الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب المرأ مع من أحب
(1)] قوله [وله ما اكتسب] دفع لما عسى أن يتوهم من (2) تساويهما في الدرجة.
[باب في البر والإثم]
قوله [البر حسن الخلق] وقد بينا لك (3) أنه معاملة العبد بالخالق والخلق حسب ما يرضى به الخالق، واستقراء البر بهذا المعنى
(1) قال الحافظ: قد جمع أبو نعيم طرق هذا الحديث في جزء سماه كتاب المحبين مع المحبوبين، وبلغ عدد الصحابة فيه نحو العشرين، وفي رواية أكثرهم بهذا اللفظ، انتهى. قال القاري: فيه ترغيب وترهيب، وعد ووعيد، والمعنى يحشر مع محبوبه ويكون رفيقًا لمطلوبه، وظاهر الحديث العموم الشامل للصالح والطالح، ويؤيده حديث أبي هريرة مرفوعًا: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل، رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما. قال الغزالي: مجالسة الحريص تحرك الحرص، ومجالسة الزاهد تزهد في الدنيا، لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء، بل الطبع يسرق من الطبع بحيث لا يدري، انتهى.
(2)
وبذلك جزم الحافظ في الفتح إذ قال: أي ملحق بهم حتى تكون من زمرتهم، وبهذا يندفع إيراد أن منازلهم متفاوتة فكيف تصح المعينة، فيقال: إن المعية تحصل بمجرد الاجتماع في شيء ما، ولا يلزم في جميع الأشياء انتهى.
(3)
أي في كتاب البر وصلة، وتقدم في الأول كتاب البر في حاشيتنا هذه كلام القاري مفصلاً في معنى البر وحسن الخلق فارجع إليه.
وشموله لمواقع البر وأفراده ظاهر، وقوله [والإثم ما حاك إلخ] فظاهر (1) أن المؤمن بحسب إيمانه يستحي عن إتيان الذنب ويحيك ذلك في قلبه، وأما إذا لم يبال بالآثام والذنوب فإما لعدم علمه بكونه ذنبًا، وحينئذ فليس ذلك بمؤاخذ عليه، أو لنقصان إيمانه فكان المراد بقوله: ما حاك في قلبك أن يحيك في قلب المؤمن، فإن المخاطب بهذا الخطاب إنما كان صحابيًا جليل القدر كامل الإيمان، ولا معتبر بقلب من لم يكمل إيمانه.
(1) وتوضيح ذلك أن للحديث محملين جمعهما الشيخ في كلامه، الأول أن المراد منه المؤمن الكامل المتنور بنور الفراسة كما هو يقتضي المحل الوارد فيه الحديث، فإنه صحابي جليل القدر، فالمعنى الإثم ما تردد في الصدر بأن لم تشرح له النفس، وحل في القلب منه الشك ولم يطمئن إليه، قال التوربشتي: يريد أن الإثم ما كان في القلب منه شيء فلا ينشرح له الصدر، والأقرب أن ذلك أمر يتهيأ لمن شرح صدره للإسلام فهو على نور من ربه، دون عموم المؤمنين، كذا في المرقاة، قلت: وهو الذي ورد في حقه برواية أبي هريرة مرفوعًا عند البخاري: لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، الحديث. فالرجل الذي يكون الله عز اسمه عونه وسمعه وبصره فلابد أن يحيك في صدره ما لا يرضى منه الرب، ويكون الحديث في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: استفت قلبك، وفي معنى قوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله، كما في المقاصد الحسنة برواية الترمذي وغيره، والثاني أن المراد منه المؤمن مطلقًا وإن لم يبلغ إلى الدرجة العليا، فالمعنى أن مقتضى الإيمان أن يحيك في صدره الذنب، وإن لم يحك في صدره فهو نقص في إيمانه إلا يكون سببه الجهل، فيكون الحديث في معنى قوله صلى الله عليه وسلم، دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وفي معنى قوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه.