الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبواب الفرائض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[باب ما جاء في ميراث بنت الابن مع بنت الصلب]
قوله [فقالا للأبنة النصف] لما ورد في (1) آية الميراث صراحة [وللأخت من الأب والأم ما بقى] لما ورد (2) في آية الكلالة، والابنة خرجت بعد أخذ حقها من البين فكأنها لم تكن ولا بقية بعد النصفين حتى تأخذها ابنة الابن مع أنها ليس لها في القرآن ذكر، ولما كانا استخرجا هذا الحكم بنص القرآن علمًا أن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يوافقهما يقينًا ولا يخالفهما لكن أمراه بالحضور عنده لكونه أعلمهم وأفقههم قوله [قد ضللت إذًا] لكوني خالفت القرآن، وقد فهمت منه ما فهمت وعلمت من (3) قضائه صلى الله عليه وسلم ما علمت، وأما هما فلما كانا أخطأ في الاجتهاد لم يكونا خاطئين.
[باب في ميراث الإخوة من الأب والأم]
قوله [من بعد وصية] وإنما قدمه في الآية لأن الدين قد يعلمه الورثة كلهم أو أكثرهم بخلاف الوصية، والدين
(1) في قوله عز اسمه ((وإن كانت واحدة فلها النصف)).
(2)
في قوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} وخروج البنت محتمل لما أفاده الشيخ أو حملا قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} على الذكر فإن العرب أكثر ما يستعمله في الذكر.
(3)
قال الحافظ: في رواية الدارقطني عن عبد الرحمن بن مروان فقال ابن مسعود: كيف أقول يعني مثل قول أبي موسى وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره، انتهى.
حق مستحق يأخذه الدائن كيف أمكن بخلاف الموصي له، ولأن الدين كثيرًا ما يكون الشيء الذي أخذه الميت دليلاً عليه بخلاف الوصية، فبهذه الوجوه قدمت الوصية اعتناءًا بأمرها لا لتقدمها على الدين، ولفظة أو في الآية بمعنى الواو فإنهما أي الوصية والدين قد يجتمعان وقد لا يجتمعان.
قوله [وإن أعيان بني الأم] هذا دفع لشبهة أخرى وهو أنهم كانوا لا يعدون بالنساء قرابة وقد ورد لفظ الإخوة في آية الميراث مطلقًا فلا يتوهم بذلك إلغاء الأم (1) حتى يسوي بين العين والعلاتي، بل أعيان بني الأم مقدمون على بني العلات لقوة قرابة الأولين نسبة إلى الآخرين، وهذا إذا اجتمعت الفرقتان وأما إذا انفرد بنو العلات فلا ريب أنهم يأخذون. قوله [كيف أقسم مالي بين ولدي] المراد بذلك الأخوات (2) فإن لفظ الولد قد يطلق على غير الولد من الصغار.
(1) ففي السراجي: ثم يرجحون بقوة القرابة أعني به أن ذا القرابتين أولى من ذي قرابة واحدة ذكرًا كان أو أنثى لقوله صلى الله عليه وسلم: إن أعيان بني الأم الحديث. قال القارئ: أي الإخوة والأخوات لأب واحد وأم واحدة من عين الشيء وهو النفيس منه. وقال بعض المحققين: أعيان القوم أشرافهم، وذكر الأم ههنا لبيان ما يترجح به بنو الأعيان على بني العلات وهم أولاد الرجل من نسبة شتى، سميت علات لأن الزوج قد عل من المتأخرة بعد ما نهل من الأولى، والمعنى أن بني الأعيان إذا اجتمعوا مع بني العلات فالميراث لبني الأعيان لقوة القرابة وازدواج الوصلة.
(2)
وذلك لأن جابرًا لم يكن له ولد إذ ذاك وكان له أخوات، جزم به الحافظ وغيره من شراح الحديث، ولذا قالوا إن قوله: نزلت يوصيكم الله وهم. قال الحافظ: قيل إنه وهم في ذلك، وإن الصواب أن الآية التي نزلت في قصة جابر هذه الآية الأخيرة من النساء وهي {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} لأن جابرًا يومئذ لم يكن له ولد ولا والد، انتهى. وفي رواية لأبي داؤد اشتكيت وعندي سبع أخوات فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، الحديث.
قوله [فنزلت يوصيكم الله] ليس (1) المراد نزولها بفور تلك القضية نفسها، بل المراد نزولها في أمثال هذه، وعلى هذا فلا يضر نزول الآية قبل تلك الوقعة أو بعدها بتراخ، ثم ذكر الآية استطراد إذ ليس فيها من ذكر الكلالة ما يفيد ههنا.
قوله [فصب علي من وضوئه] الظاهر (2) أنه غسالته ويمكن أن يكون فضالته.
(1) اضطر الشيخ إلى هذا التوجيه لما قالوا إن الحديث وهم بوجهين: الأول ما تقدم قريبًا أن جابرًا لم يكن له ولد إذ ذاك فكيف يناسبه قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} الآية، والثاني لما قاله الحافظ: أخرج أحمد وأصحاب السنن وصححه الحاكم من طريق ابن عقيل عن جابر قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع، الحديث: وفي آخره فنزلت آية الميراث فأرسل إلى عمهما فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين الحديث. قال: وبه احتج من قال إنها لم تنزل في قصة جابر إنما نزلت في قصة ابنتي سعد بن الربيع، وليس ذلك بلازم إذ لا مانع أن ننزل في الأمرين معًا، ويحتمل أن يكون نزول أولها في قصة البنتين وآخرها وهي قوله:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} في قصة جابر، ويكون مراد جابر فنزلت يوصيكم الله في أولادكم أي ذكر الكلالة المتصل بهذه الآية، انتهى. وقال أيضًا في موضع آخر: أما قول البخاري في الترجمة قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} ، أشار به إلى أن مراد جابر من آية الميراث قوله:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} انتهى.
(2)
وبه جزم الحافظ في الفتح إذ قال: بينت في الطهارة الرد على من زعم أنه رش عليه من الذي فضل، وفي الاعتصام التصريح بأنه صب عليه نفس الماء الذي توضأ به، انتهى. ثم يشكل على هذا الحديث بأنه يخالف الحديث المتقدم في تعيين الآية ففي الأول آية الميراث وههنا قوله تعالى {يَسْتَفْتُونَك} ، الآية. وأجاب عنه الشيخ في البذل فأرجع إليه.