص فيه الفقهاء هو موضع لا يكون فيه إلا مجرد القتل دون الفتنة التابعة للقتل.
(2)
يعني المصنف حيث بوب بلفظ الفتنة المفرد أما في الحديث فالمشبه أيضًا جمع.
(3)
يحتمل أن يكون من اللوث أو الملث، وكلاهما بمعنى الاختلاط، ولوث الماء كدره.
(4)
فقد قال عن اسمه {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} الآية، لا يقال: إنهم يحشرون يوم القيامة حفاة عراة غرلا كما في الصحيحين وغيرهما، فكيف تخصيص النساء أو الكاسية في الدنيا، والجواب أن محل حديث الباب بعد إعطاء الكسوة فإن أول من يكسي إبراهيم ثم يعطون الكسوة، فهذه الكاسيات عاريات إذ ذاك أيضًا، وهذه كله على الظاهر، وأوله القارئ بالنفوس فلا تخصيص بالنساء لكن الأوجه الأول.
فإن أكسية الحشر على مقدار التلبس بالتقوى في الدنيا، أو المعنى يا رب كاسية في الدنيا بالثياب لا تجديها ثيابها نفعًا يوم القيامة، فتكون عارية ثمه، والتخصيص بالنسوة لكثرة الرياء فيهن كما في التوجيه الأول، أو لكثرة الفسوق والفجور فيهن وتزيين الأكسية والألبسة على ما هو مدار التوجيه الثاني.
قوله [يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي إلخ] يعني به سرعة الانتقال من رأي إلى رأي وتغيرًا فاحشًا بين إصباح الرجل وإمسائه.
قوله [يصبح محرمًا لدم أخيه إلخ] تعيين لأحد محتملات الحديث، ومعناه على ما مر من أن صنعته تلك شبيهة بصنيع الكفرة، أو المعنى يستحله (1) فلا بعد حينئذ في الكفر نفسه.
قوله [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا وأطيعوا إلخ] إنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك والحق أن المولى إذا فسق انعزل كما هو عند الشافعي رحمه الله، أو استحق العزل كما ذهب إليه (2) الإمام، فلم يكن الخروج عليه وعن طاعته بغاوة، بل حقًا يثابون عليه
(1) أي يكون يستحله على مفهومه الحقيقي، وأما على التوجيه الأول فيكون الاستحلال مجازًا عن معاملة الاستحلال، يعني يعامل بدم أخيه معاملة المستحل.
(2)
ففي الدر المختار: يكره تقليد الفاسق، ويعزل به إلا لفتنة، قال ابن عابدين: أشار إلى أنه لا تشترط عدالته، وعدها في المسايرة من الشروط، وعبر عنها تبعًا للغزالي بالورع قال: وعند الحنفية ليست العدالة شرطًا للصحة، فيصح تقليد الفاسق الإمامة مع الكراهة، وإذا قلد عدلاً ثم جار وفسق لا ينعزل، ولكن يستحب العزل إن لم يستلزم فتنة، ويجب أن يدعي له ولا يجب الخروج عليه، كذا عن أبي حنيفة، انتهى. وفي الدر المختار أيضًا: لو كان (القاضي) عدلاً ففسق بأخذها (أي الرشوة) أو بغير استحق العزل وجوبًا، وقيل: ينعزل وعليه الفتوى، وفي الفتح: اتفقوا في الإمارة والسلطنة على عدم الانعزال بالفسق لأنها مبنية على القهر والغلبة لكن في أول دعوى الخانية الوالي كالقاضي، انتهى. وفي شرح العقائد: لا ينعزل الإمام بالفسق، وعن الشافعي رضي الله عنه ينعزل، انتهى.