الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإني لم أدركها بل لكثرة ذكر إلخ. قوله [فيتتبع بها صدائق خديجة رضي الله عنها] ولا يخفي ما فيه من الدلالة على كثرة محبته لها فإن كثرة المحبة بأحد يبعث على محبة أصدقائه ومتعلقيه، ثم إن وفاء هذا الحب وتعاهد مقتضاه بعد وفاة خديجة رضي الله عنها هو المراد بحسن العهد في الترجمة، وهذا كما سلف أن أبر البر أن تصل أهل ود أبيك.
[باب ما جاء في اللعن والطعن]
قوله [لا ينبغي للمؤمن] فيه دلالة على أن المراد بالمؤمن في قوله: لا يكون المؤمن لعانًا (1) هو الكامل لا أن الإيمان سلب باللعنة.
[باب ما جاء في كثرة الغضب]
قوله [لا تغضب] ولعله علم كثرة (2) غضب السائل، ثم رده عليه ذلك مع تكراره في السؤال لما رأى من احتياج السائل إلى ترك الغضب فأعاده في الجواب، وأما تكرار السائل السؤال فيتحمل أن يكون لما عظم عليه ترك الغضب وشق، فأراد أن ينتقل أمره صلى الله عليه وسلم إلى غيره
(1) وقال النووي في حديث لا يكون اللعانون شهداء بصيغة التكثير ولم يقل لاعنًا واللاعنين لأن هذا الذم في الحديث إنما هو لمن كثر منه اللعن لا لمرة ونحوها، ولأنه يخرج منه أيضًا اللعن المباح، وهو الذي ورد الشرع به وهو لعنة الله على الظالمين، لعن الله اليهود والنصارى، لعن الله الواصلة والواشمة وشارب الخمر، إلى آخر ما قاله.
(2)
قال النووي: إن الغضب من نزغات الشيطان، ولذا يخرج به الإنسان عن اعتدال حاله ويتكلم بالباطل، ويفعل المذموم، وينوي الحقد والبغض، وغير ذلك من القبائح المترتبة على الغضب، ولذا لم يزده في الوصية على ((لا تغضب)) مع تكراره والطلب، وهذا دليل ظاهر في عظم مفسدة الغضب، وما ينشأ منه، انتهى مختصرًا.
ويحتمل أن يكون السؤال (1) لتقليله ترك الغضب فأراد أن يزيد عليه الصلاة والسلام على ذلك لكنه عليه السلام لما يزده لما رأى له في ذلك كفاية، ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان حكيم أمته قائد الخلق بزمته (2) فكان يأمر كلا منهم ما رآه يناسبه لأنه كان يعلم أنه إذا أتى بهذا فقد أتى بكل ما يجب الإتيان به، وإذا ترك هذا فقد ترك كل ما يجب الانتهاء عنه، ويوضحه أن (3) رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكى إليه عدة ذنوب مما كان قد ابتلى به من الزنا والسرقة، وشرب الخمر والقمار والكذب وأظهر أنه لا يتيسر له أن يترك كلاً منها بأسرها، نعم له قدرة على ترك واحد منها أيها أمرت فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك الكذب مع أن سائر المعاصي كانت كبائر إلا أنه أمره بترك الكذب لما رآه يؤدي إلى الانتهاء عن سائرها فعاهد أن لا يكذب بعد ذلك، ومعنى بسبيله فلم يتيسر له شرب الخمر ولا الزناء والسرقة والمقامرة خوفًا من أن يسأله النبي صلى الله عليه وسلم ولا يمكنه التفصي الكذب فيصدق ويحد
(1) يعني كان كثرة السؤال، لظن السائل ترك الغضب قليلاً في حقه، فأراد أن يزيد النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه لكنه صلى الله عليه وسلم رآه كافيًا في حقه، أو ظن السائل أنه عليه الصلاة اكتفى على هذا الشيء اليسير لسؤاله، ولا تكثر علي فأراد أن يظهر أنه لم يرد بالقلة هذا المقدار اليسير ونبه النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس بيسير باعتبار المآل.
(2)
كذا في المنقول عنه، والظاهر أن النقطة من تصحيف الناسخ، والصواب الراء المهملة، قال المجد: الرمة بالضم قطعة من حبل، وقبل: لكل من دفع شيئًا بجملته أعطه برمته، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم قائد الخلق كافة.
(3)
هكذا ذكر القصة مفصلاً، شيخ مشايخنا الشاه عبد العزيز الدهلوي في تفسيره في سورة ن والقلم، وفي المقاصد الحسنة عن البزار وأبي يعلى عن سعد بن أبي وقاص رفعه، يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب.