الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله [فوجدته يغتسل] لعله لم يكن شرع بعد في الاغتسال، أو كان قد فرغ منه، وعلى كل ذلك يطلق عرفًا فوجدته يغتسل (1)، وهذا لئلا يستشكل كلامه عريانًا. قوله [بالراكب المهاجر] المهاجر ها هنا إنما هو التارك بيته وإلا فالهجرة الاصطلاحية (2) لم تك إذًا.
[باب في تشميت العاطس]
قوله [ست بالمعروف] أي متلبسة بكونها معروفًا وخيرًا، ثم لا يضر كون بعضها فرض كفاية أو واجبًا أو سنة أو غير ذلك.
قوله [الحمد لله على كل حال] هذا اللفظ داخل في القول، وليس قيدًا للقول. قوله [عليك وعلى أمك] وجه المناسبة (3) فيه أن التسليم على الأم
(1) يعني على كلا الاحتمالين يصح إطلاق قولها فوجدته يغتسل مجازًا، وهذا شائع، ويحتمل أن يكون الإطلاق على الحقيقة واغتساله صلى الله عليه وسلم كان مترزًا، وستر فاطمة كان لما فوق الأزار، وعلى هذا فلا إشكال في التكلم، والقصة التي أشار إليها المصنف هي ما في رواياتها المفصلة من أمانها بعض أحمائها وصلاته صلى الله عليه وسلم الضحى.
(2)
لأنه مكي ومكة صارت دار الإسلام وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا هجرة بعد الفتح، اللهم إلا أن يقال: إن هجرته كانت من اليمن وهي إذ كانت دار كفر وذلك لأنه كان أولاً شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تبعًا لأبيه أبي جهل وكان فارسًا مشهورًا، فهرب يوم الفتح باليمن، فلحقت امرأته أم حكيم بنت الحارث فأتت به النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: مرحبًا بالراكب المهاجر، فأسلم بعد الفتح وحسن إسلامهن كذا في المرقاة، وعلى هذا فإطلاق المهاجر عليه يحتمل الحقيقة أيضًا.
(3)
قال ابن الملك: نبه بذلك على حماقتها حيث سرى فيه من صفاتها فافتقر إلى الدعاء بالسلامة قال القاري: لا وجه لنسبة الحماقة إلى ذاتها الغائبة، بل إنما دعا لها بالسلامة لكن على طبق كلامه حيث وقع في غير موقعه، نعم قد يقال: الأوجه في وجه تخصيص الأم أنه كناية عن تربيتها إياه دون أبيه فإنهن ناقصات العقل والدين لم يعرفن تفصيل الآداب، بخلاف الآباء فإنهم لمعاشرة العلماء يعرفون غالبًا مثل هذه الأشياء، انتهى.
لكونه في غير محله يكره مع أنه لم يقل بأسًا، فكذلك في وضعه السلام في غير موضعه، ويمكن أن يكون إشارة إلى أن أمك هي التي علمتك هذا، ولو كنت ممن علمه الرجال والآباء لما فعلت هذا، فسلام على معلمتك هذه.
قوله [عن ابن أبي ليلى] هذا (1) هو محمد بن أبي ليلى.
قوله [إنه حمد اللهي فعلم وجوبه (2) بحمد العاطس، وإن لم يحمد
(1) منسوب إلى جده، فإن المشهور بابن ليلى أربعة نفر كما في التقريب: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وابناه محمد وعيسى، وابن ابنه عبد الله بن عيسى، والمراد هاهنا محمد إذ يروى عن أخيه عيسى.
(2)
قال الحافظ: وقد ثبت الأمر بذلك. قال ابن دقيق العيد: ظاهر الأمر الوجوب ويؤيده حديث أبي هريرة، فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته، وذكر الحافظ عدة روايات مؤيدة لذلك، ثم قال: وقد أخذ بظاهرها ابن مزين من المالكية، وقال به جمهور أهل الظاهر، قال ابن أبي جمرة: وقال جماعة من علمائنا إنه فرض عين، وقواه ابن القيم في حواشي السنن، فقال: جاء بلفظ الوجوب الصريح، وبلفظ الحق الدال عليه، وبلفظ على الظاهرة فيه، وبصيغة الأمر التي هي حقيقة فيه، وبقول الصحابي: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ولا ريب أن الفقهاء أثبتوا وجوب أشياء كثيرة بدون مجموع هذه الأشياء، وذهب آخرون إلى أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ورجحه ابن رشد وابن العربي، وقال به الحنفية وجمهور الحنابلة، وذهب جماعة من المالكية إلى أنه مستحب، ويجزئ الواحد عن الجماعة، وهو قول الشافعية: والراجح من حيث الدليل القول الثاني، والأحاديث الصحيحة الدالة على الوجوب لا تنافي كونه على الكفاية، فإن الأمر وإن ورد في عموم المكلفين ففرض الكفاية يخاطب به الجميع على الأصح، انتهى. وقال العيني: ظاهر الأحاديث الوجوب، وبه قال أهل الظاهر، وقال بعض الناس: إنه فرض عين، وعند جمهور العلماء من أصحاب المذاهب الأربعة أنه فرض كفاية، وقال جماعة من المالكية: إنه مستحب، انتهى. وحكى ابن عابدين عن تبيين المحارم: تشميت العاطس فرض على الكفاية عند الأكثرين، وعند الشافعي سنة، وعند بعض الظاهرية فرض عين، انتهى.