الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن حالها بلى هو تنبيه على علة الكراهة وإن الادماء ليس بمعنى إسالة دم الحيض بل المعنى إنها لا تزال يسيل الدم ما غسلها وذلك مشاهد في لحم الأرنب فإنه لا يزيده الغسل إلا السيلان إلى أن يفني رأسًا ولا يرقأ منه الدم فهذا يدل على ماله من تناسب بالدم المفسوح وإن لم يجعله الشارع حرامًا لذلك وهذا غير مستبعد من المقام والله تعالى أعلم بموارد الكلام.
[باب في أكل الضب
(1)] قوله [لا آكله ولا أحرمه] للكراهة
(1) هو دويبة تشبه الجردون لكنه أكبر من الجردون، ويقال للأنثى ضبة وبه سميت القبيلة ويقال أن لأصل ذكره فرعين ولذا يقال له ذكران وذكر ابن خالويه انه يعيش سبع مأة سنة وأنه لا يشرب الماء ويبول في كل أربعين يومًا قطرة ولا يسقط له سن، ويقال بل أسنانه قطعة واحدة كذا في الفتح، وبسط في أحواله صاحب حياة الحيوان منها أن بينه وبين العقارب مودة فلذلك يوديها في جحره لتلسع المتحرش به إذا دخل يده لأخذه، وحكى الإجماع على حلته وكذا حكاه غيره ولا يصح وحكى عياض عن قوم تحريمه وعن الحنفية كراهته وأنكر ذلك النووي وقال لا أظنه يصح عن أحد فإن صح فهو محجوج بالنصوص وبإجماع من قبله. قال الحافظ، وقد نقله ابن المنذر عن علي فأي إجماع يكون مع مخالفته ونقل الترمذي كراهته عن بعض أهل العلم، وقال الطحاوي في معاني الآثار: كره قوم أكل الضب منهم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد، قال العيني قد وضع الطحاوي بابًا للضباب فروي أولاً حديث عبد الرحمن بن حسنة قال نزلنا أرضًا كثيرة الضباب فأصابتنا مجاعة فطبخنا منها وإن القدور لتغلي بها إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، قال ابن حزم حديث صحيح إلا أنه منسوخ بلا شك، ثم قال الطحاوي ذهب قوم إلى تحريم لحوم الضباب وواحتجوا بهذا الحديث، وأراد بالقوم الأعمش وزيد بن وهب وآخرين ثم قال وخالفهم آخرون فلم يروا به بأسًا، وأراد بهم مالكًا والشافعي وأحمد وإسحاق والظاهرية وغيرهم، ثم قال وقد كره قوم أكل الضب، منهم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد، انتهى، قلت: وحديث عبد الرحمن بن حسنة وفيه الأمر بإكفاء القدور أخرجه أحمد وأبو داؤد وصححه ابن حبان والطحاوي وسنده على شرط الشيخين قال الشوكاني.
الطبيعية ولعدم نزول الحكم بعد ثم حرمه النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كما رواه (1) أبو داؤد في سننه وأحمد في مسنده، وفيه دلالة على أن الأصل في لأشياء الإباحة حيث لم يحرمه لعدم نزول تحريمه وكان ترك أكله لعدم اعتياده لفقده بمكة، وإن يمكن أن تكون أحاديث التحريم قبل هذه ثم نسخت وعلى هذا فمعنى قوله ولا أحرمه لأن الله تعالى أحله لكن الاحتياط لعدم العلم بالتاريخ فيما ذهبنا (2) إليه، لأن الترجيح عند اجتماع المحرم والمبيح للمحرم.
(1) من حديث عبد الرحمن بن شبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الضب، قال الحافظ في الفتح: إسناده حسن وحديث ابن عياش عن الشاميين قوي، وهؤلاء شاميون ثقات ولا يغتر بقول الخطابي: ليس إسناده بذاك، وقول ابن حزم فيه ضعفاء، مجهولون. وقول البيهقي: تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بحجة: وقول ابن الجوزي: لا يصح ففي كل ذلك تساهل لا يخفى فإن رواية إسماعيل عن الشاميين قوية عند البخاري وقد صحح الترمذي بعضها، انتهى كلام الحافظ.
(2)
وزاد في الإرشاد الرضى يؤيده أيضًا كونه من حشرات الأرض أي وهي من الخبائث ويؤيده أيضًا ما أخرجه الطحاوي وغيره عن عائشة أنه أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم ضب فلم يأكله فقام عليه سائل فأرادت عائشة أن تعطيه، فقال لها أتعطينه ما لا تأكلين، قال محمد بن الحسن دل ذلك على كراهته لنفسه ولغيره ويؤيده أيضًا ما في أبي داؤد والنسائي من حديث أبي سعيد أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عودًا فعد به أصابعه، ثم قال: إن أمة من بني إسرائيل مسخث دواب في الأرض الحديث إسناده صحيح كما قاله الحافظ في الفتح، ومن الأصل المقرر عند الفقهاء أن الدابة التي وقع على صورتها المسخ لقوم تحرم لا محالة لما أن وقوع المسخ على صورته ينبئ عن خباثته ولذا أفاد الشاه ولي الله أن مما يعلم تحريم نوع من الدواب أن ينظر هل وقع على صورته المسخ أم لا وليس المعنى أن الممسوخة هي الباقية إلى الآن حتى يرد عليه ما أورده الشافعية أن الممسوخة لا تبقى بل المعنى أن ما وقع على صورته المسخ يحرم كالقردة والخنازير انتهى، ما في الإرشاد الرضى بزيادة واختصار.