الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} فإن هذه متضمنة ترغيبًا في نعيم الآخرة تبعثهم على تحمل الكلف في طاعته سبحانه بخلاف تلك.
قوله [يروى مناكير] أي غرائب (1) كما بينه بقوله: لا يتابع عليها.
[باب في كم صف أهل الجنة]
قوله [ثمانون من هذه الأمة] هذا لا ينافي كونه رجي أقل منها.
قوله [نحوًا من أربعين] أي كنا أربعين رجلاً أو أقل منها أو أكثر في هذه القبة [ليضغطون (2) إلخ] ولا يكون في ذلك التضاغط والتزاحم أذى ولا تكليف. قوله [أبي العشرين](3).
[باب في سوق الجنة]
قوله [في مقدار يوم الجمعة] إنما قال ذلك لأن ثمة لا ليل ولا نهار حتى يتحقق الأسبوع الحقيقي، وإنما هو (4) تقدير وتخمين.
(1) فإن المنكر يطلق على معنيين بسطًا في البذل، أحدهما ما خالف فيه الضعيف القوى، والثاني ما تفرد به الضعيف بدون اشتراط المخالفة.
(2)
قال القاري: ببناء المجهول أي ليعصرون ويضيقون على الباب. وقال المجد: ضغطه عصره وزحمه وغمزه إلى شيء، ومنه ضغطة القبر، وتضاغطوا ازدحموا، انتهى.
(3)
بياض في الأصل بعد ذلك، ولعله أراد أن يكتب سبب هذه الكنية فلم يتفق له، ولم أجد فيما عندي من الكتب سبب ذلك، ولا بعد في أن يكون له عشرون ولدًا فاشتهر بذلك لأجلهم.
(4)
وبهذا جرم القاري إذ قال: في مقدار يوم الجمعة، أي قدر إتيانه، والمراد مقدار الأسبوع، انتهى. وفي الحاشية عن اللمعات: والظاهر أن المراد يوم الجمعة، فإنه ورد الأحاديث في فضائل يوم الجمعة أنه يكون في الجنة يوم جمعة كما كان في الدنيا ويحضرون ربهم، إلى آخر الحديث. وقال القاري أيضًا تحت حديث مسلم عن أنس مرفوعًا: إن في الجنة لسوقًا يأتونها كل جمعة، الحديث. قال النووي: السوق مجمع لأهل الجنة يجتمعون فيها في كل مقدار جمعة أي أسبوع، ليس هناك أسبوع حقيقة لفقد الشمس والليل والنهار. قلت: وإنما يعرف وقت الليل والنهار بإرخاء أستار الأنوار ورفعها على ما ورد، فبهذا يعرف يوم الجمعة وأيام الأعياد، وما يترتب عليهما من الزيارة والرؤية، انتهى.
قوله [ويجلس أدناهم وما فيهم من دنيء] أي الدنو (1) بحسب نفس الأمر وعند الله، وأما فيما بينهم فلا يعد أحد أحدًا دنيا ولا أقل من نفسه، بل كلهم أعزة شرفاء.
قوله [هل تتمارون] من المراء بمعنى الجدال، أو المرية (2) بمعنى الشك، أي لا تزاحم في رؤيته حتى يمنع أحد أحدًا، أو لا شك في تحققه ويقينه.
قوله [فيذكره ببعض غدراته (3)] ليزداد في شكر نعمه، فإن هذا الأنعام مع تلك الجنايات أوجب للشكر.
باب [في رؤية الرب (4) تبارك وتعالى] قوله [لا تضامون بتشديد
(1) وفي الحاشية عن الطيبي: المراد أدناهم مرتبة، وأقلهم درجة بالنسبة إلى من عداه، وليس المراد أخسهم من الدناءة بمعنى الخسة، ولدفع هذا التوهم قال: وما فيهم من دنيء.
(2)
وبكلا الاحتمالين فسر الحديث أصحاب الفن، وجزم القاري بالثاني، ويؤيد الأول ما في الصحيحين وغيرهما من حديث: كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، الحديث، وسيأتي عند المصنف.
(3)
قال القاري: بفتح الغين المعجمة والدال المهملة جمع غدرة بالسكون بمعنى ترك الوفاء، والمراد معاصيه لأنه لم يف بتركها الذي عهد الله إليه.
(4)
أي في القيامة، وفيها خلاف لأهل البدع، فأثبتها أهل السنة والجماعة، وأنكرها المعتزلة والجهمية والخوارج، ومبنى الاختلاف اختلافهم في حقيقة الرؤية ما هي كما بسط في المطولات.
