الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليس له الأمتعة من الأربعة الآتين ذكرهم داخل فيهم لحبه (1) الأمتعة عنده.
قوله [ثلاث أقسم عليهن] إنما أقسم عليها لاستبعاد الطبائع إياها.
قوله [ما نقص مال عبد] أي ثوابه وبركته (2)، فإن المقصود من المال اكتساب منافع آخرته أو تنفيذ حوائجه الدنيوية، وهما لا ينقصان بإنفاقه في سبيل الله، ولا مانع عن الحمل على الحقيقة فإن المال إذا أنفق في سبيل الله فإن الله يخلفه ولو بعد زمان.
قوله
[باب فقر]
أي ذل واحتياج بحسب قلبه، أو بحسب (3) الظاهر أيضًا.
(1) أي لحبه وجود الأمتعة عنده.
(2)
قال القارئ: لأنها مخلوقة معوضة كمية أو كيفية في الدار الدنيوية أو الأخروية، قال تعالى عز امسه {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} وفي المشكاة برواية الشيخين عن أبي هريرة مرفوعًا: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا، وبروايتهما عنه أيضًا مرفوعًا: قال الله تعالى أنفق يا ابن آدم أنفق عليك، وغير ذلك من الروايات في الباب المؤيدة حملها على الحقيقة.
(3)
قال القارئ: أي باب احتياج آخر بأن سلب عنه ما عنده من النعمة فيقع في نهاية من النقمة، وفي المشكاة برواية أبي داؤد والترمذي عن ابن مسعود مرفوعًا: من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن أنزلها بالله أوشك الله بالغنى، إما بموت عاجل، أو غنى آجل، قال القارئ: قوله بموت عاجل أي بموت قريب له فيرثه، فقد قال تعالى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} انتهى، قلت: أو بموت أجنبي يوصي له في ماله، ولفظ الترمذي الآتي قريبًا: يرزق عاجل أو آجل، ليس فيه ذكر الموت.
قوله [صادق النية] أي ليست نيته بحسب لسانه فقط، بل النية له في الانفاق راسخة صادقة.
قوله [فأجرهما سواء] أي نية، وأما ثواب العمل فله مزية، والأسوة (1) بحسب ثواب النية فحسب، وكذلك في الآتي من الوزر فإن وزر النية لهما سواء، وإن كان كيفية وزر العامل زائدة على وزن الناوي.
[باب (2) في هم الدنيا] قوله [وأجدني اليوم قد جمعت] وكانت عنده دراهم ستة عشر (3) مثلها.
(1) هكذا في المنقول عنه، والظاهر أنه تصحيف من الناسخ، والصواب السوية، وإنما احتاج الشيخ إلى هذا التوجيه لما هو مقتضى القواعد أن المباشر فوق الناوي في الأمرين، مع أن المباشر له شيئان النية والمباشرة، والنادي له شيء واحد فقط وهو النية، فقد حكى السيوطي في الدر عن أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وغيرهم، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز اسمه: من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشر إلى سبعمائة أضعاف، الحديث، قال القارئ قال ابن الملك: هذا الحديث لا ينافي حديث إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به، لأنه عمل ههنا بالقول اللساني، والمتجاوز عنه هو القول النفساني، انتهى. والمعتمد ما قاله العلماء المحققون أن هذا إذا لم يوطن نفسه ولم يستقر قلبه بفعلها، فإن عزم واستقر يكتب معصية، انتهى. قلت: فإن عمل بهذه النية السيئة يكتب أيضًا سيئة واحدة، كما صرح بها النصوص، لكن تفارق معصية النية معصية العمل في الكيفية، وإن كانتا واحدة باعتبار الكمية كما هو مقتضى القواعد.
(2)
تقدم الكلام على أول الحديث قريبًا في الحاشية.
(3)
هكذا في المنقول عنه، والظاهر سقوط، قال ابن الأثير في أسد الغابة: وكان من زهاد الصحابة، وأخرج ابن ماجة عن أنس قال: اشتكى سلمان فعاده سعد فرأه يبكي فقال له سعد: ما يبكيك يا أخي! أليس قد صحبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أليس؟ قال سلمان: ما أبكى واحدة من اثنتين، ما أبكى ضننا للدنيا، ولا كراهية للآخرة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدًا فما أراني إلا قد تعديت، قال: وما عهد إليك؟ قال: عهد إلي أنه يكفي أحدكم مثل زاد المراكب، ولا أراني إلا قد تعديت، قال ثابت: فبلغني أنه ما ترك إلا بضعة وعشرين درهمًا من نفقته كانت عنده، انتهى.