الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاشتداد (1). ثم صار الأمر واسعًا غير أن المسكر حرام أيًا ما كان.
[باب في كراهية الشرب في آنية الذهب والفضة
. قوله [فأتاه إنسان بإناء من فضة] هذا (2) الإنسان كان ذميًا ولذلك لم يكسر (3) حذيفة إناءه، أو يكون
(1) قال النووي: ذهب أصحابنا وغيرهم من العلماء إلى أن سبب النهي عن الخليط أن الاسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يشتد فيظن الشارب أنه لم يبلغ حد الاسكار ويكون قد بلغه، قال ومذهب الجمهور أن النهي في ذلك للتنزيه وإنما يمتنع إذا صار مسكرًا، ولا تخفي علامته وقال بعض المالكية هو للتحريم إلى آخر ما بسطه.
(2)
وفي رواية للبخاري فأتاه دهقان بقدح فضته قال الحافظ: هو كبير القرية بالفارسية، ووقع في رواية لأحمد: استسقى حذيفة من دهقان أو علج، وفي الأطعمة للبخاري: فاستسقى فسقاه مجوسي، قال الحافظ: ولم أقف على اسمه بعد البحث، وقال أيضًا: في هذه الأحاديث تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة على كل مكلف رجلاً كان أو امرأة، ولا يلتحق ذلك بالحلي للنساء لأنه ليس من التزين، قال القرطبي: يلتحق بالأكل والشرب ما في معناهما من التطيب والتكحل وسائر وجوه الاستعمالات، وبهذا قال الجمهور، وأغربت طائفة شذت فأباحت ذلك مطلقًا، ومنهم من قصر التحريم على الأكل والشرب، ومنهم من قصره على الشرب فقط.
(3)
وهذا بعد ثبوت أنه لم يكسره وهو الظاهر من كونه علجًا كما نقدم، لكن رواية الإسماعيلي التي ذكرها الحافظ مشعرة بأنه كسره فلفظها: فرماه به فكسره، وفيها أيضًا: لم أكسره إلا أني نهيته الحديث فتأمل.
الإناء للذمي وإن كان الآتي به مسلمًا، وكان قوله إني كنت نهبته إلخ، دفعًا لما يتوهم من أنه كيف يتبادر إلى ضربه ولم ينهه بلسانه، وفيه دلالة على جواز التأديب باليد إذا لم يتأدب بتأديب اللسان.
قوله [نهى أن يشرب الرجل قائمًا] وذلك (1) لما فيه من سرعة النفاذ للورود من أعلاه دفعة فيضر المعدة، وأما قوله في الجواب عن الأكل:(2) وذاك أشد، فقياس صحيح فإن ما ذكر من الوجه وإن لم يوجد في الأكل لكنهما يشتركان في وجوه آخر من كثرة مقدار المأكول والمشروب لاتساع البطن وإهانة الطعام إلى غير ذلك، ولكن النهي في هذين لما لم يكن شرعيًا وإنما هو لحفظ صحته الحاصلة لا يكون آثمًا بارتكاب ما ذكر، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وتقريره سيجيئ بعد هذا.
قوله [ضالة المسلم حرق النار] ويدخل في المسلم الذمي لقوله صلى الله عليه وسلم: بذلوا الجزية ليكون أموالهم كأموالنا، ثم الظاهر أن المؤلف أورد هذه الرواية ههنا ليثبت بذلك أن قتادة كثيرًا ما يروى عن أبي مسلم بواسطة الآخرين، فلا يتوهم بذلك أنه روى هذه الرواية، رواية النهي عن الشرب قائمًا بواسطة، ووجه عدم التوهم قوله: هكذا روى غير واحد إلخ، فإذا اتفقت الرواة على ترك الواسطة في هذا السند كان
(1) اختلفوا في وجوه النهي عن الشرب قائمًا على أقوال بسطت في الفتح وغيره، واختلف أيضًا في الجمع بينه وبين ما ورد من شربه صلى الله عليه وسلم قائمًا، وقيل: النهي منسوخ، وقيل: محمول على النهي طبًا أو تنزهًا، وغير ذلك.
(2)
قال الحافظ في الفتح قيل: إنما جعل الأكل أشد لطول زمنه بالنسبة لزمن الشرب فهذا ما ورد في المنع من ذلك، وحكى عن المارزي أنه قال: لا خلاف في جواز الأكل قائمًا، وقال ابن عابدين: إن النهي طي.
الظاهر منه عدم الواسطة، ولا يبعد أن يكون إيراد رواية ضالة المسلم إشارة إلى أن قتادة لما كان مدلسًا وقد ثبت بينه وبين أبي مسلم واسطة ولو في غير هذا الحديث كان الاتصال في رواية النهي غير متبقين به أيضًا. فلعله دلس وترك ذكره، والله أعلم.
قوله [كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الل عليه وسلم ونحن نمشي] ثم كونه مسقطًا (1) للعدالة إذا كان في الأسواق وأمثالها لا ينافي كونه مما ارتكبه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك لما كان أمارة على قلة المروءة كان الظاهر من حاله أن لا يبالي بالكذب في أخباره، ولم يكن هذا في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما لهم من قدم في امتثال الأوامر واجتناب النواهي ثابتة فلا يقاس عليهم غيرهم، مع أنه ليس فيه تصريح بأنهم كانوا يرتكبون ذلك في الأسواق وهو المضر لا مطلق الأكل ماشيًا ولو في بيته، على أن الحاكم لو قبل شهادة مثل هذا الرجل لعلمه بحاله أنه لا يكذب وإن كان يأكل وهو يمشي في الأسواق لم يرتكب بأسًا، فليس ذلك مما يخالفه لاندفاع هذا الظاهر بعلمه.
قوله [شرب من زمزم وهو قائم] لأن النهي عنه كان لما فيه من مظنة الضرر والتحرز عن الإكثار، وكلاهما منتفيان فإنه نفع خالص وبركة محضة والإكثار منه مقصود فلا يكون منها، ثم الظاهر من ملاحظة الروايات أنه صلى الله عليه وسلم شرب ماء زمزم وهو واقف على بعيره فلم يكن فيه الشرب قائمًا، ولعل بعض الرواة فهم من لفظة الوقوف الدابة (2) فاشتبه المعنى فعبره بذلك لكونه رواية بحسب المعنى في زعمه،
(1) فقد قال ابن نجيم وتبعه ابن عابدين وغيره في بيان مسقطات الشهادة: المراد بالأكل على الطريق أن يكون بمرأى من الناس، زاد ابن عابدين: أما إذا شرب الماء أو أكل الفواكه على الطريق لا يقدح في عدالته لأن الناس لا تسقبح ذلك.
(2)
فيه سقوط حرف من الناقل والمراد ظاهر.