الميم وتخفيفه (1)، أي لا تزدحمون، أي لا ازدحام هناك في رؤيته، أو لا تظلمون، أي لا يظلم أحد أحدًا فيمنعه عن رؤيته تبارك وتعالى.
قوله [غدوة وعشية إلخ] هذه الطائفة أعلى الناس منزلة، والرؤية في أسبوع لكل مؤمن، ولعل فيما بين ذلك منازل.
قوله [إن أهل الجنة ليتراؤن في الغرفة] أي لا يمنعهم سقوف الغرف وسطوحها عن ترائيهم فيما بينهم، وذكر الكوكب الشرقي والغربي البناء على ما هو العادة من ترائي الكواكب إذا كان في المشرق أو المغرب، وأما إذا صار في وسط السماء فإنهم لا يرونه قصدًا إذ ذاك، وإن كان التشبيه في العلو يقتضي أن يذكر ما هو في وسط السماء، ولكن التشبيه ها هنا ليس في العلو والارتفاع، بل في البعد والترائي.
قوله [فيطلعون خائفين] لأنهم لما كانوا دخلوها ما كانوا أعلموا بأنه لا موت، فلم يكن لهم أمن بعد. قوله [فيذبح (2) ذبحًا على السور إلخ] ويكون هذا بعد خروج كل مقدر الخروج من النيران وإدخاله في الجنة.
(1) قال القاري: بضم التاء وتخفيف الميم من الضيم وهو الظلم. قال الحافظ ابن حجر: وهو الأكثر، وفي نسخة بفتح التاء من النظام بمعنى التزاحم.
(2)
أشكل على الحديث بأن الموت العرض والعرض لا ينقلب جسمًا فكيف يذبح؟ فأنكرت طائفة صحة هذا الحديث ودفعته، وتأوله آخرون بوجوه بسطها الحافظ في الفتح، وأنت خبير بأن لا حاجة إلى التوجيه بعد ثبوتها في روايتها عديدة، وإن لم نعرف كيفيتها، على أنه عز اسمه قادر على تحويل الأعراض إلى الأجسام، وقد ثبت بروايات كثيرة أن الأعمال تمثل في صور تناسبها، ويشكل على أحاديث وضع القدم وامتلاء جهنم منه ما في الآيات من امتلائها بإبليس ومن تبعه، ويمكن الجواب عنه بوجوه تعرف من المراد بالقدم كما بسطها أصحاب المطولات من أن المراد بها الأمكنة، أو مخلوق خاص، أو أحجار تلقى فيها، وغير ذلك، وهذا كله على رأي الجمهور من أن قول جهنم: هل من مزيد سؤال، وقيل: هو استفهام إنكار، أي لا محل للمزيد. فلا إشكال. وقال الرازي: قوله هل من مزيد فيه وجهان: أحدهما أنه لاستكثارها الداخلين كما أن من يضرب عبده ضربًا مبرحًا أو يشتمه شتمًا قبيحًا فاحشًا يقول المضروب: هل بقى شيء آخر، ويدل عليه قوله تعالى {لَأَمْلَأَنَّ}؟ نقول: الجواب عنه من وجوه: أحدها أن هذا الكلام ربما يقع قبل إدخال الكل، وفيه لطيفة وهي أن جهنم تتغيظ على الكفار فتطلبهم، ثم يبقى فيها موضع لعصاة المؤمنين فتطلب جهنم امتلاءها لظنها بقاء أحد من الكفار خارجًا، فيدخل العاصي من المؤمنين، فيرد إيمانه حرارتها ويسكن إيقانه غيظها فتسكن، وعلى هذا يحمل ما ورد في بعض الأخبار أن جهنم تطلب الزيادة حتى يضع الجبار قدمه، والمؤمن جبار متكبر على ما سوى الله تعالى دليل مواضع لله، الثاني أن تكون جهنم تطلب أولاً سعة في نفسها، ثم مزيدًا في الداخلين لظنها بقاء أحد من الكفار، الثالث أن الملء له درجات فإن الكيل إذا ملئ من غير كبس صح أن يقال ملئ وامتلأ، فإذا كبس يسع، ولا ينافي كونه ملآن أو لا، فكذلك في جهنم ملأها الله ثم تطلب زيادة تضييقًا للمكان عليهم وزيادة في التعذيب، انتهى.