الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الآيات في رجل كونه منافقًا، بل اللازم بذلك اتصافه بصفات المنافقين.
قوله [أربع من كن فيه كان منافقًا] أي بحسب العلامات وظاهرًا، أو مشابهًا بهم في الخصال، أو منافقًا نفاق العمل كما سيجيء.
قوله [نفاق العمل] مقابل لنفاق الاعتقاد فالأول ترك العمل باقتضاء الإسلام، والثاني ترك الاعتقاد بما يجب أن يعتقد.
[باب سباب المسلم فسوق]
قوله [قتال المسلم أخاه كفر إلخ] إن كان مستحلاً فكلاهما (1) كفر، وإن لم يكن مستحلاً فليس شيء منهما كفرًا، وإنما هما يدخلان في الفسوق، والجواب أنه صلى الله عليه وسلم (2) عبر عن القتال بالكفر لكونه أعظم الكبائر، فكأنه إذا قتل
(1) أي القتال والسباب كل منهما كفر على الاستحلال، وبذلك جزم الحافظان ابن حجر والعيني، وسيأتي في كلام الحافظ ابن حجر.
(2)
قال الحافظ: ظاهره يقوي مذهب الخوارج الذين يكفرون بالمعاصي، فالجواب أن المبالغة في الرد على المبتدع اقتضت ذلك ولا متمسك للخوارج فيه لأن ظاهره غير مراد، لكن لما كان القتال أشد من السباب لأنه مفض إلى إزهاق الروح عبر عنه بلفظ أشد من لفظ الفسق وهو الكفر، ولم يرد حقيقة الكفر التي هي الخروج عن الملة، بل أطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير معتمدًا على ما تقرر من القواعد أن مثل ذلك لا يخرج عن الملة، أو أطلق عليه الكفر لشبهه به لأن قتال المؤمن من شأن الكافر، وقيل: المراد هاهنا الكفر اللغوي وهو التغطية، لأن حق المسلم أن يعينه وينصره ويكف عنه أذاه، فلما قاتله كأنه غطى على هذا الحق، وقيل: أراد بقوله كفر، أي قد يؤل هذا الفعل بشومه إلى الكفر وهذا بعيد، وأبعد منه حمله على المستحل لذلك لأنه لو كان مرادًا لم يحصل التفريق بين السباب والقتال، فإن مستحل لعن المسلم بغير تأويل يكفر أيضًا، ثم ذلك محمول على من فعله بغير تأويل، وقال العيني: فإن قلت: السباب والقتال كلاهما على السواء في أن فاعلهما يفسق ولا يكفر، فلم قال في الأول فسوق وفي الثاني كفر؟ قلنا: لأن الثاني أغلظ، أو لأنه بأخلاق الكفر أشبه، انتهى.
المسلم فقد كفر، بخلاف السباب فإنه ليس بتلك المثابة، فليس البيان إلا لقتال الغير المستحل وسبابه، قوله [فقد باء به أحدهما] أي بذنب (1) ذلك الكلام ووباله.
(1) يعني إن صدق القائل فيرجع إلى المقول له، وإن كذب يرجع إلى القائل، قال النووي: هذا الحديث مما عده بعض العلماء من المشكلات من حيث أن ظاهره غير مراد، وذلك مذهب أهل الحق أنه لا يكفر المسلم بالمعاصي كالقتل والزنا، وقوله لأخيه كافر من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام، وإذا تقرر ما ذكرنا فقيل: في تأويل الحديث أوجه: أحدها أنه محمول على المستحل، فعلى هذا معنى باء بها أي رجع عليه الكفر، وثانيها أن معناه رجعت عليه نقصيته ومعصية تكفيره، وثالثها أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين، وهذا ضعيف لأن المذهب الصحيح أنهم كسائر أهل البدع لا تكفر. قال القاري: هذا في حق غير الرافضة الخارجة في زماننا فإنهم يعتقدون كفر أكثر الصحابة فضلاً عن سائر أهل السنة والجماعة، فهم كفرة بالإجماع، قال: وخامسها فقد رجع إليه تكفيره وليس الراجع حقيقة الكفر، انتهى.