الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في من يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله]
قوله [مهلاً لم تبكي] ترد عليهم حين الموت وغيره أحوال، فمنهم من مضى وهو في حال الخشية كعمر، ومنهم من انقضى وهو في حال الرجاء كهذا الصحابي فإنه لما علم ألمه على فراق أستاذه سلاه بأن وعد له بما يفيده في عقباه لينجبر بذلك باله، ولعله يستقل بذلك السرور الأخروي بلباله. قوله [فيخرج بطاقة] الظاهر (1) أن هذا الرجل كان مسلمًا ولم يعمل في عمره حسنة قط، ومات على غير توبة، وما قالوا أنه كان كافرًا فأسلم فيرده عرض السجلات مع أن الإيمان يمحو ما كان في الكفر، وكذلك ما قالوا أنه كلمة قالها عند الموت يرده (2) أنه لا حسنة عنده مع أنه لو كان كذلك لكان له كلمة أخرى التي آمن بقولها.
[باب افتراق هذه الأمة]
قوله [وتفترق أمتي (3) على ثلاث وسبعين
(1) قال القاري: يحتمل أن الكلمة هي أول ما نطق بها، ويحتمل أن تكون غير تلك المرة مما وقعت مقبولة عند الحضرة وهو الأظهر، ثم يحتمل أن تكون البطاقة وحدها غلبت السجلات، وهو الظاهر المتبادر، ويحتمل أن تكون مع سائر أعماله الصالحة لكن الغلبة ما حصلت إلا ببركة هذه البطاقة.
(2)
قلت: لكنه موقوف على نفي الحسنة والحديث ساكت عنه، ويحتمل على ما تقدم عن القاري أن تكون الأعمال الباقية غير مقبولة غير الكلمة فإنها كانت في غاية من الإخلاص والقبول.
(3)
قيل: يحتمل أمة الدعوة، فيندرج سائر المال الذين ليسوا على قبلتنا في عدد الثلاث والسبعين، ويحتمل أمة الإجابة، فيكون الملل الثلاثة والسجون منحصرة في أهل قبلتنا، والثاني هو الأظهر. ونقل الأبهري أن المراد أمة الإجابة عند الأكثر، هكذا في المرقاة، وقال الشيخ في البذل: المراد من هذا التفرق التفرق المذموم الواقع في أصول الدني، وأما اختلاف الأئمة في الفروع فليس بمذموم، بل هو من رحمة الله سبحانه، فإنك ترى أن الفرق المختلفة في الفروع كلها متحدة في الأصول، ولا يضلل بعضهم بعضًا، وأما المفترقون في الأصول فيكفر بعضهم بعضًا، وأما المفترقون في الأصول فيكفر بعضهم بعضًا، وأما العدد فيحمل على التكثير، ولو نظر إلى جميعها من الأصول والفروع فإنها تزيد على المآت، وأما لو نظر إلى أصول الفرق فيمكن أن يكون للتحديد، فإن الفرق المختلفة وإن تشعبت شعبهم ما يزيد على هذا القدر بكثير، ولكن أصولهم يبلغون هذا العدد، والأولى أن يقال: إن هذا العدد لابد أن يوفي ويبلغ بهذا المقدار، ولا ينقص منه، لكن لو زاد على هذا العدد فلا مضائقة فيه، انتهى.
فرقة] الاثنان منهم بسبعين توافق اليهود حذو النعل بالنعل فوجب ضلالهم تتميمًا للمطابقة، وبقيت فرقة غير مطابقة لها وهي الناجية، ولذلك زادت على تلك بواحد.
قوله [إن الله تبارك وتعالى خلق خلقه في ظلمة إلخ](1)
(1) بياض في الأصل بعد ذلك، وحاصل ما في الإرشاد الرضى أن تركيب الثقلين من القوتين: البهيمية والملكية، فتؤدي الأولى إلى الكفر والضلال والأخلاق الرذيلة، وترشد الثانية إلى الإيمان والهداية والأخلاق الفاضلة، فمعنى إلقاء النور تغليب القوة الملكية، فمن غلبت عليه هذه القوة اهتدى، ومن لا فلا، ولا ينافيه حديث «كل مولود يولد على الفطرة» لأن المولود في عالم الملكوت متلبسًا بالقوة الملكية، وبعد الولادة يغلب عليه التلبس بالقوة البهيمية، فلما كان عند الولادة قريب العهد بالملكوتية كان الغالب عليه القوة، فإن كان فائزًا قبل ذلك بإلقاء النور أي بغلبة القوة الملكية اهتدى، وإلا فأبواه يهودانه أو ينصرانه، انتهى مختصرًا. وقال القاري: إن الله خلق الثقلين لا الملائكة في ظلمة النفس الأمارة المجهولة بالشهوات فمن أصاب من نور الإيمان والمعرفة اهتدى ومن لا فلا، وقيل: المراد بالنور الملقى إليهم ما نصب من الشواهد والحجج، وما أنزل إليهم من الآيات والنذر، وقيل: المراد بالظلمة كالحسد والحرص وغيرهما من الأخلاق الذميمة، وبالنور التوفيق والهداية، وقيل: المراد بالظلمة الجهالة، وبالنور المعرفة، إلى آخر ما بسطه.