الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في شأنه لا يوجب الشدة والتعزير على القائل.
[باب السلام على مجلس فيه مسلمون وغيرهم]
قوله [فسلم عليهم] أي ناويًا بتسليمه المؤمنين، وهكذا يفعل حيث اضطر إلى ابتداء أهل الذمة بالتسليم، وإن لم يكن ثمة مسلم ينوي الحفظة والكتبة والجان.
[باب التسليم عند القيام والقعودي
قوله [ثم إذا قام فليسلم إلخ] والحد في تكرار تسلم الغائب ترك المواجهة، فإذا غاب من النظر ثم عاد كرر التسليم، ثم إذا قام ليذهب سلم تسليم الرواح والرخصة.
[باب الاستيذان قبالة البيت]
قوله [ففقأ عينيه ما غيرت عليه] أي لم أغير فعله ولم أمنعه عن ارتكاب ذلك لأنه لم يفعل بأسًا، ويمكن في معناه (1) غير ذلك، ويروى ما عيرت عليه بالعين المهملة، وهو ظاهر المعنى، ثم هذا تغليظ بحت عند الإمام الهمام، ولو ارتكب أحد ذلك ففقأ عينيه تؤخذ منه الدية ولا يقتص منه لما عرت شبهة بلفظ الحديث. والحدود تندرئ بالشبهات، بخلاف الأموال فإنها تثبت بشبهة أيضًا، ولفظ الحديث وإن كان لا يصرح بكونه تغليظًا وتشديدًا إلا أن امتناعه صلى الله عليه وسلم عن فقئ عينيه يؤيد مذهب الإمام، فإن إيتان الحد لو كان على حقيقته لما سقط عن الرجل بتأخره عن الثقب الذي أطلع منه، بل فقأ عينه بالخروج
(1) لعله أشار إلى أنه يحتمل أن يكون من الغيرة بمعنى الدية، ثم اختلفت نقلة المذاهب من الشراح وغيرهم في بيان مسالك الأئمة في ذلك، ولعل ذلك مبني على اختلاف الروايات عنهم، وما يظهر من كلام أكثرهم أن دمه هدر عند الإمام الشافعي في أصح قوليه والإمام أحمد، لا عند المالكية والحنفية، قال القاري: قال ابن الملك عمل به الشافعي وأسقط عنه ضمان العين، قيل: هذا بعد أن زجره فلم ينزجر، وأصح قوليه أنه لا ضمان مطلقًا لإطلاق الحديث، انتهى. وحكى الشيخ في البذل عن الحافظ وغيره مذهب المالكية القصاص، لكن ما في الشرح الكبير للدردير القصاص في العمد والدية في الخطأ، إذ قال: نظر من كوة أو غيرها، فقصد عينه أي رميها بحجر ونحوها ففقأها ضمن يعني اقتص منه على المعتمد، وإن لا يقصد بالرمي عينه بل زجره، فلا ضمان بمعنى لاقود، فلا ينافي أن عليه الدية، انتهى. وقال الشلبي في هامش الزيلعي: من نظر في بيت إنسان من ثقب أو شق باب أو نحوه، فطعنه صاحب الدار بخشبة أو رماه بحصاة فقلع عينه يضمنها عندنا، وعند الشافعي وأحمد لا يضمنها لروايات الباب، ولنا قوله صلى الله عليه وسلم: في العين نصف الدية، وهو عام، ولأن مجرد النظر لا يبيح الجناية عليه كما لو نظر من الباب المفتوح، وكما لو دخل في بيته ونظر فيه ونال من امرأته ما دون الفرج لم يجز قلع عينه، انتهى. وكذا قال ابن عابدين، وزاد: ولأن قوله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم الحديث يقتضي عدم سقوط عصمته، والمراد بما روى أبو هريرة المبالغة في الزجر عن ذلك، انتهى. وفي الدر المختار عن القنية: نظر في باب رجل ففقأ الرجل عينه لا يضمن إن لم يمكن تنحيته من غير فقئها، وإن أمكنه ضمن، وقال الشافعي: لا يضمن فيهما، ولو أدخل رأسه فرماه بحجر ففقأها لا يضمن إجماعًا، وإنما الخلاف فيمن نظر من خارجها، انتهى. وجمع ابن عابدين بين ما وقع من الاختلاف في قوليهم، كما لو دخل في بيته ونظر إلخ، ولو أدخل رأسه فرماه إلخ، بأن حمل الثاني على ما إذا لم يمكن تنحيته بغير ذلك، والأول على ما إذا أمكن.
عن البيت، فإن الزاني وكذا غيره من مرتكبي الحدود إذا أقلعوا من فعلتهم،
وفرغوا، أفيسقط الحد بذلك الإقلاع، فكذا كان هذا، فعلم أنه تقريع وتوبيخ، نعم قد حدثت بألفاظ الحديث شبهة توجب درء القصاص.
قوله [ضع القلم على أذنك] أي إذا (1) فرغت من كتابة وتريد أخرى فضعه موضع الأرض على أذنك لكونه مشتركًا في الاسم (2) بالقلم الذي كتب كل شيء فإنه يسمعك (3) مضامين تنتفع بها.
(1) يعني لما كان للقلم اشتراك اسمي بالقلم الذي كتب مقادير كل شيء وللأسماء أثر في المسميات غالبًا كما سيأتي، فكان لكل قلم أثرًا في وسعة المعلومات، والأذن محل للاستماع، فوضع القلم على الأذن مفيد في وسعة المعلومات، وهذا ألطف مما سيأتي من كلام الشراح.
(2)
وطالما يكون للأسماء أثر في المسميات، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير الاسم القبيح، وروى عن سعيد بن المسيب أن جده حزنًا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما اسمك؟ قال: اسمي حزن، قال: بل أنت سهل، قال: ما أنا بمغير اسمًا سمانيه أبي، قال ابن المسيب: فما زالت فينا الحزونة بعد، انتهى.
(3)
وقال القاري: وقيل السر في ذلك أن القلم أحد اللسانين المترجمين عما في القلب من الكلام وفنون العبارات، فتارة يترجم عنه اللسان اللحمي المعبر عنه بالقول، وتارة يعبر عنه بالقلم وهو المسمى بالكتابة، وكل واحد من اللسانين يسمع ما يريد من القول وفنون الكلام من القلب، ومحل الاستماع الأذن، فاللسان موضوع دائمًا على محل الاستماع والقلم منفصل عنه خارج عن محل الاستماع، فيحتاج في الاستماع إلى القرب من محل الاستماع والدنو إلى طريقه ليسمع من القلب ما يريده من العبارات وفنون الكلام، وحاصله أن القرب الصوري له محل تأثير من المقصود المعنوي، انتهى. ولا يذهب عليك أن لفظ الحديث على النسخ التي بأيدينا: فإنه أذكر للمملى، وفي المشكاة عن الترمذي: فإنه أذكر للمآل، وبسط عليه الكلام القاري فارجع إليه لو شئت.