المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ما جاء في أن ساقي القوم آخرهم شربا] - الكوكب الدري على جامع الترمذي - جـ ٣

[رشيد الكنكوهي]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب الأطعمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في أكل الأرنب

- ‌[باب في أكل الضب

- ‌[باب في أكل الضبع

- ‌[باب الفارة تموت في السمن]

- ‌[باب ما جاء في لعق الأصابع]

- ‌[باب ما جاء في استحباب التمر]

- ‌[باب الأكل مع المجذوم]

- ‌[باب ما جاء أن المؤمن يأكل في معي واحد

- ‌[باب في طعام الواحد يكفي الاثنين]

- ‌[باب ما جاء في أكل الشواء]

- ‌[باب ما جاء، نعم الادام الخل]

- ‌[باب ما جاء في أكل البطيخ بالرطب]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌[باب في شارب الخمر]

- ‌[باب في كراهية الشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌[باب في التنفس في الإناء]

- ‌[باب ما جاء في أن ساقي القوم آخرهم شربًا]

- ‌[باب في بر الخالة]

- ‌[باب في قطعية الرحم]

- ‌[باب في حب الولد]

- ‌[باب في رحمة الولد]

- ‌[باب في النفقة على البنات]

- ‌[باب في رحمة الناس]

- ‌[باب الستر على المسلمين]

- ‌[باب في مواساة

- ‌[باب في الغيبة]

- ‌[باب في الحسد]

- ‌[باب في إصلاح ذات البين]

- ‌[باب في حق الجوار]

- ‌[باب النهي عن ضرب الخدام

- ‌[باب في أدب الولد]

- ‌[باب الشكر لمن أحسن إليك]

- ‌[باب المجالس بالأمانة]

- ‌[باب السخاء]

- ‌[باب في البخل]

- ‌[باب النفقة على الأهل]

- ‌[باب في الضيافة]

- ‌[باب الصدق والكذب]

- ‌[باب في الشتم]

- ‌[باب في فضل المملوك الصال

- ‌[باب في سوء الظن]

- ‌[باب في المزاح]

- ‌[باب في المراء]

- ‌[باب في المداراة]

- ‌[باب في الكبر]

- ‌[باب في حسن الخلق]

- ‌[باب في الإحسان والعفو]

- ‌[باب في الحياء]

- ‌[باب التأني والعجلة]

- ‌[باب خلق النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب ما جاء في اللعن والطعن]

- ‌[باب ما جاء في كثرة الغضب]

- ‌[باب ما جاء في الصب

- ‌[باب ما جاء في العي]

- ‌[باب ما جاء في التواضع]

- ‌[باب ما جاء في الظلم]

- ‌[باب ما جاء في تعظيم المؤمن]

- ‌[باب ما جاء في التجارب]

- ‌[باب ما جاء في المتشيع بما لم يعطه]

- ‌أبواب الطب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء في الحمية

- ‌[باب ما جاء في الدواء والحث]

- ‌[باب ما جاء في الحبة السوداء

- ‌[باب من قتل نفسه بسم أو غيره]

- ‌[باب ما جاء في كراهية التداوي بالمسكر

- ‌[باب ما جاء في السعوط

- ‌[باب ما جاء في كراهية الكي]

- ‌[باب ما جاء في الرخصة في ذلك]

- ‌[باب ما جاء في الحجامة]

- ‌[باب ما جاء في كراهية الرقية]

- ‌[باب ما جاء في الرخصة في ذلك]

- ‌[باب ما جاء في الرقية بالمعوذتين]

- ‌[باب ما جاء في الرقية من العين]

- ‌[باب ما جاء في أخذ الأجر على التعويذ]

- ‌[باب ما جاء في الكمأة والعجوة]

- ‌[باب في كراهة التعليق]

- ‌[باب ما جاء في تبريد الحي بالماء]

- ‌[باب ما جاء في الغيلة]

- ‌[باب في دواء ذات الجنب]

- ‌[باب في العسل]

- ‌أبواب الفرائض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء في ميراث بنت الابن مع بنت الصلب]

- ‌[باب في ميراث الإخوة من الأب والأم]

- ‌[باب في ميراث العصبة]

- ‌[باب في ميراث الجد]

- ‌[باب ميراث الجدة]

- ‌[باب في ميراث الخال]

- ‌[باب في الذي يموت وليس له وارث]

- ‌[باب في إبطال الميراث بين المسلم والكافر]

- ‌[باب الميراث للورثة والعقل على العصبة]

- ‌[باب في الرجل يسلم على يدي الرجل]

- ‌[باب من يرث الولاء]

- ‌أبواب الوصايا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في الحث على الوصية]

- ‌[باب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوص]

- ‌[باب في الرجل يتصدق أو يعتق عند الموت]

- ‌[باب الولاء لمن اعتق]

- ‌[باب في حث النبي صلى الله عليه وسلم على الهدية]

- ‌[باب ما جاء في التشديد

- ‌[باب في الشقاء والسعادة]

- ‌[باب أن الأعمال بالخواتيم]

- ‌[باب ما جاء كل مولود يولد على الفطرة]

- ‌أبواب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب لا يحل دم امرئ مسلم]

- ‌[باب لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا]

- ‌[باب من صلى الصبح فهو في ذمة الله]

- ‌[باب في نزول العذاب إذا لم يغير المنكر]

- ‌[باب في تغيير المنكر باليد

- ‌[باب أفضل الجهاد

- ‌[باب سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا في أمته]

- ‌[باب الرجل يكون في الفتنة]

- ‌[باب لتركبن سنن من كان قبلكم]

- ‌[باب في انشقاق القمر]

- ‌[باب في الخسف]

- ‌[باب في خروج يأجوج ومأجوج]

- ‌[باب في صفة المارقة]

- ‌[باب فتنة القاعد فيها خير من القائم]

- ‌[باب في الهرج

- ‌[باب في أشراط الساعة]

- ‌[باب في قتال الترك]

- ‌[باب في الخلفاء]

- ‌[باب ما جاء أن الخلفاء من قريش

- ‌[باب في المهدي]

- ‌[باب في نزول عيسى]

- ‌[باب ما جاء في الدجال

- ‌[باب من أين يخرج الدجال]

- ‌[باب في ذكر ابن صياد

- ‌[باب ذهبت النبوة وبقيت المبشرات]

- ‌[باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام

- ‌[باب إذا رأى في المنام ما يكره ما يصنع]

- ‌[باب الذي في يكذب في حلمه

- ‌[باب ما جاء في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في الميزان والدلو]

- ‌أبواب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في ذكر الموت]

- ‌[باب ما جاء في إنذار النبي صلى الله عليه وسلم قومه]

- ‌[باب في قلة الكلام]

- ‌[باب ما جاء في هوان الدنيا]

- ‌[باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر]

- ‌[باب فقر]

- ‌[باب في أعمال هذه الأمة]

- ‌[باب في تقارب الزمن]

- ‌[باب في قصر الأمل]

- ‌[باب ما جاء لو كان لابن آدم واديان

- ‌[باب في الزهادة في الدنيا]

- ‌[باب في فضل الفقر

- ‌[باب ما جاء في معيشة النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في الرياء والسمعة]

- ‌[باب المرأ مع من أحب

- ‌[باب في البر والإثم]

- ‌[باب الحب في الله]

- ‌[باب في إعلام الحب]

- ‌[باب في كراهية المدحة والمداحين]

- ‌[باب في الصبر على البلاء]

- ‌[باب في ذهاب البصر]

- ‌[باب في حفظ اللسان]

- ‌[باب ما جاء في شأن الحشر]

- ‌[باب ما جاء في شأن الصراط]

- ‌[باب ما جاء في الشفاعة]

- ‌[باب ما جاء في صفة أواني الحوض

- ‌[باب في صفة غرف الجنة]

- ‌[باب في صفة نساء أهل الجنة]

- ‌[باب في صفة ثياب أهل الجنة]

- ‌[باب صفة طير الجنة]

- ‌[باب في صفة خيل الجنة]

- ‌[باب في كم صف أهل الجنة]

- ‌[باب في سوق الجنة]

- ‌[باب في احتجاج الجنة والنار]

- ‌أبواب صفة جهنم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء أن للنار نفسين

- ‌[باب الحياء من الإيمان]

- ‌[باب في حرمة الصلاة]

- ‌[باب في ترك الصلاة]

- ‌[باب في علامة المنافق]

- ‌[باب سباب المسلم فسوق]

- ‌[باب في من يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله]

- ‌[باب افتراق هذه الأمة]

- ‌أبواب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في ذهاب العلم]

- ‌[باب في الحث على تبليغ السماع]

- ‌[باب فيمن روى حديثًا وهو يرى أنه كذب]

- ‌[باب الرخصة في ذلك]

- ‌[باب ما جاء الدال على الخير كفاعله]

- ‌[باب الأخذ بالسنة واجتناب البدعة]

- ‌[باب في فضل الفقه على العبادة]

- ‌[باب في إفشاء السلام]

- ‌[باب في أن الاستيذان ثلاث]

- ‌[باب في كراهية إشارة اليد في السلام]

- ‌[باب ما جاء في التسليم على النساء]

- ‌[باب في كراهية التسليم على الذي]

- ‌[باب السلام على مجلس فيه مسلمون وغيرهم]

- ‌[باب التسليم عند القيام والقعودي

- ‌[باب الاستيذان قبالة البيت]

- ‌[باب في كراهية التسليم على من يبول]

- ‌[باب في كراهية أن يقول: عليك السلام]

- ‌[باب في المصافحة]

- ‌[باب في تشميت العاطس]

- ‌[باب ما جاءكم يشمت العاطس]

- ‌[باب في إعفاء اللحية]

- ‌[باب ما جاء في حفظ العورة]

- ‌[باب الرجل أحق بصدر دابته]

- ‌[باب الرخصة في اتخاذ الأنماط]

- ‌[باب في ركوب ثلاثة على دابة]

- ‌[باب في نظرة الفجاءة]

- ‌[باب في كراهية اتخاذ القصة]

- ‌[باب في كراهية خروج المرأة متعطرة]

- ‌[باب ما جاء في حفظ العورة]

- ‌[باب في النظافة]

- ‌[باب مام جاء في الاستتار عند الجماع]

- ‌[باب في دخول الحمام]

- ‌[باب ما جاء في كراهية لبس المعصفر الرجال]

- ‌[باب في العدة]

- ‌[باب في فداك أبي وأمي]

- ‌[باب ما جاء في يا بني]

- ‌[باب ما يكره من الأسماء]

- ‌[باب ما جاء في كراهية الجمع بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته]

- ‌[باب ما جاء في إنشاد الشعر]

- ‌[باب ما جاء في الفصاحة والبيان]

- ‌أبواب الأمثال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب مثل النبي والأنبياء صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين]

- ‌[باب ما جاء مثل الصلوات الخمس

الفصل: ‌[باب ما جاء في أن ساقي القوم آخرهم شربا]

جائز ولذلك فعله النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحملوا النهي على التحريم (1).

[باب ما جاء في أن ساقي القوم آخرهم شربًا]

هذا إذ تولى القسمة ولم يملك المقسوم فأما إذا كان من ملكه فهو بالخيار أنى يأخذ، وإنما جعل لقاسم آخرًا لأن في تقديمه نفسه دلالة على الحرص وإيثار نفسه على أصحابه.

قوله [الحلو البارد] وجه (2) الحلاوة ظاهر وسبب استحباب البرد حرارة المزاج فلا ينافيه لو ثبت استحباب شيء آخر لوجه آخر.

(1) فقد قال النووي: اتفقوا على أن النهي ههنا للتنزيه لا للتحريم قال الحافظ: وفي نقل الاتفاق نظر فقد نقل عن مالك أنه أجاز الشرب من أفواه القرب وقال: لم يبلغني فيه نهي، وجزم ابن حزم بالتحريم لثبوت النهي، وحمل أحاديث الرخصة على أصل الإباحة، وأطلق الأثرم صاحب أحمد أن أحاديث النهي ناسخة للإباحة لأنهم كانوا يفعلون ذلك حتى وقع دخول الحية في بطن الذي شرب من فم السقاء فنسخ الجواز.

(2)

قال المناوي في شرح الشمائل: الماء الممزوج بعسل أو المنقوع بتمر أو زبيب قال ابن القيم: الأظهر أن المراد الكل ولا يشكل اللبن كان أحب إليه لأن الكلام في شراب هو ماء أو فيه ماء.

ص: 42

أبواب البر (1) والصلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) قال القارئ تحت قوله صلى الله عليه وسلم البر حسن الخلق أي مع الخلق: بأمر الحق أو مداراة الخلق ومراعاة الحق، قيل: فسر البر في الحديث بمعان شيء ففسره في موضع بما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، وفسره في موضع بالإيمان، وفي موضع بما يقربك إلى الله تعالى، وههنا بحسن الخلق، وفسر حسن الخلق باحتمال الأذى وقلة الغضب وبسط الوجه وطيب الكلام، وكلها متقاربة في المعنى ذكره الطيبي، وقال الترمذي: البر ههنا الصلة والتصدق والطاعة ويجمعها حسن الخلق، وقال بعض المحققين: تلخيص الكلام أن البر اسم جامع لأنواع الطاعات والأعمال المقربات، ومنه بر الوالدين وهو استرضاؤهما بكل ما أمكن، وقد قيل: إن البر من خواص الأنبياء عليهم السلام أي كمال البر، وقد أشار إليهما من أوتى جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم بقوله: حسن الخلق لأنه عبارة عن حسن العشرة والصحبة مع الخلق بأن يعرف أنهم أسراء الأقدار وأن كل ما لهم من الخلق والرزق والأجل بمقدار فيحسن إليهم فيأمنون منه ويحبونه، هذا مع الخلق وأما مع الخالق بأن يشتغل بجميع الفرائض والنوافل ويأتي بأنواع الفضائل عالمًا بأن كل ما أتى منه ناقص يحتاج إلى العذر وكل ما صدر من الحق كامل يوجب الشكر انتهى، وأصل الصلة وصل الشيء بالشيء: وصلة الرحم كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن بعدوا وأساؤوا، كذا في المجمع.

ص: 43

قوله [من أبر] فعل متكلم، ووجه ذكر الأم ترجيحها على الأب في أحكام (1) البر والصلة، وأما الاطاعة ففيها تقديم للأب كالتعظيم، ثم تكرار (2) الجواب مشعر بكثرة البون بين الأبوين في الانفاق. قوله [أي الأعمال أفضل] اختلفت الأجوبة عن ذلك باختلاف السائل والزمان والمكان، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر الإيمان ههنا مع ماله من فضل على سائر الأعمال مسلم اتكالاً على فهم الذي سأله واعتمادًا على علمه بإعلامه صلى الله عليه وسلم، أو باجتهاد منه أن الإيمان ملاك الأمر ورأس الطاعات، أو لأن السائل سائل عن أفعال الجوارح كما هو الغالب في استعمال لفظ العمل، وليس الإيمان داخلاً فيها.

قوله [الوالد أوسط إلخ] ثم إن حال الأم معلوم بذلك مقايسة فصح الاستدلال. قوله [وكان متكئًا فجلس] وهذا للاهتمام بشأنه كالتكرار، وإنما أكده دفعًا لما يتوهم من تعقيب ذكره أن أمره خفيف، ولما كثر في النفوس من قلة المبالاة به بخلاف أخويه المتقدمين ولأن ضرره متعد دون ضرر الشرك، وكذلك

(1) ففي العالمكيرية: إذا تعذر عليه جمع مراعاة حق الوالدين بأن يتأذى أحدهما بمراعاة الآخر يرجح حق الأب فيما يرجع إلى التعظيم والاحترام وحق الأم فيما يرجع إلى الخدمة والأنعام، وعن علاء الأئمة الحمامي قال مشائخنا: الأب يقدم على الأم في الاحترام والأم في الخدمة حتى لو دخلا عليه في البيت يقوم للأب، ولو سألا عنه ماء ولم يأخذ من يده أحدهما فيبدأ بالأم كذا في القنية انتهى، قلت: وفيه أن البداية من باب التكريم فتأمل.

(2)

قال ابن بطال: مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، وذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع، فهذه تنفرد بها الأم ثم تشارك الأب في التربية، وقد وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} ، فسوى بينهما في الوصية وخص الأم بالأمور الثلاثة، كذا في الفتح.

ص: 44

هو أعم بحسب المورد من الشرك والعقوق، فكان فيه مضرة جزئية تزيد بها عليهما والشهادة المذكورة أخص من قول الزور، ثم تمنيهم سكوته صلى الله عليه وسلم إنما كان لغاية مودتهم إياه، فكانوا يحبون التخفيف (1) عنه ما أمكن، فإنما قصدوا بذلك أنا فهمنا مراده حق الفهم فلا حاجة له إلى تحمل المشقة بعد ذلك.

قوله [وهل يشتم الرجل والديه] إنما سألوا عن ذلك علمًا منهم أن مثل ذلك لا يمكن أن يقع (2) عادة، والمنع إنما يفيد عما يقع عادة، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يحببهم بأن يدفع عنهم استبعاده فيقول: إنه سيقع بعد زمان بل غير الجواب توسيعًا للدائرة فقال: إن سبب الشيء له حكمه، فلما كان التسبب في ذلك من الكبائر علم حال الارتكاب بالأولى، وكان التسبب شائعًا فيهم فكانوا يلعنون ويشتمون آباء الرجال فيجازون عليه، قوله [أن أبر البر إلخ] فإن (3) هذا دليل على كثرة

(1) قال الحافظ: أي تمنينا أنه يسكت إشفاقًا عليه لما رأوا من انزعاجه في ذلك، وقال ابن دقيق العيد: اهتمامه صلى الله عليه وسلم بشهادة الزور يحتمل أن يكون لأنها أسهل وقوعًا على الناس والتهاون بها أكثر ومفسدتها أيسر وقوعًا، لأن الشرك ينبو عنه المسلم، والعقوق ينبو عنه الطبع، والقول الزور فالحوامل عليه كثيرة، إلى آخر ما في الفتح.

(2)

قال الحافظ: هو استبعاد من السائل لأن الطبع المستقيم يأبى ذلك، فبين في الجواب أنه وإن لم يتعاط السب بنفسه في الأغلب الأكثر لكن قد يقع منه التسبب فيه وهو مما يمكن وقوعه كثيرًا، قال ابن بطال: هذا الحديث أصل في سد الذرائع ويؤخذ منه أن من آل فعله إلى محرم يحرم عليه ذلك الفعل وإن لم يقصد إلى ما يحرم.

(3)

قال النووي: فيه فضل صلة أصدقاء الأب والإحسان إليهم بإكرامهم وهو متضمن لبر الأب وإكرامه لكونه بسببه، وتلتحق به أصدقاء الأم والأجداد والمشايخ والزوج والزوجة، وقد وردت الأحاديث في إكرامه صلى الله عليه وسلم خلائل خديجة رضي الله عنها، انتهى.

ص: 45