الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في ذهاب البصر]
قوله [إذا أخذت كريمتي عبدي إلخ] أي وصبر عليه كما بينه في الحديث الآتي. قوله [يلبسون للناس جلود الضأن] هذا على ظاهره فإن جلود الضأن كانت البتة لأمثال هؤلاء، وما قاله المحشى (1) صحيح أيضًا.
[باب في حفظ اللسان]
قوله [ما النجاة؟ (2)] لما علم من حال السائل إيمانه وإتيانه بالأركان لم يتعرض لذلك وبين أن الكف عن المعاصي ملاك الأمر وجل القضية، ولما كانت المعاصي أكثرها باللسان خصصها بالذكر أولاً، ثم بين أن مخالطة الناس تدعو إلى ارتكاب ما ينافي النجاة فمنعه، ثم عقب كل ذلك بالاستغفار ليمحي ما بدر من الخطايا والسيئات. قوله [فرأى أم الدرداء متبذلة] وكان ذلك قبل (3) نزول الحجاب.
(1) ولفظه: لبس جلود الضأن كناية عن إظهار اللين مع الناس، انتهى. وقال القاري: المراد به عينه أو ما غلبه من الصوف وهو الأظهر، فالمعنى أنهم يلبسون الأصواب ليظنهم الناس زهادًا وعبادًا تاركين الدنيا راغبين في العقبى (من اللين) أي من أجل التلين والتلطف والتمسكن والتقشف مع الناس، وأرادوا به في حقيقة الأمر التملق والتواضع ليصيروا مريدين لهم ومعتقدين لأحوالهم، انتهى.
(2)
أي ما الخلاص عن الآفات؟ قال الطيبي: والجواب على أسلوب الحكيم، سئل عن حقيقة النجاة. فأجاب ع سببه، لأنه أهم بحاله وأولى، وكان الظاهر أن يقول: حفظ اللسان، فأخرجه على سبيل الأمر الذي يقتضي الوجوب مزيدًا للتقرير والاهتمام، قال القاري: فيه تكلف بل تعسف في حق الصحابي، بل الأولى في التقدير: ما سبب النجاة؟ بقرينة الجواب، انتهى مختصرًا.
(3)
ولا مانع من ذلك، وأيضًا فابتذال الحال يعرف بعد الحجاب الشرعي أيضًا كما لا يخفى.
[باب (1) في شأن الحساب والقصاص] قوله [ليس بينه وبينه ترجمان] تنبيه على شدة الأمر وهوله. قوله [فتستقبله النار] أي لشدة (2) الأمر وبأسه لما لم ير من أعماله الحسنة ما يعتد به لا يرى له إلا النار، فإن النظر لا يقع إلا على ما يخاف منه، وإن كان الجنة والنار والعرش كل هذه الثلاثة بجهة هي أمامه لا النار فقط، ولا يبعد أن يقال: معنى فتستقبله النار أن النار تتوجه إليه وتأخذه، لا أنها ترى في جهة مقابلة له حتى يحتاج إلى التكلف في الجواب. قوله [من كان ههنا من (3) أهل خراسان إلخ] فإن الجهمية مع إنكارهم ما أنكروه كانوا يسلمون الروايات والآيات إلا أنهم كانوا يأولونها.
(1) هكذا الترجمة في النسخ الهندية التي بأيدينا، وذكر في النسخة المصرية محلها «باب في القيامة» وذكر قبلها «أبواب صفة القيامة والرقائق والورع» وذكر «باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص» بعد أربعة أحاديث على حديث قتيبة عن عبد العزيز بسنده عن أبي هريرة رفعه: أتدرون من المفلس، فتأمل.
(2)
قال ابن هريرة: نظر اليمين والشمال هاهنا كالمثل، لأن الإنسان من شأنه إذا دهمه أمر أن يلتفت يمينًا وشمالاً يطلب الغوث، قال الحافظ يحتمل أن يكون سبب الالتفات أنه يترجى أن يجد طريقًا يذهب فيها ليحصل له النجاة من النار، فلا يرى إلا ما يفضي به إلى النار، كما وقع في رواية محل بن خليفة، وقوله تستقبله النار، قال ابن هبيرة: والسبب في ذلك أن تكون في ممره فلا يمكنه أن يحيد عنها، إذ لابد من المرور على الصراط، انتهى.
(3)
خصهم بالذكر لأن خراسان كان محل نزول جهم بن صفوان الضال المبتدع رأس الجهمية، قال الحافظ في اللسان: إنه كان يقضي في عسكر الحارث ابن سريج الخارج على أمراء خراسان، وقال في الفتح: إن الحارث بن سريج خرج على نصر بن سيار عامل خراسان لبني أمية وحاربه، والحارث حينئذ يدعوا إلى العمل بالكتاب والسنة، وكان جهم حينئذ كاتبه. ثم تراسلا في الصلح، وتراضيا بحكم مقاتل بن حيان والجهم، فاتفقا على أن الأمر يكون شورى حتى يتراضى أهل خراسان على أمير يحكم بينهم بالعدل، فلم يقبل نصر ذلك واستمر على محاربة الحارث إلى أن قتل الحارث في خلافة مروان الحمار، فيقال: إن الجهم قتل في المعركة، ويقال: بل أسر فأمر نصر بن سيار سلم بن أحوز بقتله، فأدعى جهم الأمان، فقال له سلم: لو كنت في بطني لشققته حتى أقتلك فقتله.
قوله [أتدرون من المفلس إلخ] المفلس الدنياوي إما من لم يكن له شيء من أول الأمر، أو كان غنيًا ثم افتقر، فالثاني يستضر بإفلاسه ما لا يستضر بالأول، وكذلك مفاليس الآخرة، فالذي كان اكتسب من كل أنواع العبادات، ثم افتقر ولم يبق له شيء أشد حسرة من الذي لم يكتسب وأتى خالي اليد، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أعلى قسمي المفاليس في الإفلاس.
قوله [يقومون (1) في الرشح إلى أنصاف آذانهم] بيان لإحدى مراتب العرق تنبيهًا (2) على أن القيام المذكور في الآية هو هذا القيام المشار إليه في
(1) قال القاري: أي الناس جميعًا والجن أولى، فتركه من باب الاكتفاء، والظاهر استثناء الأنبياء والأولياء، قال ابن الملك: فإن قلت إذا كان العرق كالبحر يلجم البعض فكيف يصل إلى كعب الآخر؟ قلنا: يجوز أن يخلق الله تعالى ارتفاعًا في الأرض تحت أقدام البعض، أو يقال: يمسك الله تعالى عرق كل إنسان بحسب عمله، فلا يصل إلى غيره منه شيء، كما أمسك جرية البحر لموسى عليه السلام، قال القاري: المعتمد هو القول الأخير، فإن أمر الآخرة كله على خرق العادة، أما ترى أن شخصين في قبر وحد يعذب أحدهما، وينعم الآخر، ونظيره في الدنيا نائمان مختلفان في رؤياهما يحزن أحدهما ويفرح الآخر، انتهى.
(2)
يعني ليس المراد من ذكر هذا الحديث أن القيام في الآية منحصر في هذا النوع الذي عرفه إلى الآذان، بل المراد من ذكر الحديث أن تفسير الآية هو قيام المحشر، وذكر أحد أنواع القائمين، وأحوال البقية معلومة بالروايات الأخر، والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما، وسيأتي شيء من الكلام في ذلك في تفسير سورة ويل للمطففين فإن المصنف أعاد الحديث فيه